سمعنا جميعاً عن قصص تحكي عن بعض القضايا الغريبة التي تجعلنا نفكر في السبب الذي جعل صاحبها يصل بها إلى المحكمة من الأساس، سواء بسبب غرابتها، أو عدم أهميتها، أو لأنه لم تصل أي شكوى شبيهة بها إلى المحكمة من قبل.
تذكرنا هذه القضايا بأن الحقيقة ربما تكون أغرب من الخيال، وهذا ما حصل مع عدة أشخاص ومؤسسات، الذين وجدوا أنفسهم مضطرين لدفع تعويضات مالية ضخمة، من أجل شيء لم يفكروا في عواقبه أبداً.
أغرب القضايا.. زوجها لا يستحمّ فقررت رفع دعوى ضده
أول قصة من تركيا، ومع بداية سنة 2024، ربحت سيدة دعوى ضد زوجها في محكمة الأسرة بالعاصمة أنقرة، مطالبة بالطلاق، والسبب أنه مهمل لنظافته الشخصية، الشيء الذي جعل رائحته لا تطاق.
وحسب ما قالته السيدة التركية فإن زوجها يرتدي الملابس نفسها لمدة تصل إلى 5 أيام متتالية على الأقل، وإنه تنبعث منه رائحة عرق مستمرة، مشيرة إلى أنه نادراً ما يستحمّ.
وقال محامي السيدة التركية إن هناك شهوداً من معارفها، وزملاء السيد الذي قُوضي في المحكمة، الذي شهدوا ضده وأكدوا كلامها.
وإضافة إلى الطلاق حصلت السيدة على تعويض بقيمة 500 ألف ليرة تركية، وهو ما يعادل تقريباً 16,500 دولار، بسبب معاناتها من افتقار زوجها إلى النظافة الشخصية.
تعويض بالملايين لأنها سكبت القهوة على نفسها
في عام 1992، حصلت سيدة مسنة، تبلغ من العمر 79 سنة، على تعويض ضخم من ماكدونالدز، في واحدة من القضايا الغريبة، بعد أن سكبت على نفسها كوباً من القهوة على حجرها، وعانت من حروق من الدرجة الثالثة احتاجت إلى ترقيع جلد وعامين من العلاج الطبي.
وقد رفعت السيدة ستيلا ليبيك دعوى قضائية بعد أن كانت قد عرضت تسوية القضية مع ماكدونالدز مقابل الحصول على 20 ألف دولار، لتغطية تكاليف العلاج والدخل الذي خسرته. لكن ماكدونالدز عرضت 800 دولار فقط.
وبعد أسبوع من المحاكمة، فازت ستيلا، بعد أن ارتأت هيئة المحلفين المكونة من 12 شخصاً أن ماكدونالدز مسؤولة عن 80% من الخطأ الذي تسبب في إصاباتها، ومنحت المرأة 200 ألف دولار تعويضاً عن الأضرار و2.7 مليون دولار مقابل التعويضات التأديبية.
لكن خفض قاضي المحكمة التعويضات التأديبية لاحقاً إلى 480 ألف دولار، واتفق الطرفان على تسوية القضية مقابل حصولها على مبلغ لم يُكشف عنه بعد ذلك.
وحسب التفاصيل، فإن القهوة التي قدمت للسيدة كانت ساخنة بدرجة خطيرة، إذ بلغت درجة حرارتها 82.2 إلى 87.8 درجة مئوية، وأنها يُحتمل أن تسبب إصابات خطيرة بدرجة أكبر من أي قهوة تقدم في أماكن أخرى، الشيء الذي يجعلها غير قابلة للاستهلاك عند بيعها مباشرة، لأنها تسبب حروقاً خطيرة إذا سُكبت أو شُربت.
دعوى قضائية من قرد تُوقع مصوراً في ورطة!
الحيوانات أيضاً ترفع القضايا، وهي من أغرب ما يمكن أن تسمع عنه، إذ رفع قرد يُدعى ناروتو دعوى قضائية لانتهاك حقوق الملكية، بسبب صورة سيلفي التقطها لنفسه على كاميرا غير مراقبة تخص أحد المصورين الفوتوغرافيين المهتمين بالحياة البرية.
