قرابة الحدود المغربية الجزائرية تقع إحدى أجمل المدن وأكبرها في المنطقة، وجدة العاصمة الشرقية للمملكة المغربية، يعود تاريخ تأسيسها إلى القرن العاشر الميلادي، وتضم العديد من الأماكن السياحية والحدائق القديمة.
تشتهر مدينة وجدة oujda في المغرب بالمدينة المحافظة، إذ يعرف أهلها بكرم الضيافة وصدق القول والفعل، بالإضافة إلى تقاليدها الخاصة التي تميزها عن باقي المدن المغربية.
وجدة.. روايات متعددة والمدينة واحدة
حسب موقع "chamspost" المغربي كانت وجدة القديمة مدينة تصل ما بين شمال المغرب الأقصى وشمال الجزائر، والتي كانت تسمى "موريتانيا القيصرية"، فيما كانت تسمى "الحيرة" لكثرة مياهها ثم بعدها حملت اسم وجدة، أعاد زيري بن عطية المغراوي بناءها سنة 994 وأصبحت من أهم المدن في المنطقة الشرقية بالمغرب الأقصى.
تضم مدينة وجدة أحد أقدم المساجد في المغرب، والذي يعود تاريخه إلى القرن السابع الميلادي، يحمل المسجد اسم "جامع سيدي عقبة" نسبة إلى عقبة بن نافع الفهري الذي توفي سنة 682 للميلاد، وكان هو من وضع حجر الأساس للمسجد الذي اكتمل بناؤه بعد وفاته.
تختلف الروايات حول تسمية المدينة، فأولها يعيد الاسم إلى الكلمة الأمازيغية "تيوجدا" والتي تعني الأسوار، وهو ما تؤكده بعض الحفريات الأثرية الفرنسية التي أنجزت أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
أما الرواية الثانية فتفيد أنه صيغة معربة الجذور الأمازيغية لمدينة "وجدات"، بمعنى الاستعداد للأمر، أما الرواية الأخيرة حول سبب تسمية المدينة فيقال إن وجدة مشتقة من كلمة الوجد وتعني الحب، ويستدل بعض المؤرخين على ذلك بقول أبي الحسن ابن الفكون القسنطيني خلال القرن الثاني عشر:
لما جئت وجدة همت وجداً *** بمنخنث المعاطف معنوي
أما الرواية الرابعة فتقوي اشتقاق اسم وجدة من الوجد، أي منقع الماء، والمراد هنا مياه واحة سيدي يحيى في ضواحي المدينة، التي كانت جارية إلى حدود سبعينيات القرن العشرين. أما الرواية الأخيرة فتقول إن سليمان بن جرير الزبيدي، قاتل المولى إدريس الأول مؤسس دولة الأدارسة بالمغرب سنة 177 هجرية، وُجِد في حيز محدد، فعرف هذا المكان باسم وجدة.
أسوار ومدينة بنيت على أنقاض أخرى
على أنقاض الأسوار القديمة لمدينة وجدة التي يعود تاريخ أولها إلى السلطان يوسف المريني الذي حكم المغرب سنة 1296 ثم رممها السلطان المولى إسماعيل العلوي سنة 1679 بنيت الأسوار الجديدة التي لا تزال قائمة إلى اليوم سنة 1890 في فترة حكم السلطان محمد بن عرفة بن محمد الرابع.
تتميز هذه الأسوار بضمها العديد من الأبواب الكبيرة التي تقود إلى المدينة القديمة وهي:
- الباب الغربي والمعروف بباب سيدي عيسى.
- باب ساحة سيدي عبد الوهاب أشهر أبواب المدينة.
- باب أولاد عمران.
- باب الخميس.
تتميز المدينة القديمة لوجدة بأبواب داخلية أيضاً وهي: باب السبت وباب سيدي شعيب وباب أولاد ابن مرزوق الخطيب وباب القصبة وباب دار المخزن وباب سوق الحبوس وباب سوق الغزل وباب السقاية وباب رحبة الزرع وباب أهل وجدة وباب القيسارية وباب أشقفان وباب سوق الشراقة وباب الزاوية وباب القنادسة وباب أهل الجامل، وأخيراً باب القرنة.
ثاني أكثر مدينة بها مساجد في العالم oujda
حسب "وكالة الأناضول" تعتبر مدينة وجدة ثاني أكثر مدينة في العالم بها مساجد بعد مدينة إسطنبول التركية، إذ تتناثر المساجد في كل ركن منها، بل إنه لا يخلو أي حي من أحيائها، سواء العتيقة منها أو الحديثة، من مسجدين على الأقل، حتى إن عدد المساجد بلغ أكثر من 400 مسجد، وفق أرقام رسمية.
قبل 30 عاماً تقريباً، لم تكن وجدة تضم هذا العدد الكبير من المساجد، وذلك راجع إلى أن النشاط الخيري في تلك الفترة لم يكن على ما هو عليه في العقدين الأخيرين، حسب المصدر نفسه يقول عمدة مدينة وجدة السيد عمر حجيرة إنه في السابق كانت المدينة تضم مسجداً لكل حي، أما الآن فمسجد لكل 300 منزل في الحي الواحد.
وأضاف عمر حجيرة أن تنامي المساجد يرجع إلى بروز نشاط المحسنين في المدينة، وتكاتف جهودهم مع مصالح الدولة، لتصبح اليوم وجدة الأولى بالمملكة المغربية من حيث عدد المساجد مقارنة بعدد السكان.
من أشهر وأقدم مساجدها المسجد الأعظم أو المسجد الكبير، والذي يعتبر أعرق معالمها، يتميز المسجد بالطراز المغربي الأندلسي، بني هذا الصرح الديني سنة 1296 ميلادية من قبل السلطان المريني أبي يعقوب يوسف بمدينة وجدة، التي تزخر بتراث معماري غني، بفضل ما تحتضنه من مواقع متعددة ذات حمولة ثقافية وحضارية.
وتم الحفاظ على هذا المسجد العتيق، الذي يقع بالجانب الشمالي للقصبة المرينية، على مر القرون، في إطار صون الذاكرة وكل رموز الشعب المغربي، حيث تم تجديده وترميمه مرات عدة.
وشهدت هذه المعلمة النفيسة، التي يتجاوز عمرها سبعة قرون حتى صارت جزءاً أساسياً من ذاكرة عاصمة الشرق، أشغال تأهيل في جانبها الغربي سنة 1880، ثم أشغال توسعة وبناء ملحقات إضافية سنة 1934.
ينفرد هذا الصرح الديني بجمالية معماره وبنائه وأشكاله الهندسية وأعمدته وأقواسه، وكذا كتاباته العربية الإسلامية المميزة للطرز المعمارية السائدة في حقبة المرينيين. كما أن النافورات المحاذية للأسوار الخارجية للمسجد الأعظم تعتبر أيضاً من الخصائص المعمارية الجذابة لهذا البناء.
المعالم السياحية بمدينة وجدة
في حال زرت مدينة وجدة ينصح بزيارة أحد أهم المنازل التاريخية التي تعود إلى حقبة الاستعمار الفرنسي للمغرب، دار السبتي، وهي إحدى التحف المعمارية التي تعتبر نموذجاً للمنازل البرجوازية خلال تلك الحقبة.
أصبحت دار السبتي حالياً مكاناً ثقافياً تقام به العديد من الأنشطة، بالإضافة إلى استخدامها قاعة للأفراح خلال فترة الصيف بسبب مساحتها الكبيرة وارتفاع سقفها، تأسست دار السبتي سنة 1938 على يد أحد تجار مدينة وجدة، فيما كانت تأوي أهم التجار والموظفين في المدينة.
تشتهر مدينة وجدة أيضاً بكثرة حدائقها؛ إذ لا تخلو أحياؤها من الحدائق ذات المساحات الكبيرة، أشهرها حديقة لالة عائشة والتي تمتد مساحتها إلى قرابة 20 هكتاراً، ويعود تاريخها إلى فترة الحماية الفرنسية، تضم الحديقة العديد من الأجنحة منها مكان لألعاب الأطفال.
أماكن مخصصة للرياضة والفروسية بالإضافة إلى مسابح كبيرة منها الخاص بالأطفال والمتوسط، بالإضافة إلى مسبح كبير يصل عمقه إلى أكثر من 10 أمتار، يمكن الدخول إلى الحديقة بالمجان والاستفادة من كل أنشطتها، فيما سعر المسبح عشرون درهماً للفرد أي قرابة دولارين فقط.
ينصح القادمون للمدينة بتجربة أشهر المأكولات فيها؛ إذ تتميز ساحة سيدي عبد الوهاب بالمدينة وحديقة الساعة المجاورة لبلدية المدينة بالمحلات وأكشاك الأكل التي تبيع "كران" أشهر مأكولات الشوارع بالمدينة، بالإضافة إلى اقتناء الكعك الوجدي الذي يتفنن فيه سكان المنطقة الشرقية بالمغرب.
صنفت مدينة وجدة عاصمة للثقافة العربية سنة 2018 و2019 من قبل اللجنة الدائمة للثقافة العربية "جامعة الدول العربية" بسبب ضمها العديد من الجامعات والمهرجانات الثقافية.