بعد عيش الأطفال أحداثاً متعلقة بالكوارث، والتعرض للصدمة بمختلف أنواعها، يعانون في غالبية الأحيان لضرر نفسي كبير، تظهر أعراضه بطرق مختلفة، من بينها على شكل قلق، أو اضطراب في النوم، أو ممارسة سلوكيات غير اعتيادية.
ولأن للصحة النفسية أثراً كبيراً على الصحة البدنية، والأداء العام للطفل، يصبح الحفاظ على سلامته النفسية أمراً أساسياً، بعد وقوع الكوارث.
إذ إن الضغط الذي يعيشه الأطفال عند معايشة أي نوع من الكوارث، يجعلهم في وضع صعب، بسبب عدم قدرتهم على فهم ما يحصل حولهم، أو شرح ما يشعرون به بشكل مفصل للآخرين.
طريقة تعامل الآباء مع الأطفال بعد حدوث الكوارث
تقول الخبيرة النفسية ليا السيد طه، في تصريح خصت به "عربي بوست" إن أول تدخل يمكن أن يقوم به الآباء تجاه أطفالهم بعد تعرضهم للصدمات المتعلقة بالكوارث، هو السماح لهم بالتعبير عن مشاعرهم، وما يفكرون فيه، وإعطاؤهم فرصة من أجل الحديث، مع الاستماع إليهم بإمعان.
وتشير ليا إلى احتمالية وجود بعض الأطفال غير القادرين على وصف مشاعرهم بالكلام، لذلك يجب مساعدتهم عن طريق الرسم، أو التلوين، أو سرد القصص.
أما الشيء الثاني الذي أوصت به الخبيرة النفسية، فهو إظهار التعاطف للطفل، وتقبل مشاعره المرتبكة، وأضافت: "لا يجب أن نقول للطفل إنه لا حق له في الحزن، أو الخوف لأنه بطل وشخص كبير، بل يجب إظهار التفهم والتعاطف مع حالته بشكل كبير، من أجل توفير الدعم النفسي الذي يحتاجه".
أما ثالث نقطة يجب الاهتمام بها فهي الإجابة عن تساؤلات الطفل بشكل مختصر وحقيقي، أي عدم إدراج معلومات غير حقيقية، أو غير منطقية في الأجوبة، بغرض عدم التخويف".
أما آخر نقطة يجب الإشارة إليها، فهي إبعاد الطفل عن مصادر الأخبار، ومشاهدة الصور والفيديوهات التي تبرز مدى حجم الكارثة، وإلهاؤهم بممارسة نشاطات بسيطة وممتعة بين الحين والآخر.
السلوكيات الغريبة التي تظهر على الطفل بعد الصدمة
هناك العديد من السلوكيات الغريبة التي غالباً ما ستظهر على الطفل بعد تعرضه للصدمة ما بعد الكوارث، والتي تبين مدى تأثره نفسياً مما عاشه.
ومن بين هذه السلوكيات تقول ليا السيد طه إنها تتمثل في مص الأصابع، أو قضم الأظافر، أو التبول اللاإرادي خلال الليل، أو حتى النهار.
كما يمكن أن يتحول الأمر إلى نوبات غضب، أو نوبات بكاء غير مبرر، أو التعلق الزائد بالأشخاص أو الأشياء، أو الانسحاب والانزواء في أماكن معينة بعيداً عن الأنظار، أو كثرة الأسئلة عن الكارثة الحاصلة.
إذ إن هذه السلوكيات، حسب نفس المتحدثة، تعتبر طبيعية وتظهر دائماً بعد الأزمات والصدمات النفسية، لذلك يجب التعامل معها بصبر وحكمة.
وفي حال استمرت هذه السلوكيات بشكل مطول، يصبح في هذه المرحلة التوجه إلى طبيب مختص شيئاً ضرورياً، من أجل التدخل بطريقة صحيحة، والحد من آثار الصدمة.
مراحل التعامل مع الطفل بعد الصدمة
تكون هناك مراحل مختلفة في تلقي الصدمات لدى الأطفال، إذ تشير الخبيرة النفسية ليا السيد طه إلى أنه من الضروري إفساح المجال لهم للحديث ووصف ما عاشوه في البداية، مع عدم محاولة توجيه الطفل لما يجب عليه فعله.
وفي نفس الوقت، يجب القيام بجلسات توعية بسيطة ومختصرة عن الكارثة، وفي الوقت الراهن سيكون الموضوع عن الزلزال، وأسباب حدوثه، وكيف يمكن حماية أنفسنا منها، وجميع التفاصيل المتعلقة به.
وبعد كل هذه الخطوات، تأتي مرحلة زيارة الطبيب النفسي، الذي سيكشف ما إذا كان الطفل يعاني سابقاً من أي اضطراب عقلي أو عاطفي، واحتمالية إصابته التوحد، أو غيرها من الأمور التي لم تكن واضحة سابقاً، قبل عيشه صدمة الكارثة.
تعليم الأطفال طرق التعامل مع الكوارث
حسب ما نشره مركز السيطرة على الأمراض "CDC"، فإنه من الجيد تعليم الأطفال طرق التعامل مع الكوارث قبل حدوثها، لأن هذا الأمر سيزيد من وعيهم، وقدرتهم على التعامل مع الموقف بشكل أحسن.
ومن بين هذه الطرق مناقشة خطط الطوارئ مع الطفل، وإشراكه في طريقة إنشاء مجموعة إمدادات خاصة بالطوارئ.
إضافة إلى وضع خطة محددة يمكن للطفل اتباعها في حال كان في مكان بعيد عن أهله، أو وحيد في المنزل، أو في المدرسة.
فيما يجب التعامل مع الطفل بعد الحادث بصدق، والإجابة عن جميع أسئلته بدون زيادة تفاصيل غير حقيقية، مع العودة إلى روتين الحياة اليومي بشكل سريع من أجل تشجيع الطفل بدوره على القيام بنفس الشيء.