تمكنت الشرطة في صقلية من اعتقال آخر زعماء المافيا؛ والذي جاء بعد تلقي المحققين معلومات تفيد بأنه يخضع للعلاج من ورم في عيادة معروفة في باليرمو، وعلى اثرها ألقي القبض على ماتيو ميسينا دينارو (60 عاماً) عند خروجه من منشأة لا مادالينا الصحية الخاصة في ضواحي مدينة صقلية، حيث كانت القوات الخاصة تراقب المكان منذ علمت السلطات بتردده عليه قبل ثلاثة أيام، حسب ما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية.
وكان زعيم المافيا يتلقى العلاج بشكل دوري في المنشأة منذ عام تقريباً تحت اسم أندريا بونافيد، وقال المحققون إنه في حوالي الساعة 8:30 صباحاً، ذهب دينارو، مرتدياً قبعة من الصوف بيضاء ونظارات ملونة ومعطفاً من جلد الغنم البني، إلى العيادة مع ورقة في يده تحوي فحصاً سلبياً لكوفيد، وهو مطلب إلزامي لمن هم في مثل حالته، ومجموعة من تحاليل الدم.
وحين داهمت الشرطة العيادة لاعتقاله، حاول دينارو الهرب، ولكنه حين أدرك أنه محاصر، لم يبدِ أي مقاومة، وكانت الشرطة قد أغلقت بالفعل جميع منافذ الهروب في العيادة والطرق.
وبعد تكبيله بالأغلال، سألت الشرطة الرجل: "ما اسمك؟"، ورد الزعيم: "أنا ماتيو ميسينا دينارو".
وولد دينارو، الملقب بديابوليك أو النحيف، في مدينة كاستيلفيترانو بصقلية، وكان والده زعيماً قوياً للمافيا الصقلية، وحقق دينارو نجاحات كبيرة في تجارة العائلة، حيث بنى إمبراطورية غير مشروعة بالمليارات في التخلص من النفايات، وطاقة الرياح وقطاعات البيع بالتجزئة.
حسب وكالة الأنباء الفرنسية، يُعتبر ماتيو ميسينا دينارو الذي يبلغ من العمر 60 عاماً، خليفة للقائدين التاريخيين الرئيسيين لمافيا صقلية (كوزا نوسترا)، توتو رينا وبرناردو بروفنزانو، اللذين توفيا في السجن عامي 2016 و2017.
ووفقاً لمخبري المافيا والمدعين العموميين، فهو مسؤول عن بعض أبشع الجرائم التي ارتكبتها المافيا الصقلية، مثل الهجوم الذي تسبب في مقتل القاضيين المعاديين للمافيا جيوفاني فالكون وباولو بورسيلينو. وعام 2002، أدين وحُكم عليه غيابياً بالسجن المؤبد لقتله أو أمره بقتل عشرات الأشخاص.
ويُعتقد أن دينارو كان مختبئاً في منطقة تراباني الغربية، ولم يأتِ للعاصمة الصقلية إلا لتلقي العلاج. وقال المدعي العام في باليرمو، ماوريتسيو دي لوسيا: "لا نظن في الوقت الحالي أن العاملين في العيادة كانوا يحمونه".
وقال المحققون إنهم كانوا يراقبون المرضى المصابين بنفس حالة دينارو وفي نفس عمره منذ أشهر.
وتُظهر بعض صور دينارو بعد اعتقاله كيف أن وجهه يشبه إلى حد بعيد البناء الرقمي الذي نفذته السلطات الإيطالية لشكله، باستخدام أحدث تقنيات الحاسوب والمعلومات التي قدمها مخبرو المافيا. وما زاد من صعوبة تحديد موقع دينارو الغياب شبه الكامل لأي صور حديثه له.
فيما يبدو أن زعيم المافيا كان يحيا حياة مترفة بفضل العديد من الممولين الذين، وفقاً للمدعين العموميين، من بينهم ساسة ورجال أعمال. فقد اشتهر بارتداء ملابس باهظة الثمن، ونظارات وساعة رولكس ونظارات راي بان الشمسية.
وبعد اعتقاله اقتيد إلى ثكنة عسكرية ثم إلى مطار لنقله إلى مكان سري. وقريباً، سيُنقل دينارو إلى سجن مشدد الحراسة خارج صقلية، على غرار زعماء المافيا الآخرين المعتقلين.