بعد الزلزال الذي ضرب كلاً من تركيا وسوريا في 6 فبراير/شباط 2023، والذي تسبب في انهيار العديد من المباني وعدد كبير من الضحايا، بدأت تساؤلات حول إمكانية إعادة بناء المدن خاصة بعد دمارها، هذه قائمة مدن قامت بعد دمارها، سواء بسبب الزلزال أو بفعل الحروب.
لا تبقى المدن المدمرة قاحلة للأبد، فبعد كل مأساة هناك جانب مضيء، إذ يعاد بناؤها بشكل أفضل وأكثر مقاومة؛ ما يسمح بفتح صفحة بيضاء وبداية تاريخ جديد، فبالرجوع عبر التاريخ كانت أعظم مدن العالم الحديث ضحية لأحداث حولتها إلى أكوام من الحطام، على سبيل المثال هيروشيما التي بدت وكأنه من المستحيل إعادة إعمارها، ليعاد فيما بعد إعادة بنائها وأصبحت رمزاً للحداثة والسلام.
بيروت المختفية بالكامل سنة 551
شهدت مدينة بيروت اللبنانية في 9 يوليو/تموز سنة 551 زلزالاً مدمراً بقوة 7.6 درجة على سلم ريختر تسبب بعدها في موجة تسونامي وصل تأثيرها إلى المدن الساحلية في فيينا البيزنطية، تسبب هذا الزلزال في مقتل أزيد من 30 ألف شخص واختفاء مدينة بيروت التي أصبحت ركاماً بعدها.
بُنيت بعدها مدينة بيروت من جديد على أنقاض المدينة القديمة التي مسحت بعد الزلزال، لم تكن سنة 551 الأولى التي تتسبب في دمار المدينة، فسنة 526 تسبب زلزال بقوة 7.5 درجة في دمار المدينة وإخفاء معالمها.
حريق شيكاغو العظيم سنة 1871
تسبب حريق اندلع في حظيرة في الجانب الجنوبي لمدينة شيكاغو والذي وصل إلى المنطقة التجارية منها بسبب رياح عاتية في دمار أزيد من 17 ألف مبنى وأكثر من 73 ميلاً من الشوارع، هذا الحريق أودى بحياة 300 شخص ونزح حوالي 90 ألف آخرين من سكان المدينة.
بدأت خطط إعادة إعمار المدينة حتى قبل أن ينتهي المهندسون والمعماريون خططهم مرت شيكاغو بفترة "إعادة بناء عظيمة"، وعلى الرغم من بعض اللحظات العصيبة، منها كساد على مستوى الدولة أوقف بسببها البناء، فإن المدينة أصبحت من بين أهم المراكز الاقتصادية في غضون 20 عاماً، إذ بُنيت فيها أولى ناطحات السحاب في العالم واعتبارها مركزاً اقتصادياً رئيسياً ومركزاً للنقل.
سان فرانسيسكو سنة 1906
ضرب زلزال بقوة 7.78 درجة على سلم ريختر ساحل كاليفورنيا سنة 1906 تسبب على أثره في دمار مدينة سان فرانسيسكو، إلا أن المدينة استطاعت في وقت وجيز العودة للحياة الطبيعية؛ إذ بدأت عربات الترام تشتغل فيها بعد بضعة أسابيع من وقوع الزلزال.
فيما خرج السباكون لإصلاح أنابيب المياه والصرف الصحي، وساهم الناجون في إزالة الأنقاض من المدينة، لم يمر على دمارها إلا 6 أسابيع حتى أعيد فتح البنوك في المدينة، فيما أعيد بناء السكك الحديدية المدمرة بعد قرابة 6 أشهر من الكارثة الطبيعية.
وفقاً لصحيفة سان فرانسيسكو أعيد بناء المدينة في فترة وجيزة، كما وصفت بالمدينة الأكثر حداثة ونظافة عما كانت عليه في الماضي؛ إذ أعيد بناء وسط المدينة القديم الذي دمر بالكامل واختفت معالمه، فيما بنيت مبان جديدة بدعائم متينة ذات إطارات فولاذية.
اختفاء مدينة طوكيو سنة 1923
عند إلقاء نظرة على مدينة طوكيو وناطحات سحابها في يومنا الحالي قد لا يخطر على البال أن هذه الأخيرة شهدت زلزالاً تبعته موجة تسونامي تسببت في اختفاء معالم المدينة، في سنة 1923 ضرب زلزال بقوة 7.9 درجة على سلم ريختر مدينة طوكيو، الشيء الذي تسبب بدوره في حدوث موجة تسونامي بلغ ارتفاعها 40 قدماً.
لم يمر وقت طويل على التسونامي حتى اندلعت النيران في المنازل الخشبية في المدينة، وأودت بحياة 100 ألف قتيل، تدخلت بعدها جهود الإغاثة الدولية، وشاركت فيها العديد من الدول كالولايات المتحدة وغيرها.
شكل الزلزال والكوارث التي تلته نقطة تحول في اليابان؛ إذ أدى الزلزال إلى إعادة تشكيل مدينة طوكيو الحديثة فيما نقلها إلى مصاف المدن الكبرى في العالم.
قصف وارسو عام 1944
حسب صحيفة "The guardian" لم تكن الكوارث الطبيعية هي الشيء الوحيد الذي جعل المدن تركع على ركبتيها. فخلال الحرب العالمية الثانية، دمرت ألمانيا النازية البلدة القديمة للعاصمة البولندية رداً على انتفاضة وارسو الشهيرة، والتي أودت بحياة 20 ألف جندي نازي.
استفادت مدينة وارسو من آثارها؛ حولت المدينة أجزاء وقطع الأنقاض إلى طوب جديد، كما استورد الناجون المواد من مدن أخرى دمرتها الحرب، فيما اعتمدوا على الرسام الفينيسي الشهير برناردو بيلوتو الذي سجل بدقة المناظر الطبيعية في وارسو داخل لوحاته لملك بولندا؛ لإعادة المدينة إلى مجدها السابق.