يوجد العديد من الماركات العالمية التي تتصدر قائمة أفضل المنتجات العالمية من بينها "لويس فيتون LOUIS VUITTON" المتخصصة في صناعة الحقائب وعدد من الألبسة بالإضافة إلى المجوهرات وغيرها، لكن هل نعرف أن بداية هذه العلامة التجارية لم تكن من أحضان الأغنياء، بل خرجت من صلب معاناة شخص إلى العالمية.
المتشرد صاحب أفخم العلامات التجارية
خلال القرن التاسع عشر بدأت قصة لوي فيتون البالغ من العمر 16 سنة والذي يعيش بدون مأوى ولا طعام، إلا أنه كان يحمل حلمه الكبير بامتلاك ثروة كبيرة تمكنه من العيش وتعويض عائلته عن الحياة الصعبة التي عاشوها.
حسب موقع "national today" الأمريكي سنة 1821 ولد لويس في "أنشاي" بالقرب من العاصمة الفرنسية باريس، كان والده يعمل مزارعاً وصانع قبعات، ونظراً للظروف الصعبة اضطر إلى العمل مع والده في سن صغيرة للتمكن من العيش؛ إذ كان يزرع ويحصد بالإضافة إلى الاعتناء بالحيوانات وجمع الحطب للتدفئة.
قبل بلوغه سن العاشرة بدأت حياة لويس الصغير بالتدهور إذ توفيت والدته وتزوج والده بامرأة أخرى والتي لم تكن تجيد معاملته، بعد ثلاث سنوات غادر لويس منزل العائلة وتوجه إلى مدينة باريس ثم اشتغل مع الحرفيين في المعادن والصخور بالإضافة إلى الخشب والقماش.
إلا أنه لم يتمكن من الحصول على المال من أجل المأوى أو الأكل، ليصبح من المشردين في المدينة وينام في الغابات، عند بلوغه 16 سنة بدأ في التدريب على صناعة الصناديق التي تستخدم لتخزين الممتلكات والبضائع لنقلها.
خلال مدة من عمله لفتت موهبته الانتباه إذ كان هناك إقبال كبير على الصناديق التي يقوم بصناعتها، بعد سبع عشرة سنة من العمل في هذا المجال عيّنه أحد كبار الشخصيات الفرنسية لصناعة الحقائب الرسمية له، ليتمكن من افتتاح ورشة خاصة به بعد سنة واحدة فقط في مدينة باريس.
الانطلاقة الرسمية لـ"لويس فيتون"
كانت حقائب السفر في البداية تصنع بطريقة تجعل من الصعب تخزينها أو وضعها فوق بعضها إذ كانت الوسيلة الأساسية للسفر في ذلك الوقت هي عربات الخيول أو السفن، كانت الحقائب كثيرة التَّعرُّض للمياه وكان من الضّروري تكديسها فوق بعضها البعض، لذلك كانت لدى لويس أفكار جديدة تتعلق بحل هذه المشكلات.
ابتكر لويس طريقة جديدة غيرت مقاييس الصناعة التقليدية إذ غير الجلد إلى أنواع عالية الجودة من القماش ما جعلها أخف وزناً من التي سبقتها، بالإضافة إلى كونها أكثر تحملاً للمياه، أمّا شكل الصناديق فسيكون مُربعاً بأغطية مسطحة، ممَّا يجعل تكديسها فوق بعضها البعض أسهل، كما أنها قد كانت تصنع باللون الرمادي ممّا كان يجعلها تبدو حديثة وعصرية أكثر.
بذلك أصبحت منتجات لويس فيتون هي نقطة البداية لظهور جيل جديد من حقائب السفر. وخلال عامين من انتشار الحقائب التي صنعها لويس "LOUIS VUITTON"، تَحوَّلت الحاجة إلى هذه الحقائب من أجل نقل الأمتعة خلال السفر إلى إكسسوار ضروري يقتنيه النبلاء من المجتمع.
حسب موقع "louisvuitton" بعد نجاح حقائب السفر بدأ لويس بصناعة حقائب اليد التي لم تكن ذات إقبال كبير حينها مثل اليوم، إلا أنه نهج نفس الطريقة بصناعتها من مواد أولية خفيفة الوزن وبأحجام مختلفة لإرضاء جميع الأذواق مع مراعاة الموضة ومتطلبات السوق في ذلك الوقت.
على الرَّغم من أنَّ حقائب الأمتعة التي كان يصنعها لويس في ذلك الوقت كانت تمتلك شعبيَّة كبيرة وإقبالاً شديداً، إلّا أنَّه كان ينقصها أمر واحد لتكتمل، وهو أن تكون منيعة في حالة التَّعرُّض للسَّرقة من قِبل اللّصوص البارعين.
لهذا استعان لويس فيتون بخبرة ابنه جورج فيتون، الَّذي ابتكر بدوره فكرة تصميم قفل للحقائب لحمايتها من السَّرقة، وكان ذلك أشبه بثورة في عالم صناعة حقائب السفر.
