التعرض للوقائع المؤلمة والأحداث الكارثية يمكنه أن يغير حياة الشخص والطريقة التي ينظر بها إلى نفسه والعالم.
وفي حال النجاة من مناطق النزاع والحروب أو الكوارث الطبيعية، قد يتمكن الفرد من العيش، لكنه قد يفقد أحد حواسه الأساسية، مثل السمع أو البصر، أو يتعرض للإعاقة بعد بتر جزء أو أكثر من أطراف الجسم، الأمر الذي يترك تأثيراً ضخماً على صحة المصاب النفسية والبدنية، ويغير شكل حياته بالكامل، بما في ذلك حاجته لتلقي دعم إضافي ممن حوله.
في هذا التقرير نستعرض طرق الدعم التي يمكن تقديمها كفرد من عائلة أو أصدقاء ضحايا بتر الأطراف.
الآثار العاطفية للبتر والإعاقة
تؤثر عملية البتر بشكل كبير على حياة الشخص وحالته النفسية لعدة أسباب. أولاً، يجب على الشخص المبتور التعامل مع الإحساس بفقدان أحد الأطراف وفقدان الوظيفة المعتادة لجسمه.
كما قد يواجهون تحديات في الحركة ويحتاجون إلى الاعتماد على الآخرين حتى يتكيفوا ويستعيدوا استقلالهم.
يجب على مبتوري الأطراف أيضاً التعامل مع المشاعر المرتبطة بصورة الجسم الجديدة. تجتمع هذه العوامل لتنتج أفكاراً ومشاعر معقدة. وفقاً للمجلة الأوروبية الآسيوية للطب والتحقيق، فإن المرضى الذين يعانون من عمليات بتر الأطراف غالباً ما يعانون من انخفاض احترام الذات والخوف من المستقبل خلال عملية الشفاء. ومع ذلك، كل هذه التأثيرات العاطفية يمكن معالجتها وتحسينها بالوعي والدعم الكافي.
ضحايا الإعاقة والبتر.. الحياة لن تعود كما كانت!
بغض النظر عن السبب، فإن فقدان الأطراف يعد حدثاً ضخماً في حياة الشخص.
قد تكون هذه التجربة هي الأكثر صعوبة أو الصدمة التي يمكن أن يواجهوها في حياتهم. وبعد ذلك، يبدأون في عملية طويلة ومجهدة للتكيف مع الوضع الطبيعي الجديد.
لا تقتصر تحديات الأمر على الضحية فحسب، بل يمكن أيضاً أن يكون الأمر بمثابة اختبار صعب لمن حولهم. لذا يوضح خبراء وأخصائيو إعادة التأهيل والصحة النفسية والعقلية ضرورة اتخاذ الخطوات التالية:
أولاً: ثقف نفسك عن الأمر وأعطِ فرصة للاستماع
كما ذكرنا سابقاً، فإن فقدان أحد الأطراف هو حدث يغير الحياة بشكل جذري. لذلك فإن تثقيف نفسك على ما تبدو عليه الحياة وتحدياتها الجديدة بالنسبة لهم هو أمر جيد ومحوري عند محاولة تقديم الدعم للمصابين.
وتُعد أفضل طريقة للتثقيف عن الأمر هي القراءة والاطلاع على خبرات الآخرين، وفي الوقت المناسب، عندما يكون الشخص الذي تعرض للإعاقة جاهزاً لسؤاله عما يمر به ويشعر به ويفكر فيه. هذه هي أفضل طريقة لدعم شخص ما حقاً، توفير أذن صاغية لا تصدر الأحكام.
إدراك أن العملية تستغرق وقتاً
لا يتعافى الأشخاص بدنياً ونفسياً، ولا يقبلون فكرة الإعاقة وفقدان أحد أطرافهم بين عشية وضحاها. إذ يستغرق الأمر وقتاً – وفي كثير من الأحيان، لا تكون الرحلة في خط مستقيم من التحسُّن.
إذ قد يشعرون بالاكتئاب في يوم ما، ثم يشعرون بالرضا في اليوم التالي، قبل أن يشعروا بالاكتئاب في اليوم الذي يليه، وهلم جرا. قد يشعرون بكل هذا، وأكثر من ذلك بكثير، في يوم واحد، أو حتى في ساعة واحدة.
