بدأت الشركات الكبرى في الإعلان عن سياسات العودة إلى المكاتب، فيما بدأت حدة الخطابات تتصاعد، مع اعتقاد سائد لدى الرؤساء التنفيذيين أن "العمل عن بعد" تسبب في تراخي الموظفين وقلة الإنتاجية، بحسب ما نشر موقع Business Insider الأمريكي الأحد 3 سبتمبر/أيلول 2023.
إذ ألزمت أمازون العاملين بالحضور إلى المكتب ثلاث مرات في الأسبوع؛ ويضغط بنك غولدمان ساكس على موظفيه للعودة إلى العمل بدوام كامل، وهددت ميتا موظفيها بفصلهم إذا لم يحضروا إلى المكتب ثلاثة أيام في الأسبوع.
وقال مارك زوكربيرغ، رئيس ميتا، إن المهندسين في بداية حياتهم المهنية عادة ما يكون أداؤهم أفضل حين يحضرون إلى المكتب ثلاثة أيام في الأسبوع، مستشهداً بـ"بيانات أداء" داخلية لم تعلنها الشركة.
أما آندي جاسي رئيس أمازون التنفيذي، فقال إن مساعي الشركة لإعادة العاملين إلى المكتب قائمة على محادثات قيادة داخلية ومحادثات مع 60 و80 مديراً تنفيذياً آخر، على أنه تجاهل الأسئلة عن طبيعة البيانات التي استند إليها القرار خلال محادثة داخلية.
تضارب في النتائج
وأشارت بعض الدراسات المبكرة إلى أن العمل من المنزل له تأثير ضئيل بل إيجابي، حيث وجدت دراسة أجرتها كلية هارفارد للأعمال أنه يعزز الإنتاجية بنسبة 4.4%.
لكن دراسات أحدث شككت في هذه الدراسات المبكرة، ووجدت أن العاملين أكثر عرضة للتشتت في المنزل.
ووجدت دراسة أجرتها جامعة شيكاغو، نُشرت في فبراير/شباط 2023، وجمعت بيانات من أكثر من 10 آلاف عامل من ذوي الخبرة في إحدى شركات تكنولوجيا المعلومات الهندية خلال ذروة الجائحة، أن إنتاجية العمل انخفضت بنسبة 8% إلى 19% بين الموظفين الذين يعملون من المنزل، حتى مع ارتفاع عدد ساعات العمل.
وقال مايكل جيبس، أستاذ الاقتصاد بجامعة شيكاغو وأحد القائمين على الدراسة: "انخفض "وقت تركيز" الموظفين، وهو مقدار الوقت الذي يقضونه يومياً في العمل دون مقاطعات، بدرجة كبيرة، رغم أن الشركة وموظفيها اتخذوا كل ما يلزم لتوفير بيئة مريحة للعمل من المنزل من حيث القدرات والمعدات".
بالمثل، وجدت دراسة أخرى نشرها المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية في يوليو/تموز أن إنتاجية الموظفين الذين كُلفوا بالعمل من المنزل تراجعت بنسبة 18% عن نظرائهم في المكاتب. وتابعت الدراسة حوالي 200 موظف إدخال بيانات في مدينة تشيناي الهندية.
وقال ديفيد أتكين، أحد مؤلفي الدراسة وأستاذ الاقتصاد في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لموقع Insider: "وجدنا زيادة في وقت الخمول وعرضة أكبر للتشتت".
وأشارت كلتا الدراستين أيضاً إلى أن العمل من المنزل يزيد من صعوبة التعاون والتواصل.
لكن الجائحة أحدثت تغييراً جذرياً في حياتنا العملية، حتى إن الخبراء يتفقون على أنه لا عودة إلى الوراء، وأن العودة الكاملة إلى العمل من المكتب قد تضر بالشركات بطرق أخرى.
يقول أتكين: "ربما رتب الناس حياتهم بشكل جذري على العمل من المنزل. ولك أن تتخيل رفضاً كبيراً لتغيير هذا الوضع. وغالباً ما يكون الأكثر خبرة هم من رتبوا حياتهم على هذا الوضع، وليس عادةً المستجدين الذين يبلغون من العمر 25 عاماً والذين التحقوا بتوهم بالشركة. وهؤلاء من يملكون تأثيراً أكبر".