قد يحسب البعض أن تسمية "الأميرة" لا يمكن أن تعني شيئاً سلبياً على الإطلاق؛ إذ دائماً ما تظهر الأميرات في الأعمال الفنية والأدبية باعتبارهن شخصيات رقيقة وجذابة تتمتع بالكثير من الكاريزما والصفات الطيبة.
ومع ذلك، تم تطوير اصطلاح جديد في العقود الأخيرة، تُستخدم فيه لفظة "الأميرات" للتعبير عن متلازمة نفسية واضطراب سلوكي تهيمن فيه بعض الصفات والمخاوف السلبية على الشخص المصاب، سواء كان امرأة أو حتى رجلاً.
وهو ما بات يُعرف بـ"متلازمة الأميرة" أو "اضطراب الأميرات".
ما هو اضطراب الأميرات؟
متلازمة الأميرة هي موقف يغرسه بعض الآباء على الأغلب، وبحسن نية بلا شك، في أولادهم وبناتهم من خلال تسميات مثل "أميرة" أو "أمير" أو "مميز" أو "لا مثيل له"، أو حتى كلمة "فريد" لتمييزه عن الأطفال ممن حوله.
وبالرغم من اعتبار الكثير من الآباء أن مثل تلك التسميات والتفضيلات تعزز من ثقة الطفل في نفسه، فهي في الواقع تخلق لديه علاقة فوضوية ومضطربة بمن حوله.
إذ كثيراً ما يتم فيها ربط احترام الذات بمظاهرهم السطحية، وبالتالي يشعرون بالاستحقاق والنرجسية، ما قد يبني لديهم توقعات غير واقعية بأنهم يستحقون معاملة "ملكية" من نوع خاص خلال حياتهم.
يمكن العثور على مسببات هذه المتلازمة في القصص الخيالية، والروايات الرومانسية، والرسائل الإعلامية وغيرها الكثير، ما يجعل مختلف المراحل العمرية قابلة للإصابة والمعاناة من هذا الاضطراب.
تأثير متلازمة الأميرة على الفتيات بشكل خاص
يمكن أن تتأثر العلاقات المستقبلية لدى النساء اللواتي يعانين من اضطراب ومتلازمة الأميرة بشكل سلبي للغاية؛ إذ يحملن توقعات غير واقعية بأنهن يستحققن المزيد لمجرد كونهن فتيات، خاصة إذا كن جميلات كذلك.
فقد تبدأ الكثير من السيدات بالاعتقاد أنهن أفضل من الأخريات ويستحققن الكثير من مميزات الحياة والمعاملات الخاصة حتى من دون مقابل.
كذلك تميل المصابات بالاضطراب إلى أن يصبحن ساعيات وراء الزواج من الرجل الثري، وقد يتلاعبن بمن حولهن للحصول على الفرص والإمكانيات دون مقابل.
وبالتالي قد تميل المصابة بمتلازمة الأميرة إلى أن تكون سطحية وغير قادرة على المشاركة أو المساومة أو حتى الدخول في علاقة متساوية بسبب المعاناة من النرجسية وعدم القدرة على استيعاب مشاعر الآخرين.
يميل الأشخاص المصابون بمتلازمة الأميرة، سواء كانوا رجالاً أم نساء، للتذمُّر والشعور بالانزعاج وعدم الكفاية، وذلك لأنه لا يوجد شيء جيد بما فيه الكفاية أو مثالي بما فيه الكفاية ليليق بتوقعاتهم.
كما قد يرفضون الآخرين الذين يشعرون أنهم "أدنى منهم"، ويتوقعون من الآخرين أن يدفعوا دائماً مقابل كل شيء، وحتى قد يشعرون بأنهم أفضل من أن يعملوا أو يبذلوا الجهد في مختلف نواحي الحياة.
مؤشرات على أن شريك حياتك يعاني من "متلازمة الأميرة"
تُعد أولى العلامات التي يجب البحث عنها هي نوبات الغضب المستمرة.
وتشمل العلامات الإضافية:
- التسويف، العبوس، الغش.
- التلاعب بالآخرين للحصول على ما يريدون.
- تسليط الضوء على أخطاء الآخرين.
- التنمر اللفظي.
- التنافس الشديد والتآمر.
- تملُّق أولئك الذين يمكنهم توفير الفرص.
- المطالبة بأن يكونوا مركز الاهتمام دوماً.
- إظهار الحاجة المستمرة إلى "الأشياء".
- الرغبة المستمرة في الحصول على المديح.
ماذا يحدث للبالغ المصاب بمتلازمة الأميرة؟
1- عدم الاستقلالية: بعد أن كان الطفل أو المراهق يشعر أن الناس دائماً يلاحقونه ويصلحون مشاكله، فقد ينضج ليصبح بالغاً معتمداً بشكل مفرط على الأهل والأصدقاء ممن حوله، ويعاني من متلازمة الأميرة خلال سنواته المتقدمة.
وهذا على الأغلب نتيجة شائعة لسنوات عديدة قضاها الوالدان بالإفراط في "مساعدة" بناتهما أو أولادهما في كل جانب من جوانب حياتهم اليافعة.
2- خيبة الأمل: تحدث خيبة الأمل الكاملة والمطلقة في الحياة عندما لا تستطيع المرأة أو الرجل فهم سبب عدم تلبية الناس لتوقعاتهم، وعندما يتعين عليهم القيام بأشياء معينة أو تنفيذ تعليمات معينة يتوقعها الناس في مكان العمل في بيئات أخرى.
3- حياة عاطفية غير ناجحة: تماماً مثل الأميرة، قد تعتقد المرأة أو حتى الرجل أن أي شريك محتمل يرتبطون به في حياتهم سيأتي لإنقاذه أو إنقاذها من أي نوع من المشاكل في الحياة.
وبالتالي غالباً ما تسمع أن هذه الشخصيات من المصابين في علاقاتهم العاطفية والأسرية بأنهم أشخاص "متطلبون" و"صعاب المراس".
طرق الوقاية وخطوات التعافي
كل والد يريد الأفضل لطفله بكل تأكيد؛ إذ تعتبر حماية أطفالك أولوية قصوى لدورك كأم أو أب، ولكن من المهم أن تترك مجالًا لطفلك منذ سنوات طفولته المتقدمة أن يتعلم الأشياء بنفسه ويكتشف استقلاله من خلال ارتكاب الأخطاء والتعلُّم منها.
كذلك يجب أن تعلم أطفالك أنك موجود من أجلهم إذا احتاجوا إليك، لكنهم أقوى مما يعتقدون ويمكنهم المحاولة، وأنهم أقوياء بما يكفي لمواجهة المسؤولية والحياة بأنفسهم بين الحين والآخر.
وبالنسبة للأشخاص البالغين الذين يعتقدون أنهم يعانون من متلازمة الأميرة بدرجة أو بأخرى، فإن التغلب على المشكلة هو أمر بسيط، ولكنه ليس سهلاً.
حيث سيتطلب الأمر منك أن تكون دائمًا ممتناً لكل ما لديك الآن، وأن تُقدر كل علاقة في حياتك، سواء مهنياً أو عاطفياً وحتى مع الغرباء ممن حولك.
والأهم من ذلك – ممارسة التعاطف ومحاولة استيعاب مشاعر الآخرين. يتطلب الأمر الكثير من ضبط النفس والتذكير المستمر لنفسك باتخاذ خطوة واحدة في كل مرة بعيدًا عن كونك "تستحق كل شيء" بلا مقابل.