في عام 2017، بيعت ساعة يد فولاذية بالمزاد العلني بقيمة 15.5 مليون دولار، لم تكن تلك الساعة ساعة عادية؛ فمن ناحية كانت ملكاً للممثل الأمريكي الراحل بول نيومان، ومن ناحية أخرى كانت "ساعة رولكس" صنعت منها نسخة واحدة فقط، لكن لمَ تعتبر هذه الساعات هي الأغلى في العالم؟ تعالوا نرو لكم قصتها:
قصة اختراع ساعات رولكس
كانت الانطلاقة الأولى لشركة رولكس للساعات عام 1905 في لندن، حيث كانت تعرف آنذاك باسم Wilsdorf & Davis، وقد أسسها صانع الساعات الألماني هانز ويلسدورف عندما كان يبلغ من العمر 24 عاماً فقط.
شكلت الساعات التي صنعها ويلسدورف آنذاك ثورة حقيقية، ولكي نفهم أهمية تصاميمه علينا أن نلقي نظرة سريعة على تاريخ الساعات:
اخترعت أول ساعة صغيرة على الإطلاق في بداية القرن السادس عشر من قبل صانع الأقفال الألماني بيتر هينلاين، لكنها لم تكن عملية كفاية، فلكي تعمل يجب أن تبقى معلقة بشكل رأسي وتدار بوساطة أوزان معلقة بها، لذا فقد كانت ثقيلة للغاية. تطورت الساعات لاحقاً لكنها بقيت ثقيلة الوزن وغير دقيقة إذ لم تكن تحتوي إلا على عقرب واحد. وفي أواخر القرن السابع عشر أضيف عقرب الدقائق إلى الساعات وباتت أخف وزناً بحيث يمكن