قالت صحيفة The Times البريطانية، في تقرير نشرته الأحد 23 أبريل/نيسان 2023، إن شركة تكنولوجية تعمل في مجال إعداد التقارير المدرسية، كشفت أن آلاف المدرسين باتوا يدفعون الأموال في مقابل الاعتماد على برامج إلكترونية تعمل بالذكاء الاصطناعي لصياغة التقارير المطلوبة منهم في نهاية العام الدراسي، وهو عكس ما كان متعارفاً عليه من كتابتهم التقارير لطلابهم بخط اليد، وبأقلام الحبر الملونة، وأن تتضمن تلخيصاً متفاعلاً وشارحاً لنقاط القوة والضعف لدى كل تلميذ في الفصل.
حيث تتولى شركة Real Fast Reports إعداد تقييم "شخصي ومنفصل" لكل تلميذ، بناءً على الملاحظات التي يرسلها المعلمون. وتعتمد في ذلك على برامج تعمل بالذكاء الاصطناعي، على غرار تطبيق الدردشة ChatGPT، وتزعم الشركة أن تقاريرها مفيدة ومخصصة لتقييم حالة كل طالب على حدة، وفرص حدوث الأخطاء فيها قليلة.
مدرسون يعتمدون على الذكاء الاصطناعي لتقييم الطلاب
نقلت صحيفة The Daily Mail البريطانية عن الشركة، أن أكثر من ألف معلم باتوا يستخدمون خدماتها منذ أن أسسها معلمان سابقان العام الماضي، وبدأت في تقديم خدماتها مقابل 12.5 دولار أمريكي في السنة.
حيث تُشرف الشركة على إعداد تقارير "محكمة الصياغة"، وإدراج اسم التلميذ والسماح بتعديل ضمائر الإشارة تلقائياً، ما يتيح للمعلمين تعديل الملاحظات وإعادة استخدامها لطلاب آخرين.
مع ذلك، ينبِّه الموقع الإلكتروني للشركة المعلمين إلى أن "الذكاء الاصطناعي لا يعرف طلابك، لذا فإن جودة التقرير تعتمد على إحكام المعلومات الواردة في ملاحظاتك"، "إذا كانت المدخلات سيئة، فإن المخرجات ستكون كذلك".
صارت النظم التعليمية تقتضي أن تكون التقارير المدرسية أكثر تفصيلاً بكثير مما كانت عليه في الجيل السابق. فقد بات يتعين على معلمي المدارس الابتدائية تقييم حالة كل طالب، وتحديد مدى قدرته على بلوغ مجموعة كبيرة من المعايير المتوقعة في هذا العمر وتلبيتها وتجاوزها.
تفاصيل نصوص الذكاء الاصطناعي في تقييم الطلاب
من الأمثلة على الملاحظات التي تستخدم في إعداد التقارير، أن معلِّماً أخبر البرنامج بأن التلميذ قد تحسَّن مستواه، وصار يستمتع بالمادة الدراسية، لكن فاته القيام بكثير من الواجبات المنزلية في موعدها. فصاغت تطبيقات الذكاء الاصطناعي هذه الملاحظات في تقييم يقول: "لقد تحسن مستوى (جوش) في مادة الفيزياء هذا العام. وقد استمتع بالمادة الدراسية. ومع ذلك، فإنه يحتاج إلى تحسين التزامه بالمواعيد الدراسية إن كان يريد بلوغ ذروة مستواه في هذه المادة".
قال ناظم الزهاوي، وزير التعليم البريطاني السابق، إن زيادة أعباء العمل أحد أبرز أسباب الشكوى لدى المعلمين، لذلك فإن الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامه لتقليل هذه الأعباء، خاصةً أعمال التصحيح الروتينية.
في المقابل، قال كريس ماكجفرن، رئيس حملة "التعليم الحقيقي"، إن الاعتماد على تقارير تصوغها برمجيات الذكاء الاصطناعي ينم عن "التكاسل والخداع المفتقر إلى حس المسؤولية"، فضلاً عن كون هذا السلوك يشوه سمعة المهنة.
مع ذلك، قال بيتر غرافيل، أحد مؤسسي شركة Real Fast Reports، إن التكنولوجيا صاغت تقارير مدرسية أفضل من تقارير كثيرة يصوغها المدرسون ويتلقاها التلاميذ على ما فيها من عيوب، "وبعض المعلمين يكتفي بصياغة 3 تقييمات لكل فصل دراسي كامل من الطلاب -جيد، ومتوسط، وسيئ – ثم ينسخ التقارير ويلصقها كما هي للفصل بأكمله، ولا يغير فيها سوى أسماء التلاميذ.
أضاف غرافيل: "لقد كنا معلمين ونحن أولياء أمور ذوو خبرة، لذلك فإننا نتفهم المخاوف المتعلقة بالذكاء الاصطناعي الذي يمكن أن يُكتفى فيه بتغيير أسماء الطلاب، وإعداد تقارير متطابقة أو رديئة. لكننا نزعم أن الخدمة التي نقدمها توازن بين كفاءة الذكاء الاصطناعي واللمسة الشخصية التي لا يمكن لأحد سوى المعلم تقديمها"، و"المعلمون قالوا إن الكتابة بطريقة النقاط تجبرهم على التفكير بعناية أكبر في الملاحظات التي يقدمونها"، ونحن نقدم "مساعدة هائلة" للمعلمين الذين يعانون من عسر القراءة أو من ليست الإنجليزية لغتهم الأولى.
من جهة أخرى، قالت ميشيل دونيلان، وزيرة التعليم السابقة، إن الذكاء الاصطناعي صار أمراً واقعاً سيبقى معنا، ويمكن استخدامه لتحسين مهارات الأطفال ورعايتها.