خلصت دراسة حديثة إلى أن كثرة المشاركة في الأنشطة الاجتماعية ربما تكون سر طول العمر، وكلما ازدادت ازداد تأثيرها الإيجابي، وتكشف الدراسة عن أدلة جديدة على تأثير العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة على الصحة، لا سيما بعد تقدم العمر، وفق ما ذكرته صحيفة The Times البريطانية الإثنين 6 مارس/آذار 2023.
إذ وجد باحثون من مستشفى جامعة سيتشوان غرب الصين، بعد متابعتهم أكثر من 28,500 شخص فوق السبعينات، أن من شاركوا في أنشطة اجتماعية يومياً أو أسبوعياً أو شهرياً عاشوا لفترة أطول من الذين لم يشاركوا في أنشطة اجتماعية أو شاركوا فيها من حين لآخر فقط.
سجلت دراستهم، التي نُشرت في مجلة علم الأوبئة وصحة المجتمع، معدل وفيات 18.4 لكل 100 شخص كل عام بين من لا يشاركون في أي أنشطة اجتماعية. وتراجع هذا المعدل بسرعة بين من يشاركون في الأنشطة الاجتماعية بصفة يومية تقريباً إلى 7.3.
بينما ربطت الدراسة بين العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة بارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض النفسية وأمراض مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسمنة والخرف، فضلاً عن المعدلات المتزايدة في حالات دخول المستشفيات بين الأشخاص المنعزلين اجتماعياً.
في الدراسة الجديدة التي بحثت عن سر طول العمر، ملأ المشاركون استبيانات عن عاداتهم أعوام 2002 و2005 و2008 و2011 و2014. وكان متوسط أعمارهم عند بدء الدراسة 89 عاماً، وتتبعت أعمارهم لمدة خمس سنوات في المتوسط أو حتى وفاتهم.
خلال السنوات الخمس الأولى من الدراسة، قال 25,406 أشخاص إنهم لم يشاركوا في أي أنشطة اجتماعية، وقال 1379 إنهم فعلوا في بعض الأحيان؛ وقال 693 مرة في الشهر على الأقل، وقال 553 مرة واحدة على الأقل في الأسبوع، وقال 532 إنهم فعلوا يومياً تقريباً. وخلال فترة الدراسة بأكملها، توفي 21,161 شخصاً، منهم 15,728 ماتوا خلال السنوات الخمس الأولى.
كما وجدت الدراسة أن كثرة المشاركة في الأنشطة الاجتماعية مرتبطة بطول العمر. ومن بداية الدراسة وحتى خمس سنوات من المتابعة، كلما ازدادت المشاركة في الأنشطة الاجتماعية، ازداد طول العمر. وقال الباحثون: "التواصل الاجتماعي كل يوم تقريباً هو وحده ما يمكن أن يطيل العمر إجمالاً".
فيما قال الباحثون إنهم حاولوا البحث في عوامل أخرى ربما تفسر النتائج التي توصلوا إليها، مثل جنس المشاركين، والتعليم، والحالة الاجتماعية، ودخل الأسرة، وتناول الفاكهة والخضراوات، وظروفهم الصحية.
صحيح أن دراستهم قائمة على الملاحظة، وبالتالي لا يمكن إثبات وجود علاقة سببية بين المشاركة الاجتماعية والعمر الطويل، لكنهم قالوا إن العوامل الاجتماعية الديموغرافية ربما أسهمت في بعض النتائج التي توصلوا إليها، إلا أنهم لم يتمكنوا من تفسير تأثيرها الكامل "وهذا يشير إلى أن المشاركة الاجتماعية في حد ذاتها مؤشر مستقل على طول العمر بين كبار السن".
كما قالوا إن التواصل الاجتماعي قد يكون له آثار جانبية في تعزيز السلوكيات الصحية مثل زيادة النشاط البدني، أو اتباع نظام غذائي صحي، أو التخفيف من تأثير التوتر.
بينما أشارت أبحاث سابقة إلى أن الشعور بالوحدة ربما يغير مستويات الالتهاب في الجسم، وهذا بدوره يزيد من خطر الإصابة بأمراض مزمنة، أو يؤثر على الخلايا المناعية التي تقاوم الفيروسات.