تشكل القنابل غير الموجهة، أو ما تسمى "القنابل الغبية"، ما يقرب من نصف الذخائر التي يستخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قصفه الجوي لقطاع غزة منذ أكثر من شهرين وحتى اليوم.
هذا الاستهداف والقصف الجوي العنيف أسفر حتى الآن عما يزيد عن 18 ألف شهيد، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، إضافة لعشرات الآلاف من الإصابات.
ووفقاً لتقرير شبكة (CNN) نقلاً عن مصدر معلومات استخباراتية أمريكية، تراوح ما بين 40% إلى 45% من القنابل الملقاة على القطاع، من الـ29 ألف قنبلة التي أسقطتها القوات الجوية الإسرائيلية من القنابل غير الموجهة، في حين كانت البقية موجهة بدقة.
وهي التصريحات التي أثارت الكثير من الجدل والاستنكار العالمي، إذ يمكنها أن تكون السبب الرئيسي وراء سقوط الأعداد الهائلة من الضحايا والمدنيين في مناطق تُعد هي الأكثر كثافة سكانياً من حول العالم.. فما هي إذاً هذه القنابل الغبية ولماذا تمت تسميتها بهذا الاسم؟
سبب تسمية "القنابل الغبية" بهذا الاسم
القنابل الغبية هي ببساطة الأسلحة غير الموجهة المستخدمة في الصراعات والحروب. هذه الأسلحة لا تحتوي على أنظمة توجيه داخلية أو أدوات لتحسين هدفها، بل تتبع بشكل عام المسار الذي تم إسقاطها فيه.
علاوة على ذلك فهي لديها القدرة على إحداث دمار كبير يتجاوز المنطقة المستهدفة المقصودة، ما يعني أنها غير دقيقة بالشكل الكافي الذي يضمن عدم تسببها في إسقاط ضحايا جانبيين عن أي استهداف.
نوعيات أقدم وأقل كلفة من القنابل الموجهة
وبالنسبة لدواعي استخدامها، يوضح الخبراء أن الأمر يتعلق بشكل أساسي بتقليص كلفة الحرب. ويوضح ستيف جانيارد، في تصريح صحفي لشبكة (ABC News) الأمريكية، وهو مسؤول سابق في وزارة الخارجية الأمريكية، وطيار مقاتل في مشاة البحرية إن "الأسلحة الدقيقة باهظة الثمن وقليلة المعروض مقارنة بالقنابل الغبية".
نوع القنبلة الذي شوهد في بعض صور سلاح الجو الإسرائيلي كان من طراز M117 الذي يبلغ وزنه 750 رطلاً، وهو سلاح دخل الخدمة لأول مرة في الخمسينيات.
ويُعد استخدام مثل هذه الأسلحة المدمرة، إلى جانب ما كشفه الجيش الإسرائيلي عن أنه يعتمد فقط على نظام ذكاء اصطناعي لتحديد المكان الذي يجب أن يقصفه في غزة، قد اعتبره بعض المراقبين مدعاة للقلق. لأن هذا النظام يأتي جزءاً من عملية تُعرف باسم "مصنع الأهداف"، والتي أدت إلى زيادة عدد مواقع الضربات بنسبة تزيد عن 70.000% منذ أن بدأ الاحتلال استخدام هذه التقنيات لأول مرة منذ عدة سنوات.
وقالت مصادر لوسائل إعلام أمريكية إن الجيش الإسرائيلي يعرف مسبقاً عدد المدنيين الذين قد يقتلون في قصف المساكن، ويتم تحديد الضربات بناءً على تقييمات الأضرار الجانبية المحتملة.
وقال ضابط مخابرات إسرائيلي سابق لوسائل الإعلام إن نظام الاستهداف الإسرائيلي يعتبر "مصنع اغتيالات جماعية"، ويهتم بـ"الكم لا الجودة".
انتقادات بعد استخدام إسرائيل الكثيف لـ"القنابل الغبية"
إلى ذلك، تلقت إسرائيل موجة من الانتقادات بسبب الاشتباه في استخدامها للذخائر غير الموجهة منذ الأسبوع الأول من حملتها الجوية على قطاع غزة.
وفي أوائل أكتوبر/تشرين الأول، نشر الجيش الإسرائيلي صوراً ومقاطع فيديو لطائرات مقاتلة تقلع للقيام بحملات قصف بالقنابل التي وصفها الخبراء آنذاك بأنها "قنابل غبية" غير موجهة.
كما وثقت بعض الحسابات التحليلية مدى هذا الاستخدام، حيث قال أحدهم إن "القوات الجوية الإسرائيلية ربما بدأت اللجوء إلى مخزوناتها من الذخائر القديمة وغير الموجهة الأقل دقة"، في إشارة إلى زيادة استهلاك جيش الاحتلال مخزونه من الأسلحة بشكل لا يكافئ ما لديه من مخزونات من الأسلحة الحديثة.
وبالرغم من أن الجيش الإسرائيلي شارك أيضاً صوراً ومقاطع فيديو لقنابله المجهزة بذخائر الهجوم المباشر المشترك (JDAMs) وغيرها من الأسلحة الموجهة بدقة، إلا أنه حتى بعض الأسلحة الدقيقة، نظراً لحجمها حيث قد يصل وزن بعضها إلى 2000 رطل، يمكن أن يُحدث أضراراً جسيمة تتجاوز الهدف المقصود وتسبب خسائر فادحة من الضحايا والمدنيين.
وقد شكك المسؤولون والخبراء في التصريحات الإسرائيلية بأنها ملتزمة بحماية المدنيين، مشيرين إلى الدمار الواسع النطاق الذي سببته الغارات الجوية المستمرة والهجمات البرية في غزة، مما أدى إلى طمس الخط الفاصل بين ما قد تعتبره إسرائيل "أضراراً جانبية مقبولة".