خلال الحرب العالمية الثانية، جرب الحلفاء أسلحة جديدة وعكفوا على تطوير ترساناتهم الجوية والبرية والبحرية لحسم نتائج المعركة، وذلك بعدما سقط الملايين من البشر في أبشع حرب شهدها العالم الحديث.
لكنَّ اختراعاً واحداً لم يتجاوز مرحلة النموذج الأولي، وهو آلة دائرية تشبه الدولاب أو العجلات الحربية العملاقة، كان يُطلق عليها اسم "Panjandrum"، توقع الحلفاء أنه يمكنه أن يحسم المعركة لصالحهم، وعولوا عليه الكثير من الآمال.
السلاح التجريبي كان عبارة عن عجلة دوارة تدفع الصواريخ وتطلقها بشكل متوالٍ مثل تقنية إطلاق الرصاص تقريباً لكن بشكل محدود وبحجم أكبر.
ومع ذلك كان النموذج الأولي خطيراً للغاية، وكاد أن يتسبب في كارثة محققة للحلفاء أثناء مواجهة ألمانيا ودول المحور في الحرب الشرسة.
الحرب العالمية الثانية والجدار الأطلسي
كانت الحرب ضد ألمانيا قد وصلت إلى طريق مسدود بحلول عام 1943. وعلى الرغم من غارات القصف المكثفة، فشل الألمان في غزو بريطانيا. في الوقت نفسه، كان الحلفاء يكافحون من أجل الحصول على موطئ قدم في أوروبا.
وخوفاً من حدوث غزو عبر القنال الإنجليزي، أقام الألمان تحصينات ثقيلة على طول الساحل الأوروبي. وقد امتد الحاجز، المعروف باسم جدار الأطلسي، على طول الطريق من النرويج إلى إسبانيا.
فكانت الملاجئ الخرسانية السميكة تصطف على الشاطئ، وعززت الأسلاك الشائكة والألغام المخفية والمدفعية الثقيلة الموزّعة، الدفاعات الألمانية بشكل كامل.
ووفقاً لموقع War History Online للوثائق الحربية، كانت فكرة تطوير سلاح جديدة أحد الخيارات التي توقعت بريطانيا ودول الحلفاء أنها يمكن أن تغير النتائج على الأرض، وتسرّع من عملية الفوز وختام هذه الحرب القبيحة.
تصميم سلاح جديد لحسم المعركة
تم تصميم سلاح Panjandrum الدوار للوصول إلى سرعات تصل إلى 60 ميلاً في الساعة عند إطلاق الصواريخ، وكان قادراً على تحطيم الجدران الخرسانية التي يبلغ ارتفاعها 10 أقدام.
وعلى شكل عجلة عربة ضخمة، كان السلاح مجهزاً بنحو 70 صاروخاً ومعبأً بالمتفجرات.
أطلق الفكرة سي آر فينش نويز، وهو قائد جناح بريطاني كان قد صمم سلفاً القنابل الارتدادية "Dambuster" التي استخدمها سلاح الجو الملكي لتدمير سدين ألمانيين عام 1943. وقد نفذته مديرية تطوير الأسلحة المتنوعة للبحرية البريطانية.
ثم في أواخر عام 1943، قامت المديرية ببناء نموذج أولي للبانجاندروم في لندن ونقلته بالشاحنات إلى قرية ساحلية في جنوب إنجلترا بها شواطئ مماثلة لتلك التي اقتحمت قوات الحلفاء في واقعة على النورماندي فيما بات يُعرف بالـ"D-Day".
ولاختبار جدوى السلاح قام المهندسون بتعبئة الأسطوانة بالرمل بدلاً من المتفجرات، وهو ما قد يكون أذكى شيء قام به أي شخص مشارك في هذا المشروع على الإطلاق؛ لأن هذا المقترح أنقذ حياتهم فعلاً.
هذا السلاح كان واحداً من نحو 49 فكرة أخرى لم يتم استخدامها أبداً، بعدما "فر الجنرالات بحثاً عن غطاء عندما وجدوا أنه خارج عن السيطرة".
خاصة أنه نتيجة الضغط الشديد على العجلة الأساسية كانت الصواريخ المتساقطة والعجلات المشتعلة تفكك الدولاب الدوار وانهار عشوائياً.
وبحسب موقع Wired للثقافة والمنوعات، واصلت السلطات البريطانية تعديل التصميم طوال خريف عام 1943، وفي يناير/كانون الثاني عام 1944 شعرت أنها مستعدة لإجراء اختبار رفيع المستوى أمام الضباط العسكريين.
اشتعلت النيران في الصواريخ، وانطلقت بشكل جيد، وتدحرجت في خط مستقيم، واكتسبت سرعتها. ثم ما لبثت أن أصبحت الأمور خارج السيطرة مجدداً. فقرر البريطانيون أنه لا بدَّ من إلغاء الفكرة حفاظاً على حياة جنودها، حتى وإن كان سلاحاً قادراً على حسم المواجهة مع ألمانيا وتمكين الحلفاء من استرداد الأراضي الأوروبية المحتلة.
بعد هذا الفشل المتكرر، توقف تجريب السلاح إلى أجل غير مسمى.
تحويل السلاح إلى لعبة نارية!
بالرغم من الإخفاقات المتتالية خلال الحرب العالمية الثانية، لكن لا يزال السلاح معروفاً باعتباره إحدى أكثر التجارب خطورة التي كادت تتسبب في كارثة محققة في ذلك الوقت وتدمر القوات البريطانية من دون قصد.
ونتيجة لشهرته، حتى وإن كانت شهرة سلبية، حصل سلاح البانجاندرم على فرصة أخرى في عصرنا الحديث.
ففي الاحتفالات بالذكرى الخامسة والستين لإنزال نورماندي (D-Day)، في العام 2009، ابتكرت شركة أمريكية للألعاب النارية نسخة أصغر من الجهاز، وزودتها بالألعاب النارية بدلاً من المتفجرات والصواريخ.
تم نشره على نفس الشواطئ التي سابقاً كانت هي نقطة الانطلاق المتوقعة عند استخدام السلاح المتهور.
وذكرت صحيفة ديلي ميل البريطانية أن السلاح كان يسير على الشاطئ بشكل مستقيم، ولكن لنحو 50 متراً فقط قبل أن يخرج عن السيطرة بدوره بعد قطع مسافة 450 متراً من المسافة المأمولة؛ ما يجعله لعبة نارية غير آمنة للاستخدام في أفضل الأحوال أيضاً.