خلال الخطاب الأخير للناطق الرسمي باسم كتائب عز الدين القسام "أبو عبيدة"، يوم الثلاثاء 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي جاء فيه أن المقاومة تمكنت من تدمير 22 آلية عسكرية حتى الآن، وذلك باستخدام عدد من العبوات الناسفة العمل الفدائي المدمرة التي توضع في الآليات الإسرائيلية.
إذ جاء ذلك بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والذي أدى إلى استشهاد قرابة 9 آلاف شخص وجرح أكثر من 22 ألف شخص آخرين في أقل من شهر على بداية الاشتباكات.
فما هي العبوات الناسفة التي تعتبر الكابوس الإسرائيلي الذي يدمر آلياتها؟ وكيف تتم صناعتها؟
ما هي العبوات الناسفة؟
حسب موقع "sciencedirect" الأمريكي فالعبوة الناسفة "improvised explosive device"، والتي تعني أداة تفجير مرتجلة، وتسمى أيضاً متفجرات الطريق، هي قنبلة محلية الصنع، وتعد من الوسائل غير التقليدية في العمل العسكري، وتصنع من المتفجرات العسكرية التقليدية مثل قذائف الهاون.
يضاف إليها بعد ذلك آلية تفجير كهربائية أو ميكانيكية بغرض التحفيز على الانفجار. تتميز هذه العبوات ببساطة تركيبها، حيث تتكون من 5 عناصر في الغالب؛ أولها مفتاح التشغيل للعبوة، ثم الصمام وهو عبارة عن بادئ الإشعال، كما تكون هناك شحنة متفجرة وبطارية تشغيل، وتوضع جميعها في حاوية.
الشحنات شديدة الانفجار قد تتضمن أجزاءً وقطعاً مضادة للأفراد مثل المسامير أو الكرات الفولاذية، وذلك لكي تتسبب في إحداث جروح غائرة عند المسافات الأكبر مقارنة بتأثيرات موجات الضغط والعصف فقط.
الشحنة المتفجرة نفسها، يمكن الحصول عليها من أي مكون عسكري، بما في ذلك المدفعية وقذائف الهاون والقنابل الجوية أو أنواع معينة من الأسمدة المحلية، مع مادة "تي إن تي" المتفجرة، أو أي شيء من هذا القبيل.
لهذا السبب تعتبر العبوات الناسفة من المعدات المرنة وسهلة التصنيع بالنسبة للمقاومة، كما أن هناك طرقاً لا حصر له لبنائها، ويمكن تطويرها لأي غرض بحسب المهمة، فتتمكن من اختراق الدروع وهدم المباني وضرب الجنود إن كانوا في فرق حرة.
كما تستخدم هذه العبوات في الكمائن على جانب الطريق، بحيث تعترض القوات المهاجمة أو خطوط إمدادها، ويكون تركيبها في المداخل أو المباني لضرب فرق الجنود، أو قد يكون تركيبها على العربات والدبابات لتدميرها.
تاريخ العبوات الناسفة
مصطلح "جهاز متفجر مرتجل" أتى من الجيش البريطاني في السبعينيات، بعد أن استخدم الجيش الجمهوري الأيرلندي "IRA" قنابل مصنوعة من الأسمدة الزراعية و SEMTEX يتم تهريبها من ليبيا لصنع أجهزة مفخخة فعالة للغاية، أو قنابل يتم التحكم فيها عن بعد.
تتنوع العبوات الناسفة بشكل كبير في التصميم، وقد تحتوي على أنواع عديدة من البادئات والصواعق والاختراقات والأحمال المتفجرة. كما تحتوي العبوات الناسفة المضادة للأفراد على تجزئة الكائنات المولدة مثل المسامير أو الكرات أو حتى الصخور الصغيرة التي تسبب الجروح على مسافات أكبر من ضغط الانفجار وحده.
يتم تفجير العبوات الناسفة بطرق مختلفة، بما في ذلك جهاز التحكم عن بعد، والمشغلات بالأشعة تحت الحمراء أو المغناطيسية، والأشرطة الحساسة للضغط أو أسلاك التعثر.
تختلف العبوات الناسفة حسب نوع المتفجرة المستخدمة وطريقة التجميع وطريقة التفجير، ولا يقتصر إلا على براعة الإنسان. أنواع العبوات الناسفة لا نهائية، ولكنها تميل عموماً إلى الوقوع في 3 فئات:
- العبوات الناسفة من نوع العبوة/الحاوية.
- عبوة ناسفة محمولة على مركبة.
- العبوات الناسفة الانتحارية.
ما هي العبوات الناسفة الخارقة للدروع؟
خلال غزو إسرائيل لقطاع غزة في عام 2014، نظمت حماس الساحة الدفاعية بعناية شديدة. نشرت أجهزة تفجير وحوّلت المناطق المدنية إلى مناطق دفاعية. واجه الجيش الإسرائيلي كمائن معدة مسبقاً. على الرغم من أن عدد الجنود الإسرائيليين الذين قتلوا لم يكن كبيراً، إلا أن هذا النهج التكتيكي أبطأ تقدم القوات الاحتلال. في النهاية، اضطرت إلى التراجع.
ومع ذلك، ما يتحدث عنه أبو عبيدة هو إضافة جديدة لنطاق الأجهزة التفجيرية التي تصنعها المقاومة ودخلت الخدمة أثناء عملية "طوفان الأقصى". هذه الأجهزة تعرف باسم "المخترقات المتفجرة"، وتمثل نمواً أكثر تعقيداً وتطوراً في هذا المجال.
عادةً ما يكون الغلاف الخارجي لهذه الأجهزة مقعراً ومصنوعاً من الفولاذ أو النحاس. هذا التقعر، من منظور فيزيائي، يركز طاقة الانفجار في اتجاه دقيق، ما يخلق تياراً من المعدن المنصهر يمكنه اختراق الدروع بسرعة تصل إلى آلاف الأمتار في الثانية الواحدة.
هذه القدرة تسمح لها بأن تخترق بعض أقوى الدروع في العالم. في العراق، على سبيل المثال، أثناء غزو قوات التحالف، نجحت هذه الأجهزة التفجيرية في اختراق المركبات المدرعة الثقيلة ودبابات أبرامز، التي تعتبر دبابات القتال الرئيسية في جيش الولايات المتحدة.
في الواقع، تم اختراع مفهوم الأجهزة التفجيرية التي تخترق الدروع لأول مرة في ألمانيا في عام 1910. ومع ذلك، استغرق الأمر قرناً كاملاً حتى وصلنا إلى النقطة التي تم فيها استخدامها كتهديد جدي لقوات التحالف خلال غزو العراق في عام 2003.
وفقاً لبعض الباحثين في هذا المجال، أصبحت هذه الأجهزة جزءاً أساسياً من وسائل الحرب الحديثة، وقد تمثلت في "أكثر الأسلحة فعالية ضد القوات النظامية" في العراق.