تم إدراج اسم ولاية إلازيغ في قائمة الولايات التركية المنكوبة، بعد الزلزال المدمر الذي ضرب مدن جنوب تركيا، وذلك لأنها تعرضت بدورها لضرر كبير، جراء انهيار منازلها، ووفاة عدد مهم من سكانها، وتشرّد آخرين.
وقد عرفت هذه الولاية العديد من التغيرات على مر السنين، ودارت فيها العديد من الأحداث التاريخية، إلى العهد الحديث، وتحوّل الدولة التركية إلى جمهورية على يد مصطفى كمال أتاتورك.
إلازيغ.. المدينة التي بُنيت على يد الأورارتيون
ولاية إلازيغ هي استمرار لمدينة خربوط، والتي تأسست لأول مرة في شرق الأناضول قبل 4000 سنة قبل الميلاد.
خلال القرن 19 قبل الميلاد، كانت مدينة خربوط تحت حكم مملكة أورارتو، وبنى الأورارتيون قلعة شهيرة، تحمل اسم المدينة القديمة، من أجل عمليات المراقبة، والسيطرة على السهول الموجودة في المنطقة.
وقد عرفت المدينة تعاقب العديد من الحضارات، من بينها البيزنطية، والتي خسرت سيطرتها على أراضي خربوط أمام السلاجقة، في معركة ملاذكرد سنة 1071، وهي المعركة التي كانت حاسمة في مد نفوذ السلاجقة في الأناضول.
وفي عام 1230، تمكن المغول من السيطرة على خربوط، ثم عادت مرة أخرى للحكم السلجوقي، ثم حكمها الصوفيون، إلى سنة 1514، بعد معركة جالديران، التي كانت سبباً في وقف التوسع الصفوي في دول الشام.
من معمورة العزيز إلى إلازيغ
خلال سنوات الحكم العثماني، تحول اسم مدينة خربوط إلى "ميرزا" سنة 1834، وبعد 5 سنوات من اعتلاء السلطان عبد العزيز العرش، سنة 1862، تم تغيير اسمها إلى معمورة العزيز.
ونظراً لصعوبة نطقها، أصبح سكان المنطقة يطلقون عليها اسم العزيز فقط، واستمرت على هذا الحال، إلى أن تحولت الدولة إلى جمهورية، على يد مؤسسها مصطفى كمال أتاتورك، سنة 1923.
وتم تحويل اسم "معمورة العزيز" إلى إلازيغ بشكل رسمي سنة 1937، بعد أن تم الإعلان عن هذا القرار في الجريدة الرسمية خلال نفس السنة.
وعاش في هذه المدينة العديد من العوائل الشهيرة التي تقطن اليوم في دول الشام، ومصر، من بينهم الممثل الكوميدي نهاد القلعي مؤسس المسرح القومي في سوريا، وأول من ظهر في الأعمال التلفزيونية.
ويعيش في ولاية إلازيغ اليوم غالبية كردية، فيما يشكل السوريون 2% من إجمالي عدد السكان، حسب إحصائيات مديرية الهجرة الأخيرة.
إلازيغ.. ذات الأراضي الخصبة والمعادن الطبيعية
تشتهر ولاية إلازيع بموقعها الجغرافي المميز، فهي تقع بالقرب من نهر الفرات في الجنوب الغربي لمنطقة شرق الأناضول، وتمتاز بأراضيها الخصبة، ومواردها الطبيعية العديدة، إذ إن 25% من اقتصادها قائم على مصدرها الزراعة.
إذ تصدر الولاية للعديد من الولايات التركية الأخرى كلاً من القمح، والشعير، والأرز، والبقوليات بمختلف أنواعها، واللوز، والجوز، والبصل، والملفوف، والقطن، والعنب، والكمثرى، والتفاح، والتوت، والفراولة، والبطيخ.
كما أن أراضي إلازيغ تعتبر مصدراً مهماً للمعادن في تركيا، من بينها النحاس، والرصاص الفضي، الشيء الذي جعل العديد من شركات التعدين تفتتح مصانعها في مختلف مدن الولاية.
كما يوجد بالولاية أكبر محطات الطاقة الكهرومائية في تركيا، وما يزيد على 1200 مصنع خاص بقطاعات مختلفة، من بينها تلك الخاصة بالمواد الغذائية، والنسيج، والأعلاف، والأثاث.
أماكن سياحية شهيرة في ولاية إلازيغ
تمتاز ولاية إلازيغ بالعديد من المناطق السياحية، والتاريخية، التي تجعل عدداً كبيراً من السياح يتوجهون إليها بشكل سنوي.
ومن بين هذه المناطق، قلعة خربوط الموجودة وسط مدينة إلازيغ، عاصمة الولاية، والتي تسمى كذلك "قلعة الحليب"، ويعود تاريخها لأكثر من 8 قرون قبل الميلاد.
فيما يمكن زيارة بحيرة هازار، التي تشكلت بسبب حدوث حفرة كبيرة، بسبب زلزال ضرب الولاية سنة 1830، وأدى إلى تدمير جزء كبير من معالم المدينة الأثرية، التي كانت قد بنيت قبل 4000 سنة.
أما شلال تشير تشير، فهو أحد أبرز أماكن الاستجمام خلال فصلي الربيع والصيف، بالنسبة لسكان المدينة، والسياح، وذلك بفضل منظره وموقعه المميزين.
أما في فصل الشتاء، فيمكن زيارة مركز "هازاربابا" الخاص بالتزلج، الموجود في مدينة سيفيرجه التابعة لولاية إلازيغ، على جبل يبلغ ارتفاعه 2347 متراً.
كما يمكن زيارة ينابيع غولان الحارة، المشهورة بخصائصها الشافية لمرضى الروماتيزم، والتهاب الجلد، والتي تبعد عن مدينة كاراكونشان، إحدى مدن الولاية، بمسافة 18 كيلومتراً.
الولاية الـ11 المنكوبة بسبب الزلزال
كجميع الولايات الموجودة في الجنوب التركي، إلازيع تعتبر كذلك من بين أكثر المناطق المهددة بالزلازل، وهذا ما شهدته على مر السنين، فقد شهدت المنطقة عدة هزات أرضية، بعضها كان مدمر كتلك التي ضربت سنة 1830، والآخر كان كفيلاً بخلق الرعب في قلوب السكان.
وقبل الزلزال الكبير الذي ضرب ولاية كهرمان مرعش، يوم 6 فبراير/شباط 2023، وتسبب في دمار 11 ولاية تركية، من بينهم إلازيغ، تعرضت هذه الأخيرة لهزة أرضية، بقوة 3.6 على مقياس ريختر، يوم 9 يناير/كانون الثاني 2023.
وبعد مرور 10 أيام على الزلزال الكبير، حسب ما نشرته وكالة الأناضول، تم الإعلان عن أن إلازيغ من بين الولايات المنكوبة.
لتبدأ الحكومة بإيداع المساعدة المادية في حسابات المتضررين من الزلزال، ومقدارها 10 آلاف ليرة تركية، حسب تصريح المتحدث الرسمي عن حزب العدالة والتنمية التركي عمر جليك.