أرسل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الأربعاء 6 ديسمبر/كانون الأول 2023، خطاباً موجهاً إلى مجلس الأمن بشأن غزة، وقد تطرق خطابه هذا إلى المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة لأول مرة منذ توليه رئاسته في 2017.
فما هي هذه المادة؟ لماذا نادراً ما تُستخدم؟ وما الذي تتضمنه؟ ومتى تم استخدامها آخر مرة؟
ما هي المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، وما أهميتها؟
ووفقاً للموقع الرسمي للأمم المتحدة، فإن المادة 99 من الفصل الـ15 من ميثاق الأمم المتحدة تشير إلى أن الأمين العام له الحق في أن يلفت انتباه مجلس الأمن إلى أية مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين.
ويأتي هذا الاستخدام النادر للمادة 99، التي لم تُستخدم منذ عقود، في محاولة لتسريع تحرك مجلس الأمن الدولي بشأن الحرب في غزة، وذلك بعد الفشل المتكرر في مجلس الأمن الدولي المكوّن من 15 عضواً في إصدار قرار يدعو إلى هدنة فورية.
وبحسب موقع The National، فإن الجزء الأخير من القرار (قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين) هو المهم – فالأمم المتحدة تأخذ مخاطر حدوث أزمة إقليمية كبرى على محمل الجد، إذ يخشى الخبراء أن يمتد الأمر إلى لبنان وسوريا والعراق واليمن.
وقد تمت الإشارة في نهاية خطاب غوتيريش إلى هذا الخطر قائلاً: إن الحرب لها "تداعيات محتملة لا رجعة فيها على الفلسطينيين ككل، وعلى السلام والأمن في المنطقة".
الأداة الأقوى التي يمتلكها الأمين العام للأمم المتحدة!
المادة 99 هي أقوى أداة يمتلكها الأمين العام غوتيريش من بين المواد الخمس في ميثاق الأمم المتحدة، التي تحدد مهام الأمين العام.
وعندما يستخدم الأمين العام هذه المادة، فإن ذلك يسمح له ببدء المناقشة في مجلس الأمن.
وبحسب موقع تقرير مجلس الأمن "Security Council Report"، فإن هذه المادة حولت الأمين العام من مسؤول إداري بحت، إلى مسؤول يتمتع بمسؤولية سياسية واضحة.
الهدف الأساسي من المادة 99 هو التعامل مع الحالات التي تواجه فيها ديناميكيات مجلس الأمن صعوبات في التوصل إلى اتفاق بشأن مناقشة الصراعات الناشئة.
وذلك لأن لفت انتباه المجلس إلى الحالات التي تشكل خطراً على الأمن والسلم الدوليين، من شأنه أن يدفع أعضاء المجلس إلى التركيز على دورهم في منع نشوب الصراعات.
إضافة إلى تفعيل مجموعة أدوات منصوص عليها في الفصل السابع، وهذا قد يدفع المجلس إلى اتخاذ خطوات فعالة.
الدول التي تم فيها استخدام المادة 99
نادراً ما يتم اللجوء إلى المادة 99، ويتم الاستناد إليها صراحة في كثير من الأحيان.
كانت المرة الأولى التي أدى فيها الاحتجاج الضمني بالمادة 99 إلى اتخاذ إجراء فوري من قبل المجلس على الأرجح هي رسالة همرشولد، المؤرخة في 13 يوليو/تموز 1960، والتي يطلب فيها عقد اجتماع عاجل للمجلس بشأن الكونغو التي كانت تعيش حينها عنفاً متصاعداً.
وبينما لم يشر الأمين العام حينها على وجه التحديد إلى المادة 99، فقد استخدم لغتها، عندما قال: "يجب أن ألفت انتباه مجلس الأمن إلى مسألة، في رأيي، قد تهدد صون السلم والأمن الدوليين".
وأدى الاجتماع إلى موافقة المجلس في اليوم التالي على نشر عملية عسكرية تابعة للأمم المتحدة لمساعدة حكومة الكونغو قوامها 20 ألف جندي.
وقد كافحت هذه القوة للحفاظ على النظام، بعد أن انجرفت البلاد إلى الحرب الباردة.
فيما تسبب غياب تدخل الأمم المتحدة عن أسوأ فترة عنف في تاريخ الكونغو خلال سلسلة من الحروب في التسعينيات يُعتقد أنها أسفرت عن مقتل نحو 5 ملايين شخص.
وفي الآونة الأخيرة، تم تفعيل المادة 99 من قبل الأمين العام خافيير بيريز دي كويلار، قرب نهاية الحرب الأهلية اللبنانية في عام 1989، وهو صراع أدى إلى مقتل نحو 150 ألف شخص، وتضمن غزواً إسرائيلياً واحتلالاً لجنوب لبنان.
كما كادت الأزمة أن تمتد إلى فرنسا والولايات المتحدة، عندما قتلت جماعة حزب الله ما يقرب من 300 جندي أمريكي وفرنسي بتفجيرات انتحارية في عام 1983.
وفي عام 2012، مع تكشف الأزمة في سريلانكا، تعرضت الأمم المتحدة ومجلس الأمن مرة أخرى لانتقادات بسبب فشلهما في الاستجابة بشكل مناسب.
وفي الآونة الأخيرة، في أزمة ميانمار التي تسببت بتهجير نحو 750 ألف مسلم من الروهينغا إلى بنغلاديش، كتب الأمين العام أنطونيو غوتيريش إلى أعضاء المجلس خطاباً حثهم فيه على بذل جهود متضافرة لمنع المزيد من التصعيد لأزمة لاجئي الروهينغا في ولاية راخين، داعياً المجلس إلى "الضغط من أجل ضبط النفس والهدوء لتجنب كارثة إنسانية".
ومع أنه لم يستشهد بالمادة 99، فقد اختار أن يلفت انتباه المجلس إلى الوضع، وأدى ذلك إلى أول إحاطة عامة بشأن ميانمار منذ عام 2009، حيث تحدث الأمين العام عن الإجراءات الفورية التي يتعين اتخاذها.
وعلى الرغم من أن المجلس تمكن من اعتماد بيان رئاسي بشأن ميانمار في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، فإنه ظل منقسماً بشأن اتخاذ إجراءات أقوى.
وفي يونيو/حزيران 2019، أعربت مراجعة مستقلة لعمل منظومة الأمم المتحدة في ميانمار في الفترة التي سبقت النزوح الجماعي للروهينغا عن أسفها لأن الدول الأعضاء لم تقدم للأمم المتحدة الدعم السياسي اللازم لاتخاذ إجراءات فعالة.
قائمة الحالات التي استُخدم فيها أمناء عامون للأمم المتحدة المادة 99:
- كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية عام 1950.
- لاوس وفيتنام عام 1959.
- الكونغو عام 1960.
- تونس عام 1961.
- اليمن عام 1963.
- الأزمة القبرصية عام 1974.
- الحرب الأهلية في لبنان عام 1975.
- غزو إسرائيل ولبنان عام 1978.
- أزمة رهائن السفارة الأمريكية في طهران عام 1979.
- الحرب العراقية الإيرانية عام 1980.
- الحرب في لبنان عام 1989.
- حرب إسرائيل على غزة عام 2023.
قد يهمك أيضاً.. من حروب الطوائف إلى صراع الإنجليز والعثمانيين.. أبرز المعارك التاريخية التي حصلت على أرض غزة