حتى الحيوانات التي تنتمي لفصيلة واحدة تتعارك فيما بينها أيضاً، فقد ينشب شجار بين أفراد القطيع الواحد لأسباب مختلفة مثل التنافس على مصادر الطعام أو الرغبة بالتزاوج مع أنثى معينة، لكن كيف تحل الحيوانات خلافاتها؟ قد تتفاجأ عند معرفة الطرق المختلفة التي تلجأ إليها الحيوانات لحل النزاع، إذ لا تعتمد كل أنواع الحيوانات على الشجار والعنف، بل قد تلجأ إلى استراتيجيات أكثر عقلانية في بعض الأحيان، كما قد تلجأ أيضاً إلى طرق غريبة، لكنها نافعة في ذات الوقت.
كيف تحل الحيوانات خلافاتها؟
الهرب أو التجاهل
هناك أنواع معينة من الحيوانات تجد في الهرب الوسيلة الأمثل لحل أي خلاف أو نزاع يواجهها، وتعتبر النعامات والسلاحف من أبرز الحيوانات التي تعتمد على هذه الوسيلة.
ويشتهر النعام على سبيل المثال بأنه يميل إلى دفن رأسه في التراب لتجنب المواجهات والمخاطر، وعندما لا يكون الاختباء بهذه الطريقة هو الخيار الأفضل يلجأ النعام إلى الهرب من مصدر التهديد بسرعة عالية، فعلى الرغم بأن النعام لا يستطيع الطيران لكن من الممكن أن يركض بسرعة تزيد عن 40 ميلاً في الساعة
(64 كم/ساعة)، ويعتمد في ذلك على أرجله القوية.
مع ذلك، عندما لا يكون الهروب خياراً، من الممكن أن يستخدم النعام أرجله القوية ومخالبه الكبيرة كسلاح، فيواجه خصمه ويركله مستخدماً ساقاً واحدة. مع العلم أن الساق تحمل مخالب حادة يبلغ طولها 4 بوصات (10 سم) وهي قادرة أن تمزق الجلد وتسبب إصابات خطيرة.
ووفقاً لما ورد في موقع birdfact فإن النعام يسلك سلوكاً عدوانياً بشكل خاص خلال موسم التكاثر، وهو الوقت الذي يتقاتل فيه الذكور فيما بينهم من أجل الهيمنة.
وعلى غرار النعام، تعتمد السلاحف غالباً على الهرب أو التجاهل لحل خلافاتها مع أقرانها، فعلى الرغم من أنها لا تستطيع دفن رأسها في التراب كما النعام إلا أنها تكتفي بأن تدير ظهرها وترحل عندما يشتد الخلاف بينها وبين أحد أقرانها.
إثبات الذات والهيمنة
تلجأ العديد من الحيوانات المفترسة إلى العنف عند الشجار مع أقرانها، لكن العنف عند حيوانات معينة، مثل الأسود على سبيل المثال، يحمل رسائل أكثر عمقاً، فهو الطريقة التي تفرض فيها الحيوانات هيمنتها على المنطقة وعلى القطيع وعلى مصادر الطعام.
تعتبر الأسود من أبرز الأمثلة حول الحيوانات التي تحاول فرض سيطرتها وهيمنتها، إذ يوجد في كل قطيع ذكر واحد هو المسيطر والمهيمن على أفراد القطيع بأكمله ذكوراً وإناثاً.
ولا يتبوأ هذا الأسد مكانته من فراغ، إذ يجب أن يثبت أنه جدير بهذه المكانة عند دخوله في عراك أو شجار مع أحد أقرانه، وتحسم نتيجة الشجار المكانة المستقبلية لكل فرد من أفراد القطيع.
تفهم الموقف/ الاستسلام
في بعض الأحيان عندما تدخل الحيوانات في عراك ما، قد تكون النتائج "دامية" إلى حد كبير، إذ يدفع العنف الطرفين إلى المقاومة حتى الرمق الأخير، لكن في أحيان أخرى قد يتفهم الطرف الخاسر أنه خسر هذه المناوشة ولا بأس من أن يستسلم ليحتوي الموقف ويتجنب التصعيدات التي قد تعود عليه بالضرر.
وتعتبر الحرباء من الحيوانات التي تلجأ إلى هذه الاستراتيجية في حالات الشجار.
وبكل الأحوال لا تعتبر مناوشات الحرباء عنيفة، إذ تلجأ هذه الزواحف إلى طريقة فريدة لبدء الشجار: ألا وهي تغيير لونها.
وفقاً لما ورد في موقع theatlantic فإن الحرباء تغير لونها عند الاستعداد لمحاربة أحد أقرانها. وتستخدم الحرباء هذه المهارة لترهيب الخصم.
وعندما تتحدى ذكور الحرباء بعضها بعضاً من أجل فرض الهيمنة على المكان أو من أجل الحصول على الإناث، يصبح لونها أكثر إشراقاً وأكثر كثافة.
ويزيد إشراق اللون كلما زاد مستوى العدوانية لدى الحرباء، وتعد سرعة تغيير اللون مؤشراً مهماً يدل على الحرباء التي ستفوز في المناوشة، أما الخصم فيستسلم قبل أن يتم تصعيد الموقف.
الوصول إلى حل وسط
يسعى الكثير من البشر لتعلم كيفية إدارة النزاعات بطرق سلمية والتوصل إلى حلول وسط ترضي جميع الأطراف، في حين أن بعض الحيوانات تمتلك هذه المهارة بشكل فطري، ونتحدث هنا تحديداً عن الثعالب.
تستخدم الثعالب أسلوباً مثيراً للإعجاب في إدارة الصراعات والخلافات مع الأقران، إذ تسعى الثعالب عادة إلى تحقيق أهدافها والحفاظ على علاقة جيدة مع الآخرين بذات الوقت.
وتعتبر الثعالب من الكائنات التي لا تمانع التضحية ببعض أهدافها مقابل إقناع الآخرين بالتخلي عن جزء من أهدافهم أيضاً للوصول إلى حل وسط يرضي الجميع. بالنسبة للثعالب، تكون هذه التسويات جازمة وتعاونية وتدخل حيز التنفيذ على الفور.
بهذه الطريقة تصل الثعالب إلى نتائج مرضية وتحافظ على شبكة علاقات جيدة مع أقرانها بذات الوقت.
التعاون لإيجاد حل للمشكلة
لا عجب أن ينظر للبومة في كثير من الثقافات على أنها رمز للحكمة، إذ تحل هذه الطيور خلافاتها بأفضل الطرق على الإطلاق، ففي حين تتنازل الثعالب عن بعض الأهداف وتقنع الخصم أيضاً بالتنازل عن بعض الأهداف، فإن البومة لا ترضى إلا بتحقيق الفوز للجميع.
تستخدم البوم أسلوب التعاون في إدارة الصراعات بين الأقران، إذ يقدر البوم أهمية تحقيق الأهداف والحفاظ على العلاقات بذات الوقت.
وينظر البوم إلى النزاعات على أنها مشاكل يجب حلها وتبحث عن حل يحقق أهدافها وأهداف الطرف الآخر أيضاً. ولا تشعر البوم بالرضا حتى يتم العثور على حل يحقق الفوز للجميع.
التنازل والتركيز على العلاقة مع الطرف الآخر
على الرغم من أن الدببة قد تبدو كائنات متوحشة، إلا أنها لطيفة بالغالب فيما بينها، ويظهر ذلك على وجه التحديد عندما ينشب خلاف بين صديقين من الدببة.
تهتم الدببة بالحفاظ على علاقاتها مع بعضها بعضاً أكثر من تحقيق الأهداف لذلك تميل إلى التنازل عن أهدافها في حال نشب خلاف ما.
إذ تتجاهل الدببة أهدافها الخاصة وتحل الخلاف من خلال الاستسلام لرغبات الطرف الآخر.
وتدير الدببة خلافاتها بهدوء خوفاً من إلحاق الضرر بالعلاقة فتتبع سلوكاً غير حازم وتعاونياً يخلق حالة ربح/خسارة بين طرفي النزاع.
ممارسة الجنس
وبالانتقال إلى قرود البونوبو، فهي لا تميل إلى العنف في حل النزاعات، ولا تهرب من المواجهة ولا تسعى لإيجاد حلول أو تسويات أو تنازلات، بل تلجأ ببساطة إلى ممارسة الجنس كلما وقع خلاف بين قردين.
ولا يقتصر ذلك على الخلافات بين الذكور والإناث، بل يشمل كذلك خلافات الذكور مع بعضها، وفقاً لما ورد في موقع abcnews.
يذكر أن قرود البونوبو هي الأكثر شبهاً بالإنسان، إذ تتشابه معه وراثياً بنسبة 98.5. كما أنها تعتبر حيوانات ودودة وغير عنيفة وتميل إلى الاعتناء والاهتمام ببعضها بعضاً.