أعلنت الجزائر، الأربعاء 31 مايو/أيار 2023، أنها ستبني تمثالاً ضخماً ومتحفاً للأمير عبد القادر في أعالي جبال مرجاجو بمدينة وهران غرب الجزائر، ليس بعيداً عن حصن سانتا كروز الذي شيده الإسبان، وذلك تخليداً للدور الذي لعبه في مقاومة المستعمر الفرنسي.
تبلغ تكلفة هذا المشروع الضخم حسب والي وهران سعيد سعيود، نحو 1.2 مليار دينار جزائري، والتي تقدر بنحو 9.5 مليون دولار. وسيكون الأعلى في العالم بارتفاع يبلغ 42 متراً، أي أعلى من تمثال ريو دي جانيرو (39 متراً) في البرازيل، ومن الحصن الإسباني التاريخي سانتا كروز نفسه في وهران وفق ما نقلته "فرانس 24" عن صحيفة "الخبر" الجزائرية.
سيتم تزويد سيف الأمير عبد القادر بتقنية الليزر وسيكون موجهاً نحو القبلة، أما حصانه، فسيكون على 5 ركائز رمزاً لأركان الإسلام.
كما أشار والي ولاية وهران، سعيد سعيود، إلى أن "الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون هو الذي أمر ببناء هذا التمثال"، وذلك في ندوة صحفية عقدها الأسبوع الماضي بالمدينة نفسها، قال فيها: "الرئيس تبون منحنا التمويل الضروري لتشييد تمثال كبير للأمير عبد القادر في جبل مرجاجو".
وأضاف: "لقد تحصلنا على التمويل اللازم، من أجل بدء أعمال تصميم المشروع الذي سيكون أعلى تمثال في العالم".
وجدير بالذكر أن تماثيل للأمير عبد القادر قد شيدت في العديد من المدن الجزائرية، أكبرها نصب في شارع العربي بن مهيدي بالجزائر العاصمة.
من جهته، أشاد اللواء سعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الجزائري، بقرار عبد المجيد تبون تخصيص مبلغ مالي لتشييد تمثال "يخلد البطل الذي لا تزال شخصيته وإنجازاته العظيمة محط تقدير وعرفان ومحط فخر للشعب الجزائري بل والعالم بأسره كرمز من رموز المقاومة الشعبية الجزائرية ضد قوى الاستعمار والظلم".
وعلق جزائريون، على مواقع التواصل الاجتماعي، على هذا المشروع بنوع من السخرية، حيث تساءل أحدهم: "لماذا يخصصون كل هذه المبالغ لمشروع بناء تمثال للأمير عبد القادر في وقت يشكو فيه سكان آخرون من الفيضانات التي كادت تودي بمنازلهم".
وأضاف شخص آخر: "هذا المبلغ لبناء صنم لا ينفع! هل أصبحنا نأكل التماثيل في الجزائر؟! الاقتصاد العالمي يمر بأوقات صعبة والجزائر عوض أن تصرف هذه الأموال في شراء معدات طبية، فهي تنفقها في التماثيل".
أما مواطن آخر، فترك تعليقاً على فيسبوك قائلاً: "إن شاء الله سيتراجعون عن هذا المشروع ويقومون بتجسيد مشاريع تخدم المواطن المحتاج لخدمات تهوّن عليه مشاق الحياة، لأن آباءنا وأجدادنا ثاروا من أجل أن نعيش بكرامة وننفق أموال البلاد فيما يخدم المواطنين".
أما عمر حموريت، باحث في التاريخ الجزائري وصاحب كتاب "القوة المحلية"، فيعتقد أن "النظام الجزائري يريد تشييد رمز سياسي وثقافي. وعبد القادر إنسان مثقف وأنيق، لكن هل كان وطنياً؟".
يعتبر الأمير عبد القادر بن محيي الدين (1808-1883)، شخصية بارزة ومحورية في تاريخ الجزائر. ولعب الرجل الملقب بـ"أفضل عدو لفرنسا" دوراً كبيراً في رفض الوجود الاستعماري الفرنسي بللجزائر، حيث بايعه الجزائريون في 1832، أميراً لمقاومة الاستعمار. وهو من مؤسسي الجزائر الحديثة.
وبعد استسلامه، سجن في تولون (جنوب شرق) وبو (جنوب غرب) ثم في شاتو دامبواز من 1848 حتى إطلاق سراحه في 1852. ورغم أن الأمير عبد القادر كان ينطلق من العقيدة الإسلامية وتقاليدها، ويستمد سلطته من الشريعة، فإنه كان يحرص دائماً على الحوار مع ممثلي الديانات الأخرى. وفي 1860، لجأ إلى دمشق، وأنقذ مسيحيين خلال أعمال شغب كانت تستهدفهم، ما أكسبه مكانة دولية وأوسمة، من بينها وسام جوقة الشرف بفرنسا.