يدرس البرلمان الفرنسي مشروعاً يستهدف ردع مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي الذين ينالون الشهرة والمال من خلال عرض حياة أطفالهم، في ظاهرة تُعرف باسم sharenting "المشاركة"، ويقترح القانون محاكمتهم أمام قضاة محاكم الأسرة، وفق ما ذكرته صحيفة The Times البريطانية، الإثنين 6 مارس/آذار 2023.
إذ ينشر أكثر من نصف الآباء الفرنسيين صوراً لأطفالهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وينشر تسعة من كل عشرة صوراً لأطفالهم وهم دون سن الخامسة. وتُنشر صور الطفل العادي على وسائل التواصل الاجتماعي 1300 مرة قبل سن 13 عاماً، وفقاً لاستطلاع أجراه مرصد الأبوة والتعليم الرقمي.
يقول توماس رومر، مدير المرصد: "بعض الآباء من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي يكسبون الآلاف شهرياً من إلقائهم البطاطا المهروسة على وجوه أطفالهم. وهذه الممارسات ترقى إلى مستوى العنف الرقمي، رغم خوضنا معركة ناجحة لوقف الضرب والممارسات المهينة الأخرى".
إذ قدم برونو ستودر، النائب البرلماني عن منطقة الألزاس، من حزب النهضة الذي يتزعمه ماكرون، مشروع القانون استجابة للمدى الذي بلغه الآباء في نشر صور أطفالهم أمام الجمهور العام، وتعريضهم للإهانة في أغلب الأحيان.
على تيك توك وإنستغرام ومنصات أخرى، أصبح بعض الأطفال الفرنسيين نجوماً يتابعهم آلاف الأشخاص، ويظهرون في مقاطع فيديو يُعدها آباؤهم.
يستهدف النشطاء ما يسمى بالمقالب مثل "تحدي الجبن"، الذي يلقي فيه الآباء قطعة جبن على وجوه أطفالهم وينشرون ردود أفعالهم، ومزحة "شرطة الأطفال" التي ينشر فيها الآباء ردود أفعال أطفالهم حين يسمعون صوت ضابط شرطة وهمي يقول: "ابنك لا يطيعك. سنأتي لنأخذه ونضعه في السجن".
كما قال ستودر إن الآباء من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي على ما يبدو غافلون عن حقيقة أن 50% من الصور التي يجري تبادلها في منتديات الاستغلال الجنسي للأطفال مأخوذة من الصور التي ينشرها مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي على وسائل التواصل الاجتماعي.
أضاف ستودر: "بعض الصور التي ينشرها مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً صور الأطفال العراة أو الفتيات الصغيرات بملابس الرياضة، تثير اهتمام دوائر المهووسين جنسياً بالأطفال". وقال إن الصور التي ينشرها الآباء غالباً ما تعود لتطارد الأطفال الذين يصبحون أهدافاً للتنمر.
يهدف القانون إلى تعزيز خصوصية القاصرين، وتمكين قضاة محاكم الأسرة من حرمان الوالدين من حقوقهم في صور أطفالهم، ونقلها إلى طرف ثالث مثل اختصاصي اجتماعي. وسيُلزم الآباء بإشراك الطفل في قرار نشر صورته "وفقاًَ لسِنّه ودرجة نضجه"، وفقاً لما جاء في ديباجة مشروع القانون.
بينما أعلنت شارلوت كوبل، وزيرة الدولة لشؤون الأطفال، دعمها لمشروع القانون الذي من المتوقع أن يجتاز المناقشة الأولى هذا الأسبوع. وقالت: "يمكننا تعليق حق الوالدين في التصرف في صور الأطفال إذا أساءوا استخدامها بشكل خطير، وهذا ينطبق على من يستخدمون الصورة لكسب المال أو الشهرة".
على أن بعض النشطاء يرون أن هذا القانون لا يكفي. وقال رومر إنه "يركز على الحق في الصور الشخصية، وليس كرامة الأطفال".