إن كنتَ تعتقد أن جميع العلماء، الذين قدموا اختراعاتٍ هائلة للبشرية، كانوا بارعين في الرياضيات.. حسناً، فأنت مخطئ تماماً. وفي الواقع، نحن هنا اليوم لنخبرك أنك لستَ وحدك، ونعم؛ هناك مخترعون وعلماء كانوا فاشلين في الرياضيات.
وفي الحقيقة، هناك ما هو أكثر من ذلك، ففي ورقةٍ بحثية نُشرت بـThe New Journal Of Physics عام 2016، تبيّن أنه حتى الفيزيائيين "يخافون" قليلاً من الرياضيات.
علماء كانوا فاشلين في الرياضيات
قبل أن ننتقل إلى قائمة أشهر العلماء الذين كانوا فاشلين في الرياضيات، تعالوا ننظر إلى الأسباب الشائعة التي تجعل البعض منا يكره هذا العلم.
لعلّ السبب الأول أننا نشعر بعدم التماهي معه، لأنه علم تجريدي، كما أن معظمنا سأل نفسه: "أين ومتى سأستخدمه"؟ واطمئن، هذا طبيعي جداً؛ لأن فكرة دراسة الرياضيات تعتمد على نفسها. بمعنى أنه، إن لم نستوعب مفهوماً واحداً فقط، فسنتخلف عن اللحاق بالباقي.
فالرياضيات تتطلب الدقة والممارسة، وتستغرق وقتاً لنتعلّمها. ولعلّ أكثر ما يميّز هذا العلم أنه، إما نكرهه كثيراً فنفشل فيه، أو نحبه كثيراً حتى الهوس والنجاح. وهذه قائمة بأشهر العلماء الذين فشلوا في الرياضيات:
1- تشارلز داروين
في الحقيقة فشل تشارلز داروين في الرياضيات؛ لأنه كان يمقتها. فقد جاء في كتاب The Autobiography of Charles Darwin، ما يلي: "لقد حاولتُ مع الرياضيات أثناء الدراسة في جامعة كامبريدج، لكنني كنتُ أتقدم ببطءٍ شديد".
يوضح الكتاب أن توجيهات معلّمه لم تساعده على تحسين مهاراته في صيف 1828، فكتب مؤكداً: "كان العمل على الرياضيات بغيضاً بالنسبة لي، ويرجع السبب في الأساس إلى عجزي عن رؤية أي معانٍ للخطوات الأولى من الجبر".
لكن يُشير كتاب السيرة الذاتية إلى أن داروين ندم لاحقاً على نفاد صبره، واعتبر الأمر حماقةً كبيرة: "ندمتُ بشدة بعد سنوات، لأني لم أتقدم بما يكفي لفهم المبادئ الأساسية للرياضيات؛ لأن البارعين فيه حققوا نجاحاتٍ هائلة".
لذلك، وإن كنت تتساءل عزيز القارئ؛ فنعم، هناك علماء كانوا فاشلين في الرياضيات، وداروين أبرزهم.
2- مايكل فاراداي
يُلقب مايكل فاراداي بـ"أبو الكهرباء"، فقد بنى أول محركٍ كهربائي وأول مولدٍ كهربائي. كما أنه مخترع البالون المطاطي، وأول من وضع أسس تقنية التبريد، وأثبت وجود مجالٍ مغناطيسي للأرض.
ورغم إنجازاته، كان فاراداي يخجل من حقيقة أنه لم يحصل سوى على القليل من التعليم الرسمي، وأن مهاراته في الرياضيات كانت أقلّ من المستوى بكثير.
ففي العام 1846، قدّم مقترحاً صحيحاً يقول إن الضوء المرئي هو شكل من أشكال الإشعاع الكهرومغناطيسي، لكنّ زملاءه تجاهلوه لأنه عجز عن دعم مقترحه بدليلٍ علمي. فنُسب المقترح إلى عالم الفيزياء الاسكتلندي جيمس كليرك ماكسويل، الذي عاد ووضع المعادلات التي تدعم نظرية فاراداي بعد 18 عاماً.
3- ألبرت أينشتاين
يعتبر ألبرت أينشتاين أحد العلماء البارزين الذين لا تزال نظرياتهم تُدرّس حتى اليوم. فقد غيرت نظرية النسبية، ومعادلة العلاقة بين كتلة الطاقة، الطريقة التي ننظر بها إلى العلم.
وفي حين كان أينشتاين فيزيائياً لامعاً، كانت مهاراته في الرياضيات دون المستوى المطلوب، لا بل أكثر من ذلك. فقد اعتقد معلّمه أنه "غبي جداً ولا يمكنه تعلّم الرياضيات"، وتقرر تحوليه إلى تعلّم الأدب والعلوم.
لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك كان لصالحه. فبعد أن عانى من الرياضيات في طفولته، استخدم أينشتاين بعض الاستراتيجيات الشخصية، التي توصل من خلالها إلى بعض الحلول التي قادته إلى إثبات نظرياته.
4- ألكسندر غراهام بيل
يُمكن القول إن علاقة ألكسندر غراهام بيل مع الرياضيات كانت عبارة عن حُب وكراهية في المدرسة الثانوية.
ففي سيرته الذاتية، يقول كاتبها روبرت بروس إن الأستاذ الأسكتلندي الذي اخترع الهاتف "استمتع بالتمارين الفكرية لهذه المادة، لكنه كان ملولاً ولا يهتم بالوصول إلى الإجابة النهائية بعد معرفة طريقة الحل".
ولذلك، تأثرت درجات ألكساندر غراهام بيل في الرياضيات بشدة، ولم يكن يمكن مقارنته مطلقاً ببقية أقرانه في المجال العلمي. وهو مثالٌ آخر على أشهر العلماء الذين فشلوا في الرياضيات.
5- توماس إديسون
شق توماس إديسون طريقه ببطء عبر صفحات كتاب إسحاق نيوتن التأسيسي "الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية"، عندما كان طالباً؛ ما أدخله في حالة نفور من الرياضيات، يقول إنه لم يتعافَ منها أبداً.
لم يكن إديسون يعرف شيئاً عن الرياضيات المتقدمة تقريباً، بل كان يعتمد على العقل الفذ للعالِم تشارلز بروتيوس شتاينميتز حتى يتمكن من استنباط وفهم الأسس الرياضية لشركة General Electric Company التي يملكها إديسون.
وفي الواقع، لشتاينميتز فضلٌ كبير في تطوير التيار المتردد الذي أحدث نقلةً نوعية في مجال إنتاج الطاقة الكهربائية، وفي مجال الهندسة الكهربائية عموماً. كما أنه أشرف على جزءٍ كبير من تطوير المنتجات التقنية لشركة توماس إديسون في شمال نيويورك.
فشل إديسون في الرياضيات تخطى كل ما يمكن تصوّره. فقد عيّن أيضاً العالِم فرانسيس أبتون لوضع الحسابات التي ساعدته في تنفيذ مختلف التجارب المعملية، بما فيها التجارب الخاصة باختراع المصباح المتوهج وعداد الكهرباء.
ورغم ذلك، يُنسب لتوماس إديسون القول الشهير: "أستطيع توظيف عالم رياضيات في أي وقت، لكن علماء الرياضيات لا يمكنهم توظيفي".
6- جاك هورنر
في سبعينيات القرن الماضي، اكتشف جاك هورنر أول بيضة ديناصورات معروفة في نصف الكرة الغربي، كما اشتهر باكتشافه وتسميته لـ"ماياصورا مانحا"، أول دليلٍ واضح على أن بعض الديناصورات اهتمت بصغارها.
غيّر هورنر فهمنا لطريقة عيش السحالي في عصور ما قبل التاريخ، رغم أنه عانى في دراسته الجامعية لدرجة أنه لم يتخرّج مطلقاً، مما قلّص من خياراته الوظيفية بشدة في النهاية. كما أن تقدّم في القراءة والكتابة كان بطيئاً للغاية، إلى جانب الرياضيات.
وحين فشل في إكمال تعليمه، بدأ يراسل جميع متاحف العالم في محاولةٍ منه لإيجاد وظيفة، حتى اتضح لاحقاً في العام 1979 أنه كان يعاني من عسر القراءة، فكوفئ بدكتوراه فخرية في العلوم.
وعن تلك الفترة، يقول هورنر: "ما أزال أعاني من الآثار الجانبية لذلك حتى اليوم، وتساعدني استراتيجية التعلم الذاتي على التكيف. كما تُعد الكتب الصوتية تقنية مفيدة للغاية أيضاً".
7- إدوارد أوسبورن ويلسون
في كتابه Letters to a Young Scientist، الذي نُشر عام 2013، كشف عالم الطبيعة إدوارد أوسبورن ويلسون عن تاريخه الشخصي المضطرب مع الرياضيات. وقد اعترف أنه لم يدرس الجبر إلا في سنته الجامعية الأولى.
ويقول في هذا الإطار: "بدأتُ أفهم التفاضل وأنا في عمر 32 عاماً بعد أن أصبحت أستاذاً دائماً في هارفارد، حيث كنت أجلس بعدم ارتياح في الصفوف، مع طلابٍ جامعيين يبلغون نصف عمري أو أكبر قليلاً".
وأضاف قائلاً: "بعضهم كان طالباً في مادة علم الأحياء التطوري التي كنت أُدرِّسها، لكنني تغاضيتُ عن كبريائي وتعلّمت التفاضل، إلا أني لم أكن أكثر من مجرد طالبٍ جيد أثناء محاولتي اللحاق بما فاتني".
ووفقاً لمجلة Mental Floss الأمريكية، فإن نصيحة ويلسون الوحيدة لأصحاب التخصصات العلمية الذين يعانون من رهاب الأرقام: "كلما طال انتظارك لتتعلم الرياضيات، زادت صعوبة إتقانك للغته.. تستطيع فعل ذلك، وفي أي مرحلةٍ عمرية".