عمت الفوضى موقع تويتر، بعد 24 ساعة من بدء اختفاء علامات الاختيار الزرقاء في حسابات تويتر الموثقة سابقاً، وتفشّت وقائع انتحال الشخصية ونشر المعلومات الكاذبة، بينما لم يشترك سوى القليل من الأشخاص في خدمة "تويتر بلو" الجديدة، بينما دفع الملياردير إيلون ماسك، مالك تويتر، مبلغ الاشتراك لبعض الحسابات البارزة بالمنصة.
صحيفة The Guardian البريطانية قالت إن نتائج أول يوم من فرض السياسات الجديدة لحسابات تويتر الموثقة لم تكن مبشرة، والذي صادف يوم الجمعة 21 أبريل/نيسان 2023.
الصحيفة أوضحت في تقرير لها، أن التغييرات الجديدة أدت إلى تحوُّل في معنى العلامة الزرقاء، التي كانت تُشير إلى حسابٍ جرى التحقق منه بشكل مستقل في السابق. بينما صارت تشير الآن إلى حسابٍ يدفع مبلغاً من المال مقابل ظهور تغريداته أمام عدد أكبر من الناس.
"التوثيق" يفقد معناه الأصلي
احتوت علامات المستخدمين الزرقاء في يوم الجمعة على رسالة منبثقة تقول إن الحساب "موثّق لأنه مشترك في خدمة تويتر بلو وأتمّ عملية التحقق برقم الهاتف". ولا يعني التحقق باستخدام رقم الهاتف سوى أن المستخدم لديه رقم هاتف، وقد أثبت أنه يستطيع الوصول إليه، لكنها خطوة لا تُثبت هوية الشخص، ما أثار المخاوف حيال مدى مصداقية تلك الحسابات.
إلى ذلك، استغل العديدون عالم تويتر الجديد الخالي من الحسابات الموثّقة، عن طريق تغيير صورهم الشخصية وأسمائهم لانتحال صفة شخصيات بارزة، بدايةً بمؤسس أمازون جيف بيزوس، ووصولاً إلى سيناتور أريزونا الراحل جون ماكين. بينما نشر آخرون تغريدات مقالب من خلال التنكر في صورة حسابات إخبارية رسمية، وذلك بغرض نشر أخبار كاذبة تسخر من ماسك.
انتحال صفة المؤسسات والشخصيات قد أثار المخاوف حيال فقدان منصة تويتر مكانتها، حيث تُعَدُّ منصةً لتداول المعلومات الدقيقة والمُحدّثة من المصادر الأصلية، خاصةً في حالات الطوارئ.
علامات التوثيق
وحول علامات التوثيق، تقدم منصة تويتر الآن علامات التوثيق الذهبية للمؤسسات الموثقة، وعلامات التوثيق الرمادية للمنظمات الحكومية والكيانات التابعة لها.
لكن لم يتضح سبب حصول بعض الحسابات عليها في يوم الجمعة، بينما لم تظهر تلك العلامات على حسابات أخرى. حيث فقدت حسابات هيئات النقل الكبرى حالة توثيق حسابها في مدن مثل باريس وسان فرانسيسكو، بالإضافة إلى بعض هيئات تتبع الطقس الرسمية، وذلك اعتباراً من ظهر يوم الجمعة.
في غضون ذلك، قالت العديد من الوكالات المتأثرة إنها تنتظر توضيحاً أكبر من شركة تويتر، التي قلّصت عدد موظفيها بشكلٍ حاد منذ شراء ماسك للشركة العام الماضي مقابل 44 مليار دولار.
تنفيذ سيئ وأعداد اشتراكات منخفضة
ووفقاً للصحيفة البريطانية، فإنه يُمكن وصف عملية إطلاق خدمة "تويتر بلو" بأنها تمثل إخفاقاً، بداية بردود أفعال المستخدمين ووصولاً إلى التنفيذ. حيث أشار البعض إلى أن علامات الاختيار الزرقاء لم تتم إزالتها من نظام تويتر بالكامل على ما يبدو، وظلّت تظهر وتختفي لعدة أيام قبل إزالتها.
وفي الوقت ذاته، واصلت شركة تويتر دفع برنامجها الجديد بكل قوة، وأخبرت المعلنين أن عليهم الاشتراك في تويتر بلو من أجل مواصلة عرض الإعلانات، بينما تراجع دخل تويتر النقدي من كبار المعلنين بنسبة 65%.
من جهتهم، أشار الباحثون المستقلون إلى أن البيانات العامة المتوفرة من واجهة برمجة التطبيقات الخاصة بتويتر- المتاحة للمشتركين فقط حالياً- تُفيد بتسجيل 28 حساباً جديداً فقط في خدمة تويتر بلو، وذلك عقب الحملة الكبيرة التي جرت هذا الأسبوع.
بينما قال تقرير آخر إن الرقم يقارب الـ400 حساب جديد. فيما كشف تحليل مستقل من ترافيس براون، مُطوِّر إحدى برمجيات تتبع الشبكات الاجتماعية، أن نسبة الحسابات الموثّقة قديماً التي دفعت للانضمام إلى تويتر بلو لم تتجاوز الـ5%.
إيلون ماسك دفع مبلغ الاشتراك لبعض الحسابات
من جانبه، اعترف إيلون ماسك عبر حسابه بأنه سيتكفّل بقيمة الاشتراك لبعض الحسابات البارزة في تويتر، حتى تحتفظ بعلامات التوثيق الزرقاء.
وأكّد مالك تويتر على هذه البادرة، بعد أن تبيّن أن الكاتب ستيفن كينغ، والممثل ويليام شاتنر، ونجم كرة السلة ليبرون جيمس قد احتفظوا بعلامات التوثيق الزرقاء، رغم عدم اشتراكهم في خدمة "تويتر بلو".
ولم تعد منصة تويتر تحتوي على أية حسابات موثقة قديماً في الوقت الحالي، بعد أن وصل عدد تلك الحسابات في مطلع الشهر إلى نحو 400 ألف حساب. بينما وصل عدد المشتركين في خدمة تويتر بلو إلى نحو 630 ألف حساب.
وتتضمن خطط ماسك لخدمة تويتر بلو منح ردود المشتركين بروزاً أكبر في صفحة "لك" الافتراضية لدى المستخدمين، كما ستحظى التغريدات التي يتفاعلون معها بانتشارٍ أكبر. وقال ماسك إن التحوّل إلى التوثيق المدفوع يُعَدُّ ضرورياً من أجل القضاء على حسابات البوتات المؤتمتة، وتوفير مصدر دخل بديل عن الإعلانات التي كانت تمثل الشطر الأعظم من دخل تويتر.
ونقل موقع The Verge الأمريكي يوم الخميس، 20 أبريل/نيسان، أن أحد موظفي تويتر بعث رسالة بريد إلكتروني إلى ليبرون جيمس مؤخراً "لتمديد الاشتراك مجاناً لحساب @kingjames نيابةً عن إيلون ماسك". يُذكر أن جيمس الذي يمتلك أكثر من 52 مليون متابع كان من أبرز معارضي الدفع مقابل التوثيق، حيث صرّح في الشهر الماضي قائلاً إنه "لن يدفع" للحصول على علامة الاختيار الزرقاء.
بينما أعرب كينغ، المؤلف الشهير، عن حيرته لأن علامة التوثيق على حسابه تُخبر المتابعين بأنه مشترك في تويتر بلو. إذ كتب كينغ: "يقول حسابي على تويتر أنني اشتركت في خدمة تويتر بلو، لكنني لم أفعل ذلك". ليرد عليه ماسك قائلاً: "على الرحب والسعة، ناماستي"، في إشارةٍ إلى أنه تدخل نيابةً عن كينغ لمساعدته في الاحتفاظ بحالة التوثيق.
وقد حلّت علامات التوثيق الرمادية "الرسمية" محل علامات التوثيق الزرقاء في حسابات المؤسسات الرسمية، مثل حساب البابا فرانسيس. فيما كتبت منصة Bellingcat الهولندية للصحافة الاستقصائية إنها حصلت على علامة توثيق رمادية، بينما لم يدفع مؤسسها إيليوت هيغينز للحصول على علامة توثيق زرقاء لحسابه الشخصي. وأردف: "أتوقع أن يطلبوا مني الدفع مقابل علامة التوثيق في المستقبل القريب".