أنهى طبيب قلبٍ بريطاني متقاعد حياته بيديه دون أن يكون لديه تاريخ مع مشكلات الصحة العقلية، وذلك بعد أسبوع واحد من تناوله مضاداً حيوياً له ارتباط "نادر" بالانتحار، وفقاً لما توصل إليه الطبيب الشرعي، بحسب صحيفة The Times البريطانية.
إذ شنق استشاري أمراض القلب المرموق والمخضرم، روبرت ستيفنسون، نفسه بعد نحو أسبوع من بدء دورة العلاج بعقار سيبروفلوكساسين.
وأصدر الطبيب الشرعي مارتن فليمنغ تحذيراً بشأن الأعراض الجانبية المحتملة للمضاد الحيوي الذي يشيع استخدامه في الخدمات الصحية. حيث صرف صيادلة المملكة المتحدة نحو مليون وصفة طبية لعقار سيبروفلوكساسين خلال عام 2020، وفقاً لما أوردته مجلة The Ecologist البريطانية.
ولم يكن لدى السيد ستيفنسون أي تاريخ من مشكلات الصحة العقلية أو الاكتئاب. لكن بعد أسبوع واحد من البدء في تناول المضاد الحيوي، خرج الطبيب للتمشية وبعث إلى زوجته برسالةٍ يقول فيها إنه ترك ملاحظةً أسفل وسادته. ثم عُثِرَ عليه مشنوقاً داخل غابة مجاورة بعدها.
مضاد حيوي لعلاج العدوى البكتيرية
تقاعد الدكتور ستيفنسون، استشاري أمراض القلب والطبيب العام في مستشفى هدرسفيلد الملكي، خلال شهر مايو/أيار من عام 2022.
وجرت إحالته آنذاك إلى قسم المسالك البولية من أجل فحص احتمالية إصابته بسرطان البروستاتا، وذلك على يد استشاري خاص للمسالك البولية.
ووصف له استشاري المسالك البولية عقار سيبروفلوكساسين، وهو مضاد حيوي يُستخدم في علاج عدد من حالات العدوى البكتيرية. وكان الغرض من العقار هو مساعدة ستيفنسون في تقليل التهاب غدة البروستاتا، وإعداده لإجراء فحص الخزعة الاستقصائية.
ثم خرج ستيفنسون لجولة التمشية المعتادة بعدها بأكثر من أسبوع، دون أن تلحظ أسرته أي مؤشرات تدعو للقلق بشأنه، وفقاً للتحقيق.
وفي تمام الساعة الـ12:30 ظهراً، تلقت زوجته رسالة منه على فيسبوك يقول فيها إنه ترك ملاحظةً أسفل وسادته. وتبيّن أن تلك الملاحظة كانت "مضطربة وغير منطقية على نحوٍ غير مألوف".
وأثارت الرسالة عملية بحث مكثفة من الشرطة والعائلة في المنطقة المحيطة، وسرعان ما اتضح أنه قد شنق نفسه.
بينما أصدر فليمنغ تحذيراً بشأن المضاد الحيوي الذي يتم وصفه في الحالات الخطيرة. حيث يجري استخدامه في علاج العديد من حالات العدوى البكتيرية مثل عدوى الجهاز البولي، والتهابات الصدر، وعدوى الجلد والتهابات العظام، والأمراض المنقولة جنسياً، والتهاب الملتحمة، والتهابات العين والأذن.
"يجب النظر في مراجعة الإرشادات الحالية"
خاطب الطبيب الشرعي الوكالة التنظيمية للأدوية ومنتجات الرعاية الصحية، حيث أوضح احتمالية ألا يكون الأطباء على درايةٍ بهذا العرض الجانبي وارد الحدوث.
وقال: "خلال التحقيق، أحالني طبيب المسالك البولية الذي كان يُعالج ستيفنسون إلى الأعمال المنشورة عن مضادات سيبروفلوكساسين وكوينولون الحيوية، وكذلك ارتباطها النادر المحتمل بالسلوكيات الانتحارية لدى المرضى".
وأضاف: "ربما وَجدتُ أن معاناته من هذا العرض الجانبي تحديداً تدخل ضمن نطاق الاحتمالات غير المؤكدة، لكنها تظل احتماليةً قائمة. واستمعت إلى أدلة تقول إن الطبيب المعالج لم يذكر هذا العرض الجانبي أثناء كتابة الوصفة الطبية للدكتور ستيفنسون، لأنه لم يأت ضمن إطار مع المشورة الطبية التي يقدمها".
ثم أردف: "استمعت كذلك إلى أدلة تقول إن الأطباء المعالجين قد لا يكونون على درايةٍ كاملة بهذا العرض الجانبي النادر، وإن المرضى الذين يعانون من الاكتئاب قد يكونون أكثر عرضةً لخطره".
وتابع فليمنغ قائلاً إنه يخشى من "أن هذا الخطر المحتمل لم يجر التركيز عليه بالدرجة الكافية". وأضاف أنه يجب على الوكالة التنظيمية للأدوية ومنتجات الرعاية الصحية النظر في مراجعة الإرشادات الحالية المرتبطة بصرف هذا العقار، فضلاً عن زيادة الوعي بهذا العرض الجانبي "من أجل مراقبة وتخفيف المخاطر".
وخلص الطبيب الشرعي إلى أن "روبرت ستيفنسون اعتزم إنهاء حياته عندما تم الإخلال بتوازنه العقلي".
فيما قالت الدكتورة جانين جولي، نائبة مدير الوكالة التنظيمية للأدوية لشؤون تقييم الفوائد/المخاطر: "نعكف على تقييم تقارير حالات الوفاة كما يحدث مع أي عرض جانبي خطير مشتبه به، وهذا يتضمن تقييماً لتفاصيل ما بعد الوفاة حال توافرها. وسوف نراجع تقرير الطبيب الشرعي أيضاً".
وأردفت: "سننظر بعناية في النقاط التي أثارها الطبيب الشرعي ضمن تقرير اللائحة 28، والذي طالب خلاله بالنظر في ما إذا كنا بحاجةٍ إلى المزيد من الإجراءات التنظيمية لتقليل المخاطر على المرضى. وسوف نقدم ردنا عقب إتمام التحقيق الذي نجريه".