نقل لويس ورشته إلى مدينة أسنيير الفرنسية سنة 1859، وتعدّ هذه المدينة رمزاً رئيسيّاً لتراث ماركة لويس فيتون، وهي نقطة الأصل لكل شيء ابتكرته دار الأزياء من قبل.
LOUIS VUITTON من الرفاهية إلى التشرد من جديد
حسب نفس المصدر، كانت الحرب الفرنسية البروسية السبب في عودة عائلة فيتون إلى البداية بعد الازهار والنجاح التي شهدتها؛ إذ اضطر هو وعائلته مغادرة باريس بسبب الخطر الذي أصبح يهدد عائلتهم.
ليجد نفسه متشرداً مع عائلته مرة أخرى واضطر إلى العيش في ملجأ مع آلاف الأشخاص الذين أصبحوا بدون مأوى جراء الحرب، كانت تلك أياماً قاسية بالنسبة لعائلة فيتون حيث إنهم لم يجدوا الطعام بل وكانوا على حافَّة الموت بسبب الجوع.
بعد انتهاء الحرب سنة 1871، استطاع لويس وعائلته أن يعودوا لموطنهم، ولكن لويس وجد أن الموادَّ الَّتي كان يستخدمها في صناعة منتجاته قد تعرَّضت للسَّرقة خلال الحرب، والورشة التي كان قد افتتحها قد تدمرت بالكامل، وكان ذلك أشبه بنكبة بالنسبة للويس فيتون والجهود التي بذلها من أجل الورشة.
رغم كل المعاناة كان لويس قد ادخر القليل من المال كما سمح له بالانطلاق من جديد، بسبب انخفاض كبير في سعر العقارات بعد الحرب استغل لويس الفرصة وتمكن من أخذ الورشة في أحد أرقى الأحياء في مدينة باريس.
بعد سنة واحدة فقط كان هناك تقدُّم تكنولوجي، سمح بطباعة أشكال وأنماط مُتعدِّدة على القماش، فاستطاع لويس أن يرسم بعض الخطوط على الصَّناديق التي كان يصنعها، وأصبحت تمتلك شكلاً جديداً، ودفع ذلك جميع الأشخاص للرَّغبة في اقتناء هذا الشَّكل الجديد حتى يُظهروا بأنهم يتّبعون الموضة وأشكال الصناديق العصرية.
في عام 1885، وبعدما ازدادت الطَّلبات على تصاميم لويس عالمياً، قام بفتح متجر آخر لمنتجاته في لندن، ونتيجة لذلك أصبح هناك تنوع في أنواع الزبائن بين ملوك ورؤساء ونبلاء من جميع أنحاء العالم ممّن يفضّلون تصاميم "LOUIS VUITTON" عن غيرها. ومنذ ذلك الحين أصبحت تصاميمه تتواجد في معظم بيوت الطّبقات الرّاقية من المجتمع.
وفاة لويس فيتون الغامضة والحرب العالمية
توفي لويس فيتون سنة 1892 عن عمر ناهز 71 سنة، إلا أن وفاته كانت صدفة كما لا يزال سبب وفاته مجهولاً إلى اليوم، ليتولى بعده ابنه جورج مكانه في الشركة التي صنعت لها اسماً في عالم الموضة وأصبحت من ماركات الأغنياء والمشاهير.
لم يترك جورج فيتون الوقت يفوته أبداً بعد وفاة أبيه، فسافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وتابع هناك المعرض الدولي فأدرك حينها من خلال الخبرة التي اكتسبها هناك أنه يحتاج لتكوين شبكة مبيعات عالميَّة، فعمل مع أحد الأشخاص، ومعاً ابتكرا فكرة البطاقة الَّتي يكتب عليها سعر المنتج، وبعدها بدأت المنتجات تُباع في متجر لويس فيتون الجديد في نيويورك والتي تعتبر الأولى من نوعها في الولايات المتحدة الأمريكية.
بعد الضجة التي حظيت بها العلامة قام الابن بابتكار العلامة التي تحمل الحروف الأولى من اسم والده "لويس فيتون"، والتي أصبحت فيما بعد الشعار الرسمي للعلامة التجارية.
بعد وفاة جورج ابن لويس فيتون انتكست علامة لويس فيتون مرة أخرى، بسبب الحرب العالمية الثانية، وحينها تولى غاستون فيتون مهمة إعادة بناء العلامة التّجاريَّة مرَّة أخرى بعد الجهود التي بذلها أبوه وجده فيما تم اغلاق جميع المتاجر التابعة له في العالم.
أما في سنة 1946 بعد انتهاء الحرب العالمية بدأت العلامة التجارية في العودة مجدداً كما أنها وصلت إلى الجانب الآسيوي من العالم فيما تخطت مبيعاتها ملايين الدولارات، في الوقت الحالي تقدر مبيعات لويس فيتون بأزيد من 30 بليون دولار فيما توسعت صناعة الشركة لتشمل العديد من المنتجات من ساعات واكسسوارات وحقائب وغيرها.