الأتراك الأفارقة، أو الأفارقة الأتراك أقلية شبه منسية، ولا يعرف عن تاريخهم ووجودهم وتاريخهم سوى القليل من الناس داخل تركيا وخارجها، رغم وجود عدد غير قليل منهم من الشخصيات المشهورة، مثل المغنية الناجحة في فترة السبعينيات "Esmeray"، أو أحمد علي شليكتن، والذي كان أول طيار أسود في تاريخ العالم.
أصل الأتراك الأفارقة بقايا تجارة الرقيق في الدولة العثمانية والهجرة من اليونان
تعود أصول أغلب الأتراك الأفارقة إلى تجارة الرقيق في الإمبراطورية العثمانية، وتقدر أعدادهم بحوالي 20 ألف شخص في الوقت الحالي، مع أنه لا توجد إحصائية رسمية توضح الرقم الحقيقي.
وفقاً للمؤرخ التركي هاكان إردم، في الجزء الأكبر من القرن 19، وصل ما معدله 10 آلاف من العبيد السود إلى مناطق الإمبراطورية العثمانية كل عام، بما في ذلك ألف شخص تقريباً في مناطق الأناضول وما يعرف الآن بدولة تركيا.
عمل معظمهم خدماً في المنازل أو طهاة أو مربيات، كما أن بعضهم عمل في المزارع، وفي حين أصدر السلطان عبد المجيد الأول مرسوماً عام 1857 ألغى فيه تجارة الرقيق، ولكن بعض الأسر، لا سيما في إسطنبول وبالقرب من ساحل بحر إيجة، احتفظت بالعبيد السود حتى وقت متأخر من أوائل القرن العشرين.
الكثير من أولئك العبيد المحررين قرروا البقاء في المناطق التي كانوا يعيشون فيها، مثل القرى القريبة من ساحل بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط، وعادة ما تزوجوا من داخل مجتمعاتهم، لكن البعض منهم تزوج من الأعراق الأخرى التي كانت تعيش في تلك المناطق.
ولم يكن كل أسلاف الأتراك الأفارقة عبيداً، فقد جاء بعضهم من جزيرة "كريت"، بعد معاهدة لوزان الموقعة في عام 1924. دعت هذه المعاهدة إلى تبادل سكاني بين المواطنين الأرثوذكس اليونانيين في الجمهورية التركية الفتية، والمواطنين المسلمين في اليونان.
كان معظم السود في جزيرة كريت من المسلمين، لذا كانوا جزءاً من هذا التبادل السكاني، شأنهم شأن العديد من الأشخاص الآخرين الذين تم نقلهم من خلال هذا التبادل، واستقروا على ساحل بحر إيجة، بشكل رئيسي في المناطق القريبة من إزمير.
وبحسب هاكان إردم قد لا يدرك العديد من الأتراك المنحدرين من عبيد سود أن لديهم دماء إفريقية في عروقهم، ومن المعروف أن هذا قد أدى إلى بعض المفاجآت، يقول إردم: "في بعض الأحيان، فجأة، يكون لديك طفل أسود يولد في عائلة تركية"، "وفقط بعد استجواب مكثف للشيوخ يتذكرون أن الجدة ربما كانت سوداء".
العنصرية والخرافات السائدة عن الأتراك الأفارقة تختلف من مدينة لأخرى
في القرى التي عاش فيها الأتراك الأفارقة جنباً إلى جنب، وعلى مدى أجيال، مع عائلات من أصل تركي، فإن التصرفات "المتحيزة" ضدهم، نادرة بشكل ملحوظ، وقلة من القرويين الأتراك يتشككون في أن جيرانهم السود هم أي شيء آخر غير كونهم أتراكاً.
