لم يتمكن البشر من فهم الطبيعة بشكلٍ كاملٍ، وذلك بسبب نظامها المعقد، الذي كلما حاول الإنسان تفكيكه صنع لنفسه تعقيداً أكبر.
طيلة عقودٍ طويلة عبث فيها الإنسان بالطبيعة، لكن ذلك التدخل أفضى إلى زيادة تفاقم الطبيعة.
من رشّ جزيرة بورنيو بمبيد حشري قوي إلى قتل الفئران وصولاً إلى حروب الإيمو، إليكم 6 مرات عبث فيها الإنسان بالطبيعة وجاء ذلك بنتائج عكسية وفقاً لموقع livescience. الأمريكي:
مرات عبث فيها الإنسان بالطبيعة
1- رشّ مبيداً حشرياً تسبب في انقراض القطط في إندونيسيا
استجابةً لتفشي الملاريا في جزيرة بورنيو أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، قامت منظمة الصحة العالمية برشّ الجزيرة بمبيد حشري قوي يسمى دي دي تي. نجح هذا في القضاء على البعوض الذي يحمل المرض، فكانت إحدى مرات عبث فيها الإنسان بالطبيعة وأدت إلى الأحداث الكارثية غير المتوقعة.
لقد تبين أن هذه المادة السامة، التي لا تفرِّق بين الحشرات التي تقتلها، قتلت الدبابير التي تتغذى على اليرقات آكلة القش. وبدون الدبابير، تكاثرت اليرقات وكانت تأكل أسطح المنازل المصنوع من القش، ما أدى في النهاية إلى انهيار هياكل هذه المنازل فجأة.
ثم بدأت قطط سكان الجزيرة تموت. انتقل المبيد الحشري إلى أعلى السلسلة الغذائية، حيث تأكل زواحف أبو بريص الحشرات المسمومة وتتغذى القطط بدورها على هذه الزواحف. ومع انقراض القطط، ارتفع عدد الفئران بشكل كبير. نشرت القوارض المرض في جميع أنحاء الجزيرة، ما أدى إلى تفشي التيفوس والطاعون.
وفي عام 1960، أطلقت منظمة الصحة العالمية أخيراً عملية إسقاط القطط لوقف موجة المشاكل التي خلقتها بنفسها، وتضمنت العملية إسقاط القطط بالمظلات في بورنيو. وبينما تقول بعض التقارير إن 14 ألف قط أُسقِطت جواً في العملية الناجحة، تقول تقارير أخرى إن العدد هو 23 ألفاً.
2- حرب طائر الإيمو في أستراليا
حين عاد المحاربون الأستراليون من الحرب العالمية الأولى، منحتهم الحكومة أرضاً في غرب أستراليا للزراعة. كانت هذه الحيازات صغيرةً في البداية، ولكن عندما اجتاح الكساد الكبير البلاد في عام 1929، شجَّعت الحكومة الملاك الجدد على توسيع إنتاج القمح.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 1932، واجه المزارعون الذين كانوا يعانون بالفعل من مشكلاتٍ بسبب انخفاض أسعار القمح تهديداً آخر لسبل عيشهم. ظهرت فجأة حشود من طيور الإيمو -وهي طيور كبيرة غير قادرة على الطيران تشبه النعام وموطنها الأصلي في المناطق النائية- تدوس وتأكل المحاصيل.
وبحلول نوفمبر/تشرين الثاني، كان الضرر شديداً لدرجة أن وزير الدفاع أرسل جنوداً لشن حرب ضد طيور الإيمو.
في اليوم الأول من حرب الإيمو، كما أصبحت معروفة رسمياً، واجه الجيش قطيعاً قوامه 50 طائراً بوابلٍ من نيران البنادق الرشاشة، لكن تبيَّن أن هذه المواجهة غير فعالة إلى حد كبير. تفرقت الطيور وركضت متفادية الرصاص. وبعد ستة أيام، ومع سقوط عشرات الضحايا فقط، أصبحت الحرب قضيةً خاسرة، وعاد الجنود إلى منازلهم.
3- مكافأة لقتل الفئران تسببت في تكاثرها بفيتنام
عندما بدأت الفئران في غزو المنازل في هانوي ونشر الطاعون في عام 1902، قرر المستعمرون الفرنسيون أن الوقت قد حان لمعالجة مشكلة القوارض في المدينة، وقرروا إرسال سكان عاصمة فيتنام إلى المجاري لمطاردة الفئران، الأمر الذي أدى إلى نتائج مهمة في البداية، لكنه سرعان ما تحوّل إلى كارثة.
لتحفيز الفيتناميين على القضاء على الفئران، أعلن المسؤولون الفرنسيون مكافأةً بقيمة قرش واحد مقابل كل فأر يُقتَل، بسبب هذه المكافأة قام الفيتناميون بتربية الفئران وقتلها، وصل عدد الفئران المقتولة إلى عشرات الآلاف يومياً، لاحظ المسؤولون زيادة غريبة في الفئران عديمة الذيل التي تتجول في جميع أنحاء المدينة.
في النهاية أدرك المسؤولون أن الناس كانوا يطلقون الفئران المبتورة حتى تتمكن من التكاثر، ما يزيد من فرصة تحقيق الربح. فقاموا بإلغاء المكافأة في وقت لاحق.
تسببت الفئران الحاملة للطاعون الدبلي، التي تُرِكَت دون رادع، في تفشي المرض في عام 1906، ما أدى إلى وفاة 263 شخصاً.
4- خطأ حسابي منذ 100 عام تسبب في تقلص مستوى نهر كولورادو
يعد نهر كولورادو مصدراً مهماً للمياه لأكثر من 40 مليون شخص في سبع ولايات أمريكية. ومع ذلك، فقد تقلص بشكل كبير في العقود القليلة الماضية، ويرجع ذلك جزئياً إلى تغير المناخ وجزئياً بسبب خطأ حسابي منذ 100 عام.
في عام 1922، قامت أريزونا وكاليفورنيا وكولورادو ونيفادا ونيو مكسيكو ويوتا ووايومنغ بتقسيم إمدادات المياه لنهر كولورادو فيما بينها. لكن تقديرهم للتدفق السنوي للنهر كان مستمداً من فترة زمنية ممطرة بشكل غير عادي ولم يُعدَّل قط، ما يعني أن الولايات خصصت لنفسها كميات أكبر من المياه ما يمكن أن يوفره النهر في الأوقات العادية. على مدار قرن من الزمان، أدى هذا الخطأ إلى انخفاضٍ بنسبة 20% في تدفق نهر كولورادو وانخفاض مستويات المياه إلى مستويات قياسية في خزان سد هوفر وبحيرة باول ــأكبر خزانين للمياه في البلاد.
5- حريق للقمامة لا يزال مشتعلاً حتى الآن في بنسلفانيا
في مايو/أيار 1962، اندلع حريق في منطقة سينتراليا الصغيرة بولاية بنسلفانيا، والذي قيل إنه نشأ كحرق متعمد للقمامة في منجم مهجور. ومع انتشار النيران، حاول الناس إخمادها بالمياه عدة مرات خلال الأيام التالية، لكن من الواضح أن ذلك لم يُطفِئ النيران. استمر الحريق حتى نهاية أغسطس/آب.
تقع سينتراليا فوق متاهة من مناجم الفحم المهجورة، والتي ربما اشتعلت فيها النيران بسبب فتحة غير مغلقة في حفرة القمامة. ولا تزال الحرائق مشتعلة حتى اليوم. تخلت الحكومات الفيدرالية وحكومات الولايات عن مكافحة النيران في الثمانينيات، واختارت نقل السكان بدلاً من ذلك. وقد دمرت طبقات الفحم المشتعلة المدينة بالكامل، ما أدى إلى تحوُّل الأشجار إلى اللون الأبيض، وفتح الشقوق التي تسرب الغازات السامة. لم يتبق سوى القليل من سينتراليا باستثناء شبكة من الشوارع المهجورة وعشرات الأشخاص الذين رفضوا المغادرة. وقد تمر 250 سنة أخرى قبل أن ينفد الفحم الذي يغذي الجحيم تحت الأرض.
6- صعق الأسماك بالكهرباء بالولايات المتحدة
من أكثر المرات عبث فيها الإنسان بالطبيعة ، حين استوردت الولايات المتحدة أسماك الكارب الآسيوية في السبعينيات للحد من تكاثر الطحالب في محطات معالجة المياه وبرك تربية الأحياء المائية. لكنها سرعان ما شقت طريقها إلى الأنهار والجداول، حتى أن بعض الأنواع يمكنها القفز فوق السدود المنخفضة والتغلب على الحواجز في المجاري المائية. وبعد أن هربوا، توغلوا في غزوهم وصاروا يؤثرون على أنشطة الصيد.
انتشر سمك الكارب إلى نهر المسيسيبي وروافده، وهو على وشك الامتداد إلى البحيرات الكبرى، حيث يمكن أن يتسبب في دمار بيئي ويدمر صناعة صيد الأسماك التي تبلغ قيمتها السنوية 7 مليارات دولار. وكإجراء وقائي، أقامت فرقة المهندسين بالجيش الأمريكي حاجزاً كهربائياً تحت الماء في نظام الممر المائي في شيكاغو في عام 2013. يصعق الحاجز الأسماك عندما تسبح في اتجاه التيار، وتنجرف أجسامها الضعيفة إلى الأسفل. ورغم أنه نجح على ما يبدو في إبقاء سمك الكارب بعيداً حتى الآن، قد يسمح الحاجز للأسماك الصغيرة بالتسلل من خلاله.