تمت أول عملية إعدام مسجلة في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1608، إذ تأسس نظام جزائي قائم على المُثُل الإنجليزية القديمة. وقد أفسح ذلك المجال أمام بعض أساليب العقاب الكريهة في العالم الجديد.
في تلك الحقبة كان مفهوم السجن غريباً، ففي الولايات المتحدة الأمريكية يوجد قرابة مليوني سجين، لكن المُؤسِّسين لم ينظروا إلى السجن باعتباره نافعاً. فكانت العقوبات الناجزة تعني دفع غرامة أو التعرُّض للإيذاء الجسدي أو الإعدام.
هذه 10 عقوبات كانت تمارس خلال القرن السابع عشر، ولحسن الحظ اختفت.
أكثر العقوبات شهرة وأقلها فظاعة
المشاهر أو المشهرة هي العقوبة الأكثر شهرة خلال فترة الاستعمار، وتعرف أيضاً باسم المقطرة، في هذه الوسيلة تُثبت اليدان والرأس في منجلة خشبية حتى لا يتمكَّن المرء من الحركة، وكان المرء يُعرَض على الملأ كي يراه الجميع.
فيما يتم إجبار الناس على إلقاء القمامة والحجارة وغيرها على الشخص المُقيَّد. وكانت المشهرة الخشبية في الواقع نسخة بديلة من المشهرة الإنجليزية، التي كانت عبارة عن قضبان حديدية ذات أغلال كانت تهدف إلى إبقاء يد الضحية مرفوعة وقدميه مُقيَّدتين. لكنَّ المعدن كان باهظ الثمن، لذلك تحوَّلوا إلى المشاهر الخشبية بدلاً عنه.
بالمقارنة مع أنواع التعذيب المنتشرة خلال القرن السابع عشر بالولايات المتحدة تعد المشهرة أقل خطورة وفظاعة، لكنها أيضاً قد تتسبب في وفاة الشخص بسبب الأشياء الملقاة عليه، بالإضافة إلى بعض الممارسات التي كان يتعرض لها المعاقب من الوسم بالنار أو صلم الأذن أو الجلد.
عقوبات الجلد توقظ وتذكر الروح
للتذكير بالأخطاء كان الجلد الوسيلة الأولى للعقاب، إذ كان هناك عمود في البلدة مخصص فقط لجلد المجرمين علانية، وبسبب ارتكاز عدد من القوانين على الدين كانت عقوبة الجلد الخيار الرائج لاعتقادهم أنه يوقظ ويذكّر الروح بأنها موجودة لخدمة الرب، تطورت العقوبة لتصبح وسيلة لمعاقبة الأطفال العصاة أيضاً.
كان يتم القيام بعملية الجلد باستخدام كل من العصى أو السياط أو السوط متعدد الحبال، هذه العقوبة كانت حكراً على الطبقة الفقيرة والعبيد، وكان يمكن رؤيته مراراً، لأنَّ هؤلاء كانوا يشكلون معظم السكان، لم يكن الموت هو الهدف النهائي من الجَلد. وكان بالإمكان في كثيرٍ من الأحيان إخفاء الندبات الناجمة عن الجلَد، ولذلك لم يكن المضي قدماً بالحياة مستحيلاً.
الوسم بالنار أو التدمير بالنار
حسب موقع "listverse" الأمريكي، للوسم بالنار أصول عدة، من بينها كلمة إنجليزية قديمة تعني التدمير بالنار، ويتم الأمر كما يحدث مع الماشية. فيُحمَّى حرف معدني في النار ويُوضَع بقوة على الجلد ليترك ندبة.
استخدمت الحروف للدلالة على نوع الجرم الذي اقترفه الشخص، على سبيل المثال كان الحرف "A" يرمز للزاني أو الزانية، فيما كان حرف "D" يرمز للشخص المدمن على الكحول والثمالة، بالإضافة إلى الحرف "T" المخصص للصوص.