ومع ذلك، في بعض المدن، وفي المناطق الداخلية من الأناضول، يكون الوضع مختلفاً قليلاً بدءاً من الفضول الحميد إلى توجيه أصابع الاتهام والظن بأنهم مهاجرون أفارقة، والشك وعدم التصديق أحياناً بأن رجلاً أو امرأة من أصحاب البشرة السوداء يمكن أن يكونوا أتراكاً.
بالإضافة إلى ذلك، بعض السكان المحليين في منطقة بحر إيجة لديهم بعض المعتقدات الخرافية حول "السود"، حيث يعتقد البعض أنهم إذا رأوا شخصاً أسود وقاموا بقرص الشخص الذي بجانبهم، فإن رغباتهم ستتحقق.
في مقال على موقع "todayszaman"، تذكر عائشة سوزر، وهي شابة من "الأتراك الأفارقة" حالة قامت فيها سيدتان بقرص بعضهما البعض عند رؤيتها، كانت مستاءة بشكل مفهوم. تقول "أخبرت السيدتين أنه إذا أرادتا حقاً أن تتحقق رغباتهما فيجب أن أقرصكما أنا أيضاً! لقد قبلتا وقرصتهما بشدة"، كما تقول ضاحكة.
من الخرافات الأخرى التي يعتقدها البعض أن قبلة شخص أسود يمكن أن تجلب الحظ. يقول مصطفى أولباك، وهو من "الأتراك الأفارقة" أيضاً: "عندما كنت صغيراً طُلب مني تقبيل العديد من الفتيات، لأن هناك خرافة مفادها أنه إذا لم يتم تقبيل الفتاة من قبل طفل إفريقي صغير فلن تجد زوجاً".
"أحمد علي شليكتن" أول طيار أسود في العالم
من بين أكثر الشخصيات المؤثرة من "الأتراك الأفارقة" الطيار أحمد علي شليكتن، المولود سنة 1883، والمعروف أيضاً باسم "إزميرلي أحمد علي" أو "عرب أحمد"، والذي أصبح أول طيار أسود في العالم عام 1914.
ولدت جدة أحمد لأمه في نيجيريا، وتم إحضارها إلى ما يعرف الآن بتركيا، كجزء من تجارة الرقيق في العهد العثماني، وولد حفيدها أحمد في إزمير، والذي عندما كان صغيراً كان يحلم بأن يصبح بحاراً، ودخل "المدرسة الفنية البحرية"، وتخرج فيها عام 1908 برتبة ملازم أول.
لكن لاحقاً التحق "أحمد شليكتن" بدورات الطيران في "مدرسة الطيران البحرية"، ثم أصبح عضواً في سلاح الجو العثماني، ليصبح أول طيار أسود في العالم.
بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، انخرط أحمد علي في حرب الاستقلال التركية، ودعم الحركة الوطنية التركية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك، وتطوع في قاعدة قونية الجوية العسكرية.
عام 1922 وضع القوميون الأتراك خطة لسرقة الطائرات من المستودعات العثمانية وإحضارها إلى أماصرة، وهي مدينة ساحلية على البحر الأسود.
وكان أحمد علي من بين الطيارين الذين قادوا تلك الطائرات، وتم إرسالهم إلى مدينة "أماصرة". وكانت واجباتهم تتبع سفن العدو في غرب البحر الأسود من مخرج البوسفور والإبلاغ عنها، وحماية العمليات البحرية.
عندما انتهت الحرب تقرر جمع جميع أنشطة ومواد الطيران، وإنشاء شركة طائرات في إزمير، وتم تعيين أحمد علي أيضاً في هذا القسم في عام 1924، وتم تكريمه بوسام الاستقلال لشجاعته. وفي عام 1928 تم تعيينه في منصب وكيل وزارة الطيران.
تقاعد أحمد علي في عام 1949 برتبة عقيد في سلاح الجو التركي، وكرّس وقته لعائلته. وتوفي عام 1969 في إزمير، وترك خلفه عائلة من الطيارين، وهم ولداه، وزوج أخته، وابن أخيه أيضاً.