لا يمكن إنكار أن أزمة المناخ المتصاعدة تؤدي إلى تفاقم حرائق الغابات في جميع أنحاء العالم خلال فصل الصيف، فوفقاً للأمم المتحدة، من المقرر أن تزداد أحداث الحرائق الشديدة بنحو 50٪ بحلول نهاية هذا القرن، كما يفتح الباب إلى رؤية مزيدٍ من أكبر حرائق الغابات في التاريخ.
وتعدّ حرائق الغابات من أنواع الحرائق التي تهدد أرواح البشرية وكذلك التنوع البيئي؛ إذ تكمن خطورتها في توفر كل الظروف التي تساعد على سرعة انتشارها، مثل الأشجار والغطاء النباتي والرياح وارتفاع درجات الحرارة.
ومنذ شهر يوليو/تموز الجاري، تشهد مناطق واسعة من العالم موجة حرائق جديدة؛ إذ تسببت موجة الحر التي تعصف بكلٍّ من أوروبا وأسيا وأمريكا وشمال إفريقيا في اندلاع العديد من الحرائق في غابات اليونان وإسبانيا والجزائر وكندا، الأمر الذي جعل الكثيرين يستذكر أكبر الحرائق في التاريخ والتي إبتلعت ملايين الهكتارات من الغابات.
ما هي حرائق الغابات وما أسبابها؟
حرائق الغابات وتعرف أيضاً بحرائق الأدغال وحرائق البراري أو حرائق الأحراش، وهي حرائق لا يمكن السيطرة عليها؛ إذ يكون وقودها الغطاء النباتي البري المنتشر في هذه الغابات، والتي تكون غالباً في المناطق الريفية.
لمئات الملايين من السنين، اشتعلت الحرائق في الغابات والأراضي العشبية والسافانا في كلّ منطقة من العالم، فهذا النوع من الحرائق ليس مقيداً بقارة أو مكان معين.
وحرائق الغابات هي حرائق هائلة غير مقصودة، ويمكن أن تنشب في أي وقت، وغالباً ما تحدث بفعل الإنسان أو حدث طبيعي مثل البرق، وارتفاع درجات الحرارة، مع ذلك 50٪ من حرائق الغابات التي تم الإبلاغ عنها لم يُعرف سبب مباشر في اندلاعها.
ويعزو المختصون أسباب نشوب حرائق الغابات إلى العوامل الطبيعية مثل الجفاف والرياح القوية، فضلاً عن عوامل بشرية ولوجستية تدفع إلى صعوبة السيطرة على هذه الحرائق مثل وسائل النقل والاتصالات والطاقة، فضلاً عن إمدادات المياه.
ما هي أكبر حرائق الغابات في التاريخ؟
وفقاً لموقع history، على مرّ السنين، شهد العالم كوارث طبيعية قاسية، مثلت حرائق الغابات أحد أشكالها، فقد تسببت هذه الحرائق في خسارة النظام البيئي ملايين الهكتارات من غلافه النباتي، كما لحق الضرر بالتنوع الحيواني، وطبعاً وصل إلى الإنسان ذاته، في ما يلي قائمة بـ 9 من أكبر حرائق الغابات في التاريخ:
1- حرائق تايغا السيبيرية سنة 2003
في عام 2003، وخلال أحد أكثر فصول الصيف حرارة في أوروبا حتى تلك اللحظة، دمرت سلسلة من الحرائق المدمرة للغاية في غابات التايغا في شرق سيبيريا أكثر من 55 مليون فدان؛ أي ما مجموعه 22 مليون هكتار من غابات تايغا.
يُعتقد أن مجموعة من الظروف الطبيعية القاسية للغاية، ناهيك عن العامل البشري، قد لعبت دوراً في نشوب واحدة من أكبر حرائق الغابات في التاريخ تدميراً وأكبرها في تاريخ البشرية.
شملت هذه الحرائق جميع أنحاء سيبيريا ومساحات شاسعة من أقصى شرق روسيا، إضافةً إلى شمال الصين، وشمال منغوليا، وتسببت في سحابة من الدخان وصلت إلى كيوتو على بُعد آلاف الأميال.
2- حرائق المنطقة الشمالية الغربية بكندا سنة 2014
في صيف عام 2014، اندلع أكثر من 150 حريقاً منفصلاً عبر الأقاليم الشمالية الغربية في كندا، وهي مساحة تبلغ حوالي 442 ميلاً مربعاً.
وأثار الدخان الذي أحدثته هذه الحرائق تحذيرات من جودة الهواء في جميع أنحاء البلاد وكذلك في الولايات المتحدة، مع ظهور سحب الدخان في أماكن بعيدة مثل البرتغال في أوروبا الغربية.
تسببت تلك الحرائق التي ثبت أنّ 13 منها مفتعل، في تدمير ما يقرب من 8.5 مليون فدان (3.5 مليون هكتار) من الغابات بالكامل، كما كلفت عمليات الإطفاء الحكومة الكندية نحو 44.4 مليون دولار أمريكي من أجل السيطرة على الحريق.
هذه العواقب المدمرة جعلت حرائق الأقاليم الشمالية الغربية واحدة من أكبر حرائق الغابات في التاريخ.
