معبر رفح، الواقع بين مدينة رفح الفلسطينية في قطاع غزة، وشبه جزيرة سيناء في مصر، يعتبر هو البوابة الوحيدة وشريان الحياة المتبقي أمام سكان القطاع المحاصرين من كل الجهات، من أجل الخروج إلى العالم.
إذ تتم من خلال هذا المعبر جميع عمليات تنقل الفلسطينيين المقيمين في قطاع غزة إلى مصر، ثم إلى وجهاتهم المختلفة، وذلك وفقاً لاتفاقية المعابر بالشراكة بين الإدارتين الفلسطينية والمصرية، تحت إشراف الاتحاد الأوروبي.
ومع كل التقلبات السياسية والأمنية تشهدها المنطقة الحدودية، يصبح معبر رفح خاضعاً لعدة قيود تجعل عملية فتحه، أو العبور من خلاله، أو دخول المساعدات الإنسانية عن طريقه أمراً صعباً، خصوصاً خلال فترات الحروب، كما هو الحال خلال الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، بعد "طوفان الأقصى"، يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
تاريخ تشييد معبر رفح
كانت بداية تشييد معبر رفح بين قطاع غزة ومصر سنة 1967، عندما احتلت إسرائيل شبه جزيرة سيناء ومدن القطاع خلال حرب الأيام الستة، وذلك في الفترة التي كان لا يزال فيها قطاع غزة تحت الإدارة المصرية، إذ كانت عملية التأسيس تعرف حينها باسم "بوابة صلاح الدين".
لكن عملية تشييد المعبر الفعلية والرسمية، عندما أطلق عليه اسم رفح، نسبة لاسم المدينة الحدودية التي يوجد بها، كانت بعد أن تم عقد إتفاقية السلام بين إسرائيل ومصر سنة 1979 في واشنطن العاصمة بالولايات المتحدة، وانسحاب إسرائيل من شبه جزيرة سيناء سنة 1982.
كان المعبر البري في ذلك الوقت تحت إدارة هيئة المطارات الإسرائيلية من الجهة الفلسطينية، حيث كانت تشرف على جميع عمليات العبور التي تتم من خلاله، وذلك إلى غاية انسحابها من قطاع غزة وإغلاق مستوطناتها يوم 11 سبتمبر/أيلول 2005.
إذ أصبح المعبر، ولفترة قصيرة تحت مراقبة مراقبين أوروبيين، هم المكلفون بجميع عمليات الدخول والخروج التي تتم عبره.
التغيرات التي شهدها المعبر
تمت إعادة فتح معبر رفح في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2005، إذ عرف بعد ذلك حالات متكررة من التوتر والإغلاق بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية التي يشهدها قطاع غزة.
ففي يونيو/حزيران 2006، أغلقت إسرائيل المعبر بشكل شبه كامل، حتى أمام الصادرات الغذائية، بعد حادث خطف جندي إسرائيلي، إذ تم تبرير هذا الغلق لأسباب أمنية.
بينما في يونيو/حزيران 2007، تم إغلاق المعبر بشكل كامل بعد سيطرة حماس على قطاع غزة، وذلك بسبب الخلاف الحاصل مع نظام الاحتلال، حول من يتحكم في المعبر ويسيطر عليه، خصوصاً أن الأوربيين رفضوا التعامل مع حماس، الأمر الذي تسبب في بقائه مغلقاً.
ونتيجة لهذا الخلاف الحاصل، والذي تعتبر مصر جزءاً منه كذلك، أصبح معبر رفح يعرف عمليات فتح وإغلاق متعددة، وفقاً لمسار العلاقات بين الأطراف المتحكمة في المعبر.
ففي يناير/كانون الثاني 2008، هدمت جرافات مصرية الجدار الحدودي بين مصر وغزة، مما أدى إلى تدفق مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى سيناء لشراء السلع والوقود.
وبعد الثورة المصرية سنة 2011، قررت الحكومة المصرية فتح معبر رفح بشكل دائم ابتداء من 28 مايو/أيار من نفس السنة، مما أثار قلق دولة الاحتلال.
لكن بعد الانقلاب العسكري في مصر عام 2013، أعيد إغلاق المعبر بشكل تام، وفي 2014، شهد المعبر تأثيرات هجوم كرم القواديس الذي استهدف جنوداً مصريين في سيناء، وأدى إلى تشديد الإجراءات الأمنية وبناء جدار عازل مصري.
لماذا لا يتم السماح بإدخال السلع عن طريق المعبر؟
وفقاً لاتفاقية المعابر الموقعة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية عام 2005، ينحصر استخدام معبر رفح في حاملي بطاقة الهوية الفلسطينية، مع استثناء لبعض الأشخاص في بعض الحالات.
إذ تم تحويل كل حركة نقل البضائع إلى معبر كرم أبو سالم الحدودي، وهو معبر تجاري فقط، يقع بين بين الأراضي المحتلة وغزة.
وتصر تل أبيب على السيطرة على الحدود والمعابر بين قطاع غزة والعالم الخارجي، مع إبقاء سيطرتها الكاملة على مرور البضائع التجارية.
إذ تبرر سياستها هذه بأنها تهدف إلى منع تهريب الأسلحة والمواد المتفجرة إلى غزة، وذلك لدوافع أمنية ولا شيء غير ذلك.
إجراءات العبور عبر معبر رفح
تخضع حركة دخول وخروج فلسطينيي قطاع غزة عبر معبر رفح لشروط وإجراءات صارمة من قبل كل من مصر والاحتلال الإسرائيلي.
إذ إن المسافرين يحتاجون إلى تأشيرات دخول أو خروج صادرة من سلطات غزة أو رام الله، وتصاريح أمنية من جانب إسرائيل.
كما يتعرض المسافرون لفحص شديد من قبل المصالح المصرية، التي تستخدم جهازاً لكشف المتفجرات، والأسلحة.
فيما تستغرق عملية المغادرة أو الوصول إلى قطاع غزة ساعات طويلة، بسبب الإجراءات الأمنية والسياسية المتعلقة بالمعبر.
وفقاً لبعض التقارير، يمكن أن يستغرق المسافرون من 4 إلى 8 ساعات أو أكثر، للخروج من غزة أو الدخول إليها عبر المعبر.
وتتأثر مدة العبور أيضاً بالظروف الأمنية في سيناء والقطاع، وبحالة الطرق والجسور المتضررة من قصف قوات الإحتلال.
وفي بعض الأحيان، يتم إغلاق المعبر تماماً بسبب التوترات السياسية أو الأزمات الإنسانية، الشيء الذي يجعل من المستحيل التنقل خارج القطاع، وتصبح البوابة الوحيدة إلى العالم بدورها مغلقة أمام كل من حاول التوجه إليها.