وذلك بعد أن نشر المصور ديفيد سلاتر، والشركة الناشرة، Wildlife Personalities Ltd، صور السيلفي التي التقطها القرد في كتاب لهم، الشيء الذي جعل القضية تحظى باهتمام كبير، وأثارت معها تساؤلات قانونية مثيرة للاهتمام.
وقد منحت المحكمة في بداية الأمر المدعى عليه الحق في رفض الدعوى، لأنها لست من القضايا المهمة، وحكمت بأن القرد ناروتو يفتقر إلى الصفة القانونية، بموجب المادة 3 من دستور الولايات المتحدة وقانون حقوق الملكية، أي أنه لا يجب أن يكون من بين رافعي القضايا في المحاكم.
لكن محكمة الاستئناف بالدائرة التاسعة أكدت على صفة ناروتو بموجب المادة 3، وذكرت أن الشكوى احتوت على حقائق تكفي لإثبات أن ناروتو كان مؤلف ومالك الصور، وأنه عانى من ضرر اقتصادي.
ورغم ذلك ارتأت المحكمة أن ناروتو يفتقد إلى الوضع القانوني، لأن قانون حقوق الملكية لا يصرح للحيوانات بأن تتقدم بدعاوى قضائية لانتهاك حقوق الملكية.
انتهت القضية باتفاق تسوية بين سلاتر ومنظمة PETA، التي تمثل ناروتو، حيث وافق سلاتر على التبرع بـ25% من العائدات المستقبلية لاستخدام صور السيلفي إلى الجمعيات الخيرية التي تحمي الحياة البرية.
رفضت الدائرة التاسعة إسقاط الدعوى، وذكرت أن أي قرار سيكون مفيداً للمحاكم الأدنى في معالجة جانب متطور في حقل القانون.
أخفت حقيقة منزلها المسكون وكانت النتيجة ضدها
قضية أخرى تحكي أنه بعد أن أبرم السيد جيفري ستامبوفسكي عقداً لشراء منزل من السيدة هيلين أكلي، في بلدة ناياك بولاية نيويورك الأمريكية، اكتشف أنه منزل مسكون.
وبسبب شعوره بأنه تعرض للخداع حاول ستامبوفسكي إلغاء العقد واستعادة المبلغ الذي دفعه، بحجة أن أكلي كان من واجبها أن تكشف له عن حقيقة المنزل المسكون الذي باعته.
وقد تقدم بدعوى للمحكمة، التي حكمت لصالحه، وذكرت أن أكلي كان عليها أن تكشف عن حالة المنزل، وضعت المحكمة في عين الاعتبار سمعة المنزل بأنه منزلٌ مسكونٌ، والحقيقة التي تشير إلى أن أكلي روجت لحالة المنزل المسكون في المقابلات التي أجرتها مع وسائل الإعلام.
كان قرار المحكمة مستنداً إلى مبدأ "ليحترس المشتري"، الذي يعد القاعدة العامة في معاملات العقارات.
لكن المحكمة ارتأت أن حالة المنزل المسكون كانت فريدة، وأن الحقيقة المادية قد تؤثر على قيمة العقار، ومن ثم قضت بأن أكلي كانت ملزمةً بالكشف عن هذه المعلومة للزبون.
رسالة نصية خلال موعد غرامي قادتها للمحكمة
في سنة 2017، أصبحت قضية فيزمار ضد كروز محتلة عناوين الأخبار الرئيسية كونها من بين أهم القضايا الغريبة، عندما قاضى رجل المرأة التي كان يواعدها، لأنها كانت ترسل رسالة نصية أثناء مشاهدة فيلم معاً.
وقال المشتكي، ويدعى براندون فيزمار، إن المرأة التي واعدها، وتدعى كريستال كروز، كانت ترسل رسالةً نصيةً باستخدام هاتفها أثناء موعد لمشاهدة فيلم، وهو ما اعتبره أمراً مُشتتاً.
وقد طلب فيزمار من كريستال أن تتوقف عن كتابة الرسائل النصية، لكنها رفضت، ومن ثم قرر مقاضاتها على تكلفة تذكرة الفيلم، التي بلغت 17.31 دولار، بعد أن شعر أن هذه من بين القضايا التي يجب أن تفصل فيها المحكمة.
وسرعان ما جذبت القضية الاهتمام على وسائل التواصل الاجتماعي وفي المنصات الإخبارية، عندما سخر كثيرون من فيزمار بسبب ما ارتأوا أنها دعوى قضائية تافهة.
لكن مع كل هذا رفض القاضي دعوى فيزمار، لأنه لا يستوفي الحد الأدنى للأضرار التي تستوجب إقامة دعوى قضائية في محكمة الدعاوى الصغيرة.
ورغم ذلك ظلت القضية من القضايا التي تثير حالةً من الجدل والنقاش حول وقائع الدعوى، وحول القضية الأوسع المتعلقة بإرسال الرسائل النصية في دور السينما.
بنطال الـ54 مليون دولار الذي أحرج صاحبه أمام المحكمة
هذه القضية تُعرف باسم قضية "بنطال الـ54 مليون دولار"، وحظيت باهتمام دولي وضربت مثالاً على القضايا التافهة والحاجة إلى إصلاح الضرر في الولايات المتحدة.
إذ قاضى روي بيرسون، الذي كان قاضي قانون إداري في ذلك الوقت، مؤسسة الغسيل الجاف المحلية في منطقته، بسبب الأضرار التي تعرَّض لها بعد أن أضاعوا بنطاله حسبما زعم.
وذهبت القضية إلى المحكمة، في 12 يونيو/حزيران 2007، حيث مثل بيرسون نفسه، وجادل بأن عمال التنظيف الجاف فشلوا في الوفاء بخدمة "التسليم في نفس اليوم"، و"ضمان الإرضاء" الذي تعهدوا به.
وفي نهاية المطاف حكم قاضي المحكمة العليا لصالح عمال التنظيف الجاف، ووُصفت القضية على نطاق واسع بأنها دعوى قضائية تافهة، بسبب افتقارها إلى الدعم القانوني أو الوقائعي. واعتُبر أن مطالبة بيرسون بتعويض قدره 54 مليون دولار مقابل أضرار فقدان البنطال كانت مبالغة وبدون أساس.
التعليمات مضللة: زيونة تقاضي شركة أغذية
في قضية غريبة أخرى، تقدمت المدعية، واسمها أماندا راميريز، بشكوى ضد شركة كرافت هاينز للأغذية، وزعمت أن الشركة روّجت بالخطأ في إعلان منتج معكرونة وصوص جبن داخل وعاء صالح للاستخدام في أفران المايكروويف، بأن المنتج يكون جاهزاً في غضون "ثلاث دقائق ونصف".
وأشارت أمندا إلى أن هذه التعليمات غير حقيقية، لأنها لم تأخذ في الحسبان المدة المستغرقة في نزع الغطاء، وإضافة صوص الجبن، والمياه، والتقليب.
وادعت أنها لو علمت أن التحضير سوف يستغرق وقتاً أطول من الوقت المذكور ما اشترت المنتج على الإطلاق.
جادلت أماندا بأن التعبئة والتغليف شكّلا إعلاناً كاذباً وانتهاكاً لقانون الممارسات التجارية الخادعة وغير العادلة لولاية فلوريدا، وطلبت بأن تمنع شركة كرافت إعلانها الخادع، وأن تحصل على تعويض عقابي بقيمة 5 ملايين دولار.
ورغم ذلك، في 27 يوليو/تموز 2023، رفضت المحكمة شكوى أماندا لإخفاقها في تقديم دعوى تقبل البت فيها، وحكم القاضي بأن أماندا لم تقدم ما يكفي من الأدلة التي تدعم ادّعاءها، وأن الوصف يمكن أن يضلل أي مستهلك عاقل.
ذكر القاضي أيضاً أن أماندا لم تعانِ من أي ضرر فعلي من عملية شراء المنتج، ومن ثم لم تكن ذات أهلية تسمح لها برفع الدعوى، لتكون من بين القضايا التي تستحق إهتمام فعلي.