الرحلة تتضمن الكثير من الصعود والهبوط، ولا يمكنك أن تتوقع من شخص ما أن يتعامل مع فقدان أطرافه بالطريقة التي تعتقد أنه ينبغي عليه التعامل بها. ولا يمكن تسريع العملية.
ساعدهم على اكتشاف وضعهم الطبيعي الجديد
إذا كنت تتساءل متى ستعود الأمور إلى طبيعتها؛ لن يحدث ذلك أبداً. إذ يتعين على الشخص الذي يعاني من فقدان أطرافه في حياتك أن يؤسس وضعاً طبيعياً جديداً لنفسه.
ويعد إنشاء روتين جديد أحد أفضل الطرق التي سيتمكن بها الشخص المصاب بفقدان طرف من جسمه من التكيف مع الحياة مع البتر والطرف الاصطناعي في حال الحصول على واحد.
إذا كنت تدعم أحداً يعاني هذا الوضع الحساس، فقد تساعده من خلال وضع بعض التفاصيل الصغيرة في حياته اليومية، مثل:
- مساعدته في تعلم كيفية ارتداء ملابسه بمفرده إن أمكن.
- مساعدته على تعلم طريقة جديدة لتحقيق النظافة الشخصية إن أمكن.
- مساعدته في كيفية تناول الطعام بشكل مريح بمفرده إن أمكن.
- مساعدته على تعلم متى وكيف يمكنه الوصول إلى العمل أو المدرسة واستئناف مهام حياته المعتادة قبل البتر دون استعجال.
في حال كان طفلك هو الذي تعرض لبتر أو إعاقة
في سياق متصل، سيكون دعم طفلك الذي يعاني من الإعاقة أو بتر أحد أطرافه تحدياً مختلفاً. فيما يلي بعض الاقتراحات حول كيفية التحدث مع الطفل في تلك الحالة:
كن صادقاً: قد تميل إلى محاولة إخفاء الحقيقة بشأن الموقف والعملية التي تعرض لها الطفل. هذا ليس الوقت المناسب لإخفاء الحقيقة أو تمويهها.
كن واقعياً: ضع توقعات واقعية حول كيفية تفاعل البالغين والأطفال في دائرتك مع فقدان طفلك لأطرافه.
كن مفيداً: ساعد طفلك على تطوير استراتيجيات لكيفية التحدث مع أقرانه. لا ينبغي أن يحاول طفلك الاختباء من فقدان أطرافه. بل يمكنهم مساعدة الآخرين على فهم الطريقة التي يريدون أن يعاملوا بها.
كن إيجابياً: أنت لا تريد تجاهل مخاوف طفلك. تريد التأكد من أنه يشعر بأنه مسموع، وفي الوقت نفسه، عليك أن تكون أكبر داعم ومشجع له.
منحهم مسؤولية الاختيار
عند التعامل مع ضحايا الإعاقات والبتر، ليس عليك "المشي على قشر البيض" لتجنب قول الشيء الخطأ، خاصة إذا سألت المصاب كيف يريد التحدث عن الأمر. إذ لا توجد طريقة واحدة للتواصل تناسب الجميع، ولكن فيما يلي بعض المبادئ التي من شأنها أن تساعد في وضع حجر الأساس عند التواصل معه، وتشمل:
- السماح للشخص الذي عانى من الإصابة بإدارة المحادثة. ففي نهاية المطاف هي تجربتهم، لذا يمكنهم مساعدتك في فهم كيف ومتى تتحدث عنها.
- كن إيجابياً: استخدم الكلمات التأكيدية، وتجنب الكلمات التي تحمل دلالات جارحة.
- تجنب تصحيح مشاعر الطرف الآخر: إذا شعر الشخص الذي فقد أطرافه وتعرض للإعاقة بالحزن أو الغضب أو الارتباك وما إلى ذلك، فليس من مسؤوليتك تغيير مشاعره أو إنكارها عليه.
وفي نهاية المطاف، من الضروري معرفة أنه في بعض الأحيان قد يكون من الأفضل الاستماع فقط دون تقديم حلول عملية.
مع ضرورة الاستعانة بالجهات الطبية المتخصصة في حال عانى الشخص من آثار نفسية خطيرة، مثل الدخول في اكتئاب حاد أو المعاناة من اضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD)، حينها يمكن للطبيب المتخصص وصف العقاقير المهدئة والمضادة للاكتئاب، واستخدام علم النفس السلوكي المعرفي لبدء رحلة التعافي مع المريض.