كشف موقع Ynet الإسرائيلي عن تكبد وحدة دوفدفان في جيش الاحتلال الإسرائيلي خسائر غير مسبوقة خلال المعارك الأخيرة في قطاع غزة. الوحدة، المعروفة باسم "رأس الحربة" و"نخبة النخبة"، فقدت 10 من جنودها، بينهم ضابط، خلال المعارك الأخيرة على غزة منذ انطلاقها بعد طوفان الأقصى.
يُعتبر اللواء كوماندوز "دوفدوفان" من القوات الخاصة في جيش الاحتلال، وقد شارك في المعارك الصعبة خلال عملية "السيوف الحديدية". من بين الضحايا، الرقيب ألمانو إيمانويل فالكا، واللواء لياف إيلوش، والرقيب الرائد إيتان نيه، الذين قتلوا في خان يونس وغزة.
هؤلاء المقاتلون، الذين فقدوا في خطوط المواجهة، يعتبرون حسب الوزير هيلي تروبر، من الجنود الأماميين للجيش الإسرائيلي.
وحدة "دوفدفان" تُعَدُّ رأس الحربة في جيش الاحتلال الإسرائيلي، حيث يقوم مقاتلوها بمهاجمة المقاومة الفلسطينية منذ نحو 4 عقود، فيما حصلت هذه الوحدة على العديد من الأوسمة وشارات الشرف على مر السنوات، والتي تعود إلى عدة حروب خاضتها في فلسطين.
في العام الماضي، فازت الوحدة بجائزة "بيزاليش ألوف" عن جهودها في عملية "كسر الأمواج" في جنين ومخيمها، كما حازت جائزة رئيس الوزراء للنشاط الخاص. تشهد الإحصائيات أن لواء كوماندوز "دوفدفان" فقد 18 من أفراده منذ تأسيسه قبل نحو 38 عاماً حتى اليوم الأول لحرب "السيوف الحديدية".
ومع ذلك، شهدت تغييرات حادة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، حيث فقدت الوحدة 10 من مقاتليها، وتعتبر أكثر الحروب التي خسر فيها اللواء جنوده فيها.
ما هي وحدة دوفدفان؟
عندما شغل إيهود باراك منصب قائد اللواء الأوسط في جيش الاحتلال في يونيو/حزيران 1986، أسس وحدة دوفدفان، المعروفة أيضاً بالوحدة رقم 2017. جاء تأسيس هذه الوحدة قبل أشهر من اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى، المعروفة بانتفاضة الحجارة.
تُعد وحدة دوفدفان وحدة خاصة مكلفة بمكافحة ما يسميه الاحتلال بالإرهاب، تابعة للجيش، وتشمل أفراداً ينفذون مهاماً عسكرية وأمنية خاصة بعدد يقدر بالمئات سنوياً.
تشارك شرطة "حرس الحدود" في تعزيز هذه الوحدة بالعديد من العناصر، وتعمل تلك العناصر داخل التجمعات السكانية الفلسطينية؛ لذا، يجب أن يكون أفرادها من ذوي الملامح الشرقية لتجنب إثارة الشكوك خلال تنفيذهم للمهام المختلفة.
الوحدة تستند إلى خبراء في فنون الماكياج والتخفي ليتنكر أعضاؤها بشكل فعال، تهتم الوحدة بشكل خاص بالتنكر بزي تجار خضار فلسطينيين، حيث يرتدون اللباس الشعبي الفلسطيني، ويتنقلون في سيارات شائعة في فلسطين، مثل مرسيدس، كما يقومون بالتنكر في سياق حياتهم اليومية.
تقوم الوحدة بجمع المعلومات الاستخباراتية وتنفيذ عمليات دهم واعتقال خاصة في أنحاء الضفة المحتلة، وتُكلف بأهم المهام، وهي تنفيذ عمليات اغتيال وإحباط أية هجمات أو عمليات فلسطينية مسلحة.
كان وجود هذه الوحدة سرياً حتى عام 1988، عندما كشف صحفيون عن وجودها ووصفوها بوحدة الاغتيالات التابعة لجيش الاحتلال، ما أدى إلى تجميد بطاقات اعتماد الصحفيين الذين قاموا بالكشف عنها في إسرائيل.
لواء إسرائيلي متخفٍّ في زي عربي
على الرغم من نفي جيش الاحتلال لوجود وحدة اغتيالات وتصفيات، إلا أن الأحداث تكشف عن حقائق مغايرة. تواصلت سلسلة الجرائم التي ارتكبها أفراد وحدة دوفدفان، مع استهدافهم نشطاء ومحاصرتهم، وإطلاق النار عليهم بهدف تصفيتهم جسدياً، ما أكد وجود هذه الوحدة السرية.
بالإضافة إلى ذلك، تشير التقارير إلى وحدة "شمشوم"، وكانت هناك إشارات لهما باعتبارهما وحدتين للمستعربين، إذ تظهر الأساليب التكتيكية المستخدمة، حيث كان أفراد الوحدتين يقومون بمصادرة مركبات ذات لوحات ترخيص فلسطينية، ويتنكرون بزي عربي، كما يرتدون الكوفية الفلسطينية فيما يتلثمون بها.
كان ذلك بهدف اختراق البلدات الفلسطينية والتظاهرات المناهضة للاحتلال. بعد ذلك، يترجلون من السيارات لملاحقة الناشطين وإدراجهم في سجل التصفيات.
تشكلت الوحدة بأوامر من رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق إيهود باراك، عندما كان قائداً للمنطقة الوسطى في جيش الاحتلال. يأتي هذا في سياق فشل الاحتلال في القضاء على الانتفاضة الفلسطينية في العامين الأول والثاني، وتزايد الإحباط الإسرائيلي بسبب التأييد العالمي للانتفاضة.
يُشير السياق السياسي والعسكري إلى تطور الاستراتيجيات الإسرائيلية في مواجهة الحركة الفلسطينية والتظاهرات المناهضة للاحتلال.
وحدة دوفدفان.. الاعتقال والاغتيال
تعززت وحدة دوفدفان بشكل كبير بعد توقيع اتفاقيات أوسلو وانسحاب جيش الاحتلال من مراكز المدن والبلدات الفلسطينية. أصبحت الوحدة معروفة بتنفيذ عمليات الدهم والاعتقال والاغتيال، خاصةً لكبار قادة الفصائل الفلسطينية في مختلف مناطق الضفة الغربية.
تحوّلت الوحدة إلى ركيزة أساسية مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في سبتمبر/أيلول 2000، حيث أصبحت واحدة من أهم وحدات الكوماندوز في المناطق الفلسطينية.
شاركت الوحدة في عمليات خارج الضفة، بما في ذلك مشاركتها لأول مرة في قلب قطاع غزة خلال حرب 2008 و2009 وفي الحروب التي تلتها، خاصةً في حرب "الرصاص المصبوب" عام 2014.
في 7 يوليو/تموز 2015، قرر رئيس الأركان غادي آيزنكوت إقامة لواء كوماندوز جديد يضم وحدات متخصصة من بينها وحدتا دوفدفان وماجلان، بهدف تعزيز التعاون والاستخدام المشترك للوحدات في حالات الطوارئ.
تشكل وحدة ماجلان جزءاً من اللواء الجديد، وتتخذ من تدمير الأهداف النوعية في أعماق الميدان مهمتها الرئيسية. أما وحدة دوفدفان، فتعتبر وحدة مستعربين تنشط في الضفة الغربية. بالنسبة لوحدة أغور، تتبع للواء غولاني وتهتم بمحاربة العصابات، حيث تشكلت في بداية التسعينيات للقتال ضد حزب الله اللبناني. أما وحدة ريمون فتختص بالقتال في المناطق الصحراوية.
حصدت الوحدة مئات الجوائز والأوسمة على أدائها البارع في عملياتها الخاصة والسرية، ورغم ذلك، لم يتم الكشف أبداً عن أسماء أفرادها والعاملين في صفوفها، ما يظهر التزامها بالسرية والتحدي الذي تتعامل معه في أداء مهامها.
اغتيالات خارج فلسطين
باراك هو الذي أسس وحدة القتل والتصفيات بناءً على نموذج وحدة "سرية الأركان" التي قادها أثناء خدمته العسكرية، وكان لها تاريخ حافل بتنفيذ عمليات الاغتيال في العمق العربي، بما في ذلك عملية "فردان" في قلب بيروت.
هذه العملية أسفرت عن اغتيال الشخصيات البارزة كمال ناصر وكمال عدوان ويوسف النجار. خلال مراحل تأسيس وحدة دوفدفان، استعان باراك بمتطوعين من مختلف وحدات الجيش، خصوصاً من أصول شرقية وعرب يجيدون اللغة العربية ولهجاتها المحلية في فلسطين.
تلقى أعضاء الوحدة تدريبات خاصة من قبل عناصر من جهاز المخابرات الإسرائيلي الذي كان يعرف حينها باسم "الشين بيت"، وأصبح يُعرف اليوم باسم "الشاباك".
ظلت عمليات الوحدة محاطة بالغموض، ولكن أعداد الناشطين الميدانيين الذين قتلتهم الوحدة زادت بشكل كبير في العام الثالث للانتفاضة. تم توثيق قتل شهداء في منطقة طولكرم، في ملعب كرة القدم، حيث اغتالت عناصر من الوحدة الشهيد جمال رشيد غانم.
ثم توالت عمليات الاغتيال لعناصر مجموعة الفهد الأسود في منطقة جنين، مع اغتيال قائد المجموعة آنذاك محمود الزرعيني، والشهيدين أمير الرحال ومهدي أبو الحسن. وقامت وحدة دوفدفان بتنفيذ عمليات تصفية مماثلة ضد عناصر صقور الفتح في قطاع غزة.
وحدة دوفدفان والعمليات العسكرية
في 6 أغسطس/آب 2000، حاولت وحدة دوفدفان اغتيال محمود أبو هنود، قائد كتائب الشهيد عز الدين القسام في شمال الضفة. تكتسب هذه العملية أهمية بسبب فشلها الكبير، حيث أدت إلى مقتل 3 جنود إسرائيليين ونجاة القائد الفلسطيني.
أما في أغسطس/آب 2002، اقتحمت وحدة من المستعربين الحي الغربي من مدينة طولكرم بالضفة، ما أسفر عن استشهاد عدة فلسطينيين وإصابة آخرين.
في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2004، أطلقت فرقة من المستعربين النار على 4 شبان فلسطينيين كانوا يستقلون سيارة في مدينة جنين، ما أسفر عن استشهاد 2 منهم من كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح.
في عام 2013، كشف سكان بلدة طمون عن أعضاء من القوة الإسرائيلية الخاصة أثناء تخفيهم بزي تجار خضراوات. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2015، اعتقل مستعربون شاباً فلسطينياً واقتادوه إلى مكان مجهول بعد مواجهات في بيت لحم.
تاريخياً، قامت وحدات المستعربين بعدد كبير من العمليات خلال الانتفاضتين الأولى والثانية، حيث نفذت 54 عملية اغتيال خلال الانتفاضة الأولى، و74 عملية اغتيال أخرى خلال الانتفاضة الثانية 2000 إلى 2005، وهو ما أظهرته دراسة فلسطينية.
الحرب الأخيرة على غزة، والتي انطلقت بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول، تعتبر الأقوى على وحدة دوفدفان؛ إذ قتل 10 جنود منها من بينهم ضابط، وهي أكبر المعارك التي تسببت في خسارة عدد كبير من جنوده.
اقتحام مقر ياسر عرفات
في اقتحام مقر الرئيس ياسر عرفات في رام الله، كانت وحدة دوفدفان تقود الهجوم تحت قيادة العميد نداف بدان. بعد انتهاء عدوان السور الواقي في عام 2004، اتخذت الوحدة دوراً أكثر بروزاً في الاقتحامات والعمليات العينية القصيرة.
جاء ذلك بقرار من قيادة الجيش والحكومة بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من المدن الفلسطينية. عادت حكومة الاحتلال لتنفيذ عمليات اغتيال واعتقالات عينية بواسطة قوات وحدة دوفدفان لتجنب الانتقادات العالمية.
مع بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في عام 2008، المعروف بالرصاص المصبوب، شاركت قوات دوفدفان للمرة الأولى في العمليات. كان العميد في الجيش عوفر فينتور هو القائد في هذه الفترة، والذي أصبح معروفاً لاحقاً عندما شن عدواناً آخر في عام 2014. في معارك رفح، نجحت المقاومة الفلسطينية في اختطاف الجنديين الإسرائيليين هدار غولدن وأورون شاؤول.