3- حرائق ألاسكا 2004
كان موسم الحرائق لعام 2004 في ألاسكا هو الأسوأ في تاريخ الولاية الأمريكية من حيث مساحة الغابات المتضررة، إذ تسبب الحريق في إتلاف أكثر من 6.6 مليون فدان، أي 2.6 مليون هكتار من الغابات، وذلك بعد أن اندلع نحو 701 حريق بشكلٍ متزامن، من بينها 215 حريقاً بدأ بضربات البرق الصاعقة.
كان صيف عام 2004 دافئاً ورطباً للغاية مقارنة بمناخ ألاسكا المثالي في الصيف، مما أدى إلى نشوب حرائق شديدة في الفترة من شهر أغسطس/آب إلى سبتمبر/أيلول.
4- حرائق فيكتوريا الأسترالية سنة 1939
أطلق على اليوم الذي شهدت فيه ولاية فكتوريا الأسترالية سنة 1939 حريقاً مدمراً باسم الجمعة السوداء، فقد تسببت حرائق الغابات يومها في تدمير أكثر من 5 ملايين فدان من غابات الولاية الواقعة جنوب شرق أستراليا.
فبعد سنواتٍ من الجفاف أعقبها ارتفاع درجات الحرارة ونشوب رياحٍ قوية، غطت الحرائق أكثر من ثلاثة أرباع منطقة ولاية فيكتوريا الأسترالية، ووصل رماد تلك الحرائق إلى مناطق بعيدة مثل نيوزيلندا، وأسفرت الحرائق تلك عن سقوط 71 قتيلاً؛ مما جعلها ثالث حرائق الغابات المميتة في تاريخ أستراليا، وإحدى أكبر حرائق الغابات في التاريخ.
5- حريق كندا عام 1919
على الرغم من حدوثه منذ أكثر من قرن من الزمان، إلا أن حريق عام 1919 لا يزال يُذكر باعتباره أحد أكبر حرائق الغابات في التاريخ وأكثرها تدميراً.
ففي أوائل شهر مايو/أيار من تلك السنة، اجتاحت الحرائق الغابة الشمالية لمقاطعتي ألبرتا وساسكاتشوان الكنديتين، متسببةً في إتلاف 5 ملايين فدان.
ساهمت الأشجار التي تم قطعها من أجل صناعة الأخشاب، جنباً إلى جنب مع الرياح، في اشتعال النيران وانتشارها سريعاً مخلفةً مقتل 11 شخصاً.
6- حرائق في غابات بوليفيا 2010
في أغسطس/آب من عام 2010، شهدت بوليفيا واحدة من أكبر حرائق الغابات في التاريخ؛ إذ تسبب اندلاع أكثر من 25 ألف حريق في جميع أنحاء بوليفيا، إلى إتلاف مساحة تقارب 3.7 مليون فدان، كما ألحقت أضراراً خاصة بقسم البلاد من الأمازون. وأجبر الدخان الكثيف الناتج عن الحرائق، إلى إعلان الحكومة وقف العديد من الرحلات الجوية وإعلان حالة الطوارئ.
وكان من بين الأسباب المباشرة في الحرائق تلك، حرائق صغيرة بدأها المزارعون لتطهير الأرض للزراعة من خلال حرق الأعشاب والشجيرات الجافة والضارة، لتتحوّل تلك الحرائق الصغيرة إلى إعصار حارق دمّر مساحة واسعة من غابات الأمازون.
7- حريق كونيتيكت العظيم 1910
يُطلق عليه أيضاً اسم Big Burn أو حريق مكنسة الشيطان، وقد اندلع هذا الحريق في ولايتي أيداهو ومونتانا خلال فصل الصيف من عام 1910.
وعلى الرغم من أن الحريق استمر لمدة يومين فقط، فقد تسببت الرياح القوية في اندماج الحريق الأول مع حرائق أخرى أصغر لتشكيل حريق هائل واحد دمر 3 ملايين فدان أي ما يقرب من مساحة ولاية كونيتيكت بأكملها، كما تسبب في مقتل 85 شخصاً؛ مما جعل هذا أحد أكبر حرائق الغابات في تاريخ الولايات المتحدة.
8- حريق التنين الأسود 1987
يُعرف أيضاً باسم Daxing'annling Wildfire، والذي كان ربما كان أكبر حريق منفرد في العالم؛ إذ تسبب الحريق الذي وقع سنة 1987 بالصين في إتلاف 2.5 مليون فدان من الأراضي والغابات.
كما تسبب في مقتل 191 شخصاً وإصابة 250 آخرين، ونزوح 33 ألف شخص، وفي وقت لم يعرف فيه السبب المباشر للحريق، ذكرت التقارير الصينية أن الحريق قد يكون ناتجاً عن فعل بشري.
9- حرائق غابات اليونان 2007
شهدت اليونان في الفترة ما بين 28 يونيو/حزيران وحتى 3 سبتمبر/أيلول عام 2007، سلسلة من الحرائق العنيفة التي بلغ عددها نحو 3000 حريق، تسببت في إتلاف مساحات شاسعة من الغابات، وذلك بعد أن ضاعفت ظروف الطقس الحار والجاف والرياح الأمر سوءاً.
تسببت هذه الحرائق في تدمير 2100 مبنى ومقتل 84 شخصاً، وقد امتدت على مساحة 670 ألف فدان واقتربت من مواقع تاريخية هامة؛ مثل مدينتي أوليمبيا وأثينا.