المليونير هو الفرد الذي تزيد ثروته الصافية، أي قيمة جميع الأصول المالية والعقارات بعد خصم أي دين، عن مليون دولار أمريكي. ويمكن التمييز بين الأفراد ذوي الثروات العالية ممن لديهم ثروة لا تقل عن مليون دولار أمريكي من الأصول السائلة، وبين أصحاب الثروات الفائقة، أي أولئك الذين لديهم أكثر من 30 مليون دولار أمريكي من الأصول السائلة.
هناك عدد لا يُحصى من العوامل التي تحفز الأثرياء على الهجرة، وعادةً ما تختلف الأسباب بين الأثرياء، لكن معظم أصحاب الملايين مدفوعون في المقام الأول بالرغبة في الحصول على تعليم أفضل، وتحسين السلامة والأمن لأسرهم، وتحسين وصولهم إلى العالم، والبحث عن رعاية صحية راقية، ومستوى معيشة أعلى، مع مناخ مرغوب فيه وبيئة أقل تلوثاً، وفرص عمل أفضل، وبيئة ضريبية أكثر ملاءمة، بالإضافة إلى الهروب من الأنظمة القمعية والفاسدة.
نستعرض في هذه المادة الدول الأكثر استقبالاً للمليونيرات في عام 2023، والدول الأكبر خسارة لأفرادها الأثرياء والأسباب وراء ذلك.
أعداد المهاجرين من أصحاب الملايين من بلادهم وإلى بلادٍ أخرى، مصدر الغرافيك: visual capitalist
إلى أين يهاجر مليونيرات العالم؟
في عام 2023 تخسر الصين العدد الأكبر من أصحاب الملايين، إذ يتوقع أن يهاجر منها 13500 مليونير. وتأتي بعدها الهند، إذ يتوقع أن يهاجر منها 6500 مليونير، ثم بريطانيا برقم 3200 مليون مهاجر إلى الخارج، ثم روسيا 3000 مليونير، ثم البرازيل 1200 مليونير، ومن ثم هونغ كونغ برقم 1000 مليونير مهاجر، ومن ثم كوريا الجنوبية 800 مهاجر، ومن ثم المكسيك وجنوب أفريقيا واليابان.
وشهدت أعداد المهاجرين من أصحاب الملايين ارتفاعاً بعد سنتي الكوفيد 2019 و2020، لترتفع إلى 25 ألف مليونير مهاجر في عام 2021، ومن ثم إلى 84 ألف مليونير مهاجر عام 2022، ويتوقع أن تصل إلى 122 ألف مليونير مهاجر في عام 2023، وكانت الأرقام قد وصلت إلى 110 آلاف مليونير مهاجر في 2019، و108 آلاف مليونير مهاجر في 2018.
غالباً ما يكون التدفق المتزايد لأصحاب الملايين إلى الخارج علامةً على انخفاض الثقة، حيث إن الأثرياء وأصحاب الملايين لديهم الوسائل اللازمة للمغادرة، وبالتالي فهم أول من يخرج عندما تتغير الظروف. إلى جانب عائلاتهم، يجلب أصحاب الملايين إلى البلدان المضيفة ثرواتهم والضرائب التي يدفعونها. يمكن أن يكون فقدان أصحاب الملايين ضاراً بالاقتصادات المحلية وأسواق العقارات في البلدان التي يتركونها وراءهم. وفي بعض الحالات، ينقلون أعمالهم -والوظائف التي تولدها- بالإضافة إلى مهاراتهم ومؤهلاتهم ونفوذهم. لذلك وبالرغم من أصحاب الملايين لا يمثلون سوى نسبة صغيرة من سكان الدولة، إلا أن جذبهم والاحتفاظ بهم عامل مهم في جدول أهداف أيّ بلد.
عدد المليارديرات المهاجرين بين عامٍ وعام، المصدر: henley global
هجرة المليونيرات من الهند والصين وروسيا
قبل عام 2020 لم يكن الرحيل المستمر لأصحاب الثروات العالية من الصين والهند مصدراً للقلق، لأنه على الرغم من الأعداد المرتفعة للمهاجرين الأثرياء، فإن البلدين كانا يولّدان عدداً أكبر من الأثرياء، مقارنةً بما فقداه، وكانت النسبة المئوية لفقدان الأثرياء الصافية منخفضة نسبياً، وكانت التوقعات تدور حول أن العديد من الأثرياء سيعودون بمجرد تحسن مستوى المعيشة.
ومع ذلك، فإن أحداث أواخر عام 2019 و2020 قد غيّرت الأمور بالنسبة للصين: الحروب التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين، والجدل الدائر حول تفشي فيروس كورونا، والعلاقات المتدهورة بين الصين وأستراليا، أثرت سلباً على تدفق المهاجرين الأثرياء إلى الخارج، وقد يستمر هذا الأثر لسنوات قادمة.
في نهاية عام 2019، كانت الهند موطناً لـ263 ألفاً من الأثرياء، لتحتل المرتبة الـ12 في العالم، لكن نمو الثروة كان بطيئاً في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في عام 2019. ولأول مرة منذ عام 2012 لم تقُد المنطقة نمو الثروة من الأثرياء، وكان أداء الهند الأقل من المستوى أحد الأسباب الرئيسية لذلك.
طرأت زيادة بنسبة 63% في الاهتمام بالهجرة الاستثمارية التي أظهرها المواطنون الهنود بين ديسمبر/كانون الأول 2019 وديسمبر/كانون الأول 2020. حتى سنوات قليلة مضت، كانت هجرة الاستثمار في الهند تتمحور حول أستراليا وكندا والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، لكن هناك الآن اهتمام متزايد ببرامج الإقامة عن طريق الاستثمار في أوروبا. الدافع الرئيسي لهذا الاتجاه هو بحث المستثمرين عن إقامة بديلة أو جنسية بديلة كوسيلة للتحوط من المخاطر السيادية.
ظهرت الخدمات المصرفية الخاصة الداخلية في الهند خلال الأعوام الثمانية عشر الماضية، لكنها لم تثبت استدامتها بعد في مواقف السوق الصعبة. الهند ليست وحدها في مواجهة أزمة مالية غير مسبوقة بسبب جائحة فيروس كوفيد 19، لكن مؤسساتها المالية تحتاج إلى بناء المزيد من الثقة في طول عمر الحلول التي تقدمها للحفاظ على ثروات الأجيال، وذلك بالرغم من العمل الاستثنائي الذي تقوم به وفقاً لتعبير مؤشر هينلي غلوبال.
قبل كوفيد، تقدم حوالي ربع المتقدمين من شمال آسيا بطلب للحصول على الإقامة الأوروبية أو الجنسية عن طريق الاستثمار، واختار ربع آخر برامج الكاريبي، وتقدم النصف المتبقي بطلب للحصول على برامج في آسيا. ومع ذلك، فقد غيّر كوفيد اتجاه الأمور، والآن أكثر من 40% من الطلبات مخصصة للبرامج الأوروبية، و30% للبرامج الكاريبية، وانخفضت طلبات البرامج الآسيوية إلى 20%. ولطالما كان برنامج البرتغال هو البرنامج الأكثر طلباً في أوروبا، يليه مالطا.
وفقدت روسيا 6% من أثريائها في عام 2018 و6% أخرى في عام 2019، وقد غادر الكثير منهم إلى منطقة البحر الكاريبي وقبرص والبرتغال والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية.
إلى أين يهاجر مليونيرات العالم؟
وفقاً لمؤشر هينلي غلوبال، يتوقع أن تصبح أستراليا المُستقبِل الأكبر لمليونيرية العالم في 2023، برقمٍ قد يصل إلى 5200 مليونير. وتضم قائمة الدول العشر الأولى الأخرى كلاً من الولايات المتحدة وكندا من أمريكا الشمالية، وسويسرا واليونان وفرنسا والبرتغال من أوروبا، والإمارات وسنغافورة من آسيا، بالإضافة إلى نيوزيلندا.
إقبال من المليونيرات على أستراليا
يُتوقع لأستراليا أن تكون المستقبل الأكبر لأصحاب الملايين في العالم لعام 2023، وذلك برقم قدره 5200 مليونير، ولقد كانت الدولة المضيفة الأكبر للمليونيرات لسنوات عدة، فقبل أزمة كوفيد في عامي 2020 و2021 عندما أعاقت الجائحة حركة وتتبع أصحاب الملايين، تبوأت أستراليا المرتبة الأولى في استقبال المليونيرات من عام 2015 حتى عام 2019.
تحظى أستراليا بالتفضيل الدائم من قبل الأثرياء، وهي دولة متطورة للغاية وواحدة من أغنى دول العالم، مع ارتفاع دخل الفرد ونوعية الحياة الممتازة، كما أنها تُعتبر دولة عالمية. تتمتع أستراليا بنظام رعاية صحية من الدرجة الأولى، ومؤسسات تعليمية من الدرجة الأولى، وحرية اقتصادية واستقرار وأمان ملحوظ.
أحد عوامل الجذب الرئيسية هو قرب أستراليا من آسيا، ما يجعلها موقعاً رئيسياً لممارسة الأعمال التجارية في البلدان الآسيوية الناشئة. تحظى كل من أستراليا ونيوزيلندا بشعبية كبيرة بين المواطنين الصينيين والهنود، كما أن المهاجرين الأثرياء من المملكة المتحدة يفضلونها بشكل متزايد عاماً بعد عام.
وتتمتع البلاد بمزيج من عوامل الجذب التقليدية مثل نمط الحياة المرغوب فيه، والمناخ الجيد، وأنظمة الرعاية الصحية والتعليم الممتازة، وعوامل أكثر معاصرة مثل الاقتصاد القوي والديناميكي، والمستويات العالية من السلامة الشخصية والأمن، والبعد النسبي عن النقاط الساخنة الجيوسياسية العالمية الحالية. وكونها جزءاً من منطقة آسيا والمحيط الهادئ يعني أيضاً أن أستراليا تتماشى مع أسرع الاقتصادات نمواً في العالم.
كما ذكر سابقاً، من المتوقع أن تشهد أستراليا أعلى تدفق صافٍ لأصحاب الملايين على مستوى العالم في عام 2023. سيدخل البعض عبر طريق الهجرة الاستثماري التقليدي، لكن عدداً كبيراً سيحصلون على إقامتهم الأسترالية بموجب برنامج المواهب العالمية المستقلة التابع للحكومة. أُطلق هذا البرنامج كبرنامج تجريبي عام 2019، وقد صُمم للمساعدة في تنمية اقتصادات الابتكار والتكنولوجيا في أستراليا، من خلال توفير مسار مبسط للإقامة الدائمة للمديرين التنفيذيين ورجال الأعمال والمهنيين ذوي المهارات العالية. وتشمل قطاعات الصناعة التي تركز على المستقبل والمستهدفة في إطار البرنامج الأغذية الزراعية والتكنولوجيا الزراعية، والتكنولوجيا الرقمية والتكنولوجيا المالية، والتعليم، والخدمات الصحية، والطاقة المتجددة.
المملكة المتحدة وأوروبا
مع تزايد وعي المستثمرين وفهمهم للهجرة الاستثمارية وفوائدها، يتزايد أيضاً مستوى الاهتمام ببرامج الإقامة والمواطنة عن طريق الاستثمار. أصبح الأفراد من ذوي الثروات العالية يدركون أكثر أهمية امتلاك خيارات أوسع في أوقات التقلبات. وأصبح تنويع الإقامة أو الجنسية الآن بنفس أهمية التعامل مع بنوك متعددة.
ووفقاً لمؤشر هينلي غلوبال، كانت البرامج الثلاثة الأولى التي تم الاستفسار عنها هي برنامج تصريح الإقامة الذهبية في البرتغال، وبرنامج الإقامة في إسبانيا عن طريق الاستثمار، وبرنامج التأشيرة الذهبية في اليونان. يقترب برنامج التأشيرة الذهبية للبرتغال من نهايته، وأعلنت اليونان أنه اعتباراً من 1 أغسطس/آب 2023، سيتضاعف الاستثمار العقاري إلى 500 ألف دولار أمريكي في أجزاء معينة من البلاد، وهناك شائعات بشأن التغييرات المحتملة في المتطلبات العقارية في إسبانيا.
وبغض النظر عن التغييرات في البرامج، فقد لوحظ ارتفاع مطرد في الاستفسارات المتعلقة بهذه الدول المتوسطية الثلاث في السنوات الأخيرة، مع تزايد عدد الاستفسارات الواردة من بريطانيا. وبالنظر إلى هذا العام- بين يناير ونهاية أبريل- زاد إجمالي الاستفسارات من المستثمرين في المملكة المتحدة عن ضعف عدد الاستفسارات من أي جنسية أخرى في أوروبا.
ويأتي ثاني أكبر عدد من الاستفسارات من تركيا، ما يدل على الاهتمام المستمر والمتزايد بشكل مطرد بالإقامة البديلة أو الجنسية الإضافية للمواطنين الأثرياء الأتراك. وتنعكس هذه الزيادات في جميع أنحاء أوروبا، مع زيادة كبيرة في الاهتمام بكل دولة عام 2023.
وتكتسب إيطاليا الشعبية الأكبر في عام 2023، إذ يجذب البرنامج المتوسطي الإيطالي قدراً كبيراً من الاهتمام لهذا العام، حيث بلغت الاستفسارات في الأشهر الأربعة الأولى من العام 77% من إجمالي استفسارات عام 2022. قد يعزى هذا إلى الإغلاق المحتمل للبرامج في البرتغال وإسبانيا، لكن تبقى إيطاليا خياراً جذاباً حيث لا يوجد شرط يقضي بقضاء أي عدد أدنى من الأيام في البلاد، ويمكن لأولئك الذين يختارون جعل إيطاليا موطنهم الضريبي دفع مبلغ إجمالي سنوي قدره 100 ألف يورو على أي دخل من مصادر أجنبية بموجب نظام الضريبة الثابتة.
وشهدت المملكة المتحدة تدفقات كبيرة من الأثرياء منذ عام 2017، عندما غادر حوالي 4000 منهم. هناك العديد من العوامل المساهمة، بما في ذلك ضرائب الميراث الأكثر ملاءمة في أماكن أخرى، والضرائب الجديدة على الأجانب، وأولئك الذين يمتلكون منازل ولكنهم ليسوا مقيمين في المملكة المتحدة، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ووضع السلامة والأمن.