عند الحديث عن حركة "ناطوري كارتا" اليهودية الرافضة للصهيونية، وإقامة دولة إسرائيل على أرض فلسطين، فغالباً ما يكون الحاخام موشيه هيرش أول من يتبادر إلى الأذهان، وذلك بسبب مواقفه الداعمة لفلسطين، وعلاقته المقرّبة مع الرئيس الراحل ياسر عرفات.
إذ إنه على عكس اليهود، حاملي الجنسية الإسرائيلية، فقد كانت له عدة مواقف تدعم حق الفلسطينيين في أرضهم، خصوصاً أنه كان زعيماً للحركة اليهودية التي تتبنى نفس الموقف.
من هو الحاخام موشيه هيرش؟
وُلد زعيم حركة "ناطوري كارتا" الحاخام موشيه هيرش سنة 1931 في مدينة نيويورك الأمريكية، من أب وأم فلسطينيين من يهود البدتز، لكنه انتقل إلى فلسطين خلال فترة هجرة اليهود إليها، التي تلتها تأسيس دولة الاحتلال الإسرائيلي بعد النكبة سنة 1948.
عاش موشيه في حي "ميا شعاريم" اليهودي المتشدد في القدس المحتلة، وقد كان صهراً لمؤسس حركة "ناطوري كارتا"، التي تعني " كاتزنيل بوغين.
عُرف هيرش بمواقفه الرافضة لإقامة دولة إسرائيل، وذلك حسب ما تدعو إليه الحركة اليهودية، والتي ترى أنه لا يمكن إقامة هذه الدولة لأسباب دينية، تمنع سلب الأرض بغير حق من أصحابها، وأن إسرائيل لن تقوم إلا بأمر من الرب، بعد عودة اليهود لتطبيق شريعتهم، التي تخلّوا عنها فعاقبهم عن طريق الشتات في الأرض.
كما أنه بعد حرب سنة 1967، واحتلال كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، تمكن من خلق علاقات جيدة ووطيدة مع قادة منظمة التحرير الفلسطينية، كما أصبحت تربطه علاقة مقربة بياسر عرفات.
وزير في حكومة ياسر عرفات
تمكن موشيه هيرش من أن يتقلّد منصب قائد حركة "ناطوري كارتا"، سنة 1974، بعد وفاة القائد السابق الحاخام امرام بلو.
وبعد تأسيس السلطة الفلسطينية، وبحكم علاقته الطيبة مع ياسر عرفات، ودعمه الدائم لفلسطين، عيّنه رئيس الدولة ليكون وزير الشؤون الدينية في أول حكومة سنة 1995.
وقد كان طيلة فترة خدمته في منصبه يقوم بحظر لقاء أي قادة من إسرائيل مع منظمات التحرير، خصوصاً أنه حصل على منصب آخر، وهو مستشار الرئيس ياسر عرفات.
وفي تصريحات سابقة له، قال موشيه إن علاقته بياسر عرفات بدأت عندما كان يعيش في الخارج، وقد كان يعده دائماً بحماية المجتمع اليهودي الذي دائماً ما كان معادياً للصهيونية، ومؤيداً لحرية فلسطين من الاحتلال.
أنشطة "ناطوري كارتا" ضد الاحتلال
كانت حكومة دولة الاحتلال دائماً ما تتجاهل موشيه هيرش، والحركة اليهودية التي يقودها، معتبرين أنها غير قادرة على تغيير أي شيء، وأن صوتها مغمور بسبب أقليتهم في الأراضي المحتلة.
إلا أنهم كانوا دائماً ما يقومون بعدة أنشطة معادية للصهيونية، من بينها حرق علم إسرائيل في الأعياد الوطنية، والاحتجاج تضامناً مع الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية.
وبعد وفاة ياسر عرفات سنة 2004، وفوز حماس في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني سنة 2006، قام موشيه بإعلان ولائه للنظام الجديد، ثم زيارة مقر المجلس التشريعي في رام الله للتعبير عن دعمه الكامل لهم.
كما جاءت هذه الزيارة للتأكيد على أن أفراد هذه الحركة اليهودية هم فلسطينيون يعيشون تحت حكم دولة الاحتلال، كما هو حال عرب 48.
لكن بعد 4 سنوات من وجود حماس في المشهد السياسي الفلسطيني، وبالضبط في ت 2 مايو 2010، توفي موشيه هيرش، عن عمر يناهز 79 سنة، بعد صراع طويل مع المرض.