كان أحد الحروف الأخرى الشائعة في الوسم بالنار حرف "R"، والذي كان يرمز للهروب. وكثيراً ما كان يُحكَم على العبيد بعقوبات جسدية بسبب تصرفات طائشة بسيطة. فكان حرف "R" يُوسَم على جباههم إذا ما حاولوا الهرب.
عادة ما كانت الجبهة أو الخدان هما المكان المخصص للحرق، وكان يمكن لبعض الجناة المطالبة بالرحمة، وبالتالي وسمهم على الذراع أو اليد.
افتراء وقطع الأذن
خلال عهد الملك هنري الثامن قام أحد الأشخاص بنشر خبر وفاة الملك فيما كان على قيد الحياة، كان هذا الخبر بهدف الخيانة، وُضع الرجل في المشهرة، فيما دُقَّت أذناه عليها، وبعد مرور يوم على ذلك تقطع أذنه ثم يطلق سراحه.
لم يكن هناك نظام شامل فيما يتعلَّق بإصدار العقوبات. ولم يكن هناك اتساق بشأن ما كان يعتبر قاسياً أو عادلاً. وحتى في الحكم بقطع الأذن، كانت هناك اختلافات. فأحياناً كانت تُدَق الأذن في المشاهر، وأحياناً كانت تُقطَع مباشرةً، وأحياناً كانت تقطع أجزاء منها فقط. وكما هو الحال مع الوسم بالنار، لم يكن فقدان الأذن مؤلماً فحسب، بل أيضاً مهيناً. فتغطية موضع قطع الأذن لم يكن سهلاً.
لجام التوبيخ
حسب "britannica" لم يكن لجام التوبيخ مؤلماً بقدر الوسائل السابقة، لكن أسلوب التوبيخ والإذلال كان أشد فظاعة، وكانت يُستخدَم مع أولئك الذين ينتقدون الكنيسة أو ينشرون الإشاعات أو يقومون بالشكوى. وكان يُسمَّى "لجام النميمة" أو "خوذة السليطات"، وعادة ما استخدم اللجام على النساء بالمقارنة مع الرجال.
وكان يوضع قفص حديدي على رأس المتهم وبه قرص يلتصق بأفواههم ويُثبِّت ألسنتهم. وكان القرص أحياناً مزوداً بنتوءات مدببة. وكان القرص على الدوام تقريباً كبيراً بما يكفي ليتسبب في إسكات الشخص لساعات خلال ارتدائه. ومن أجل جعل اللجام مهيناً أكثر، كان بالإمكان وضع جرس أعلاه كي يعلم الجميع حين يقترب الشخص الذي يرتديه، أو ربطه بسلسلة والتجوال بمرتديه في أرجاء البلدة.
كرسي التغطيس أو التشهير
حسب المصدر نفسه فكرسي التشهير عبارة عن كرسي يقيد فيه الشخص ويتم التجول به في أرجاء البلدة، فيما كان كرسياً يوضع على حافة رافعة تتحرك للأعلى والأسفل يغطس به المعاقب تحت الماء. اشتُهر كرسي التغطيس كثيراً لدرجة أنَّ ولاية ماريلاند الأمريكية مرَّرت في النهاية قانوناً يُلزِم كل مقاطعات الولاية بوجود كرسي تغطيس.
كان الهدف من الكرسي إجبار المتهم على الاعتراف، كما لم يكن هناك حد زمني للتقييد أو التغطيس، إذ نتج عن ذلك سقوط ضحايا، بسبب الصدمة أو الغرق.
أكثر الأساليب شيوعاً في الإعدام
كان الشنق الأسلوب الأكثر شيوعاً لعقوبة الإعدام في أمريكا إبَّان الحقبة الاستعمارية، وكان يُستخدَم في حال ارتكاب الشخص جريمة مثل القتل أو الاغتصاب أو جرائم أخرى.
نُفذ هذا الحكم على النساء والرجال على حد سواء، وفي بعض الأحيان نُفذ على الأطفال أيضاً، فما بين سنة 1690 و1730 كان الشنق هو الصورة الرئيسية لإعدام المدانين. ويُقدَّر أنَّ 10% من العاملين بالقرصنة في البحر الكاريبي خلال تلك الفترة قد شُنِقوا في أمريكا.
وبصفة عامة، لم يكن الجلاد شخصاً مهنياً، بل شخصية قانونية داخل المستعمرة أو أحد القضاة. من شبه المؤكد أنَّ هذه التجربة غير المثالية أدَّت إلى محاولات شنق فاشلة أكثر من الناجحة. فإذا ما كان الحبل أقصر من اللازم، لم تكن رقبة المجرم تُكسَر، لذا كان المدانون يبقون مُعلَّقين حتى الموت. وفي حال كان الحبل أطول من اللازم قد يؤدي في هذه الحالة إلى قطع الرأس.
قطع الرأس والحقبة الاستعمارية
خلال الحقبة الاستعمارية في الولايات المتحدة، كان من المخزي عرض الرأس علانيةً بعد قطعها. على العكس من ذلك، كان قطع الرأس طوال معظم فترات التاريخ مُخصَّصاً للطبقة العليا، وكان يُنظَر إليه في أوروبا باعتباره إكراماً. وكانت تلك ميتة سريعة وناجزة عند تنفيذها بصورة صحيحة.
مع ذلك، الرقبة ليست بالهشاشة التي قد يظنها المرء. فكما هو الحال بالنسبة للشنق، لم يكن هنالك أشخاص مدرَّبون على قطع الرأس. وقد زاد ذلك احتمالية الحاجة إلى أكثر من محاولة لقطع الرأس، ما أدى إلى عدة محاولات لضرب العنق أو استخدام المقصلة أكثر من مرة. وأصاب النصل في بعض الأحيان الدماغ وليس العنق.
انتقلت من الولايات المتحدة الأمريكية إلى أوروبا
كانت وسيلة الحرق على وتد قليلة الحدوث بالمقارنة مع وسائل الإعدام الأخرى، إذ كانت من الوسائل الأكثر وحشية، انتقلت هذه الطريقة من العالم القديم بالولايات المتحدة إلى أوروبا، وأصبحت رمزاً لمعاقبة معادي الدين. فأُحرِقَ المهرطقون والمُجدِّفون والمتمردون.
كان التعرُّض للإحراق على وتد تاريخاً عنصرياً، فمعظم النساء اللاتي أُحرِقنَ على الوتد كُنَّ نساءً ذوات بشرة سوداء. وكانت النساء ذوات البشرة البيضاء اللاتي تمت إدانتهن بارتكاب الجرائم نفسها يُعَاقبنَ بشكل عام بالشنق.
أبشع أنواع الموت بالتعذيب
كان الشنق والسحب والإرباع صورة من صور الموت بالتعذيب. فكان الشخص المحكوم يُعلَّق على مشنقة، ويتم إنزاله من المشنقة وهو لا يزال حياً، وتُربَط أطرافه بأربعة خيول، ثُمَّ يُقسَّم إلى أربعة أجزاء. كانت صورة أخرى من هذا الأسلوب تشمل سحب المحكوم إلى المشنقة بالخيل، وشنقه حتى يكاد يموت، ثُمَّ نزع أحشائه علانيةً. وتُقسَّم الجثة بعد ذلك إلى أرباع.
لم يكن هذا الشكل من عقوبة الإعدام شائعاً، وبدا أنَّ المحتلين الإنجليز فرضوه أكثر من المستوطنين الفعليين. ولهذا السبب، كانت الخيانة هي الجريمة الأولى المُخوِّلة لاستخدام أسلوب السحب والإرباع. كانت عقوبة الشنق والسحب والإرباع في إنجلترا مُخصَّصة فقط للرجال المدانين بالخيانة. وفي ظل عدم وجود وثائق واضحة لكيفية تبنّي هذه الطريقة في الولايات المتحدة إبَّان استعمارها، فلا يمكن الجزم فيما إذا كانت متبعة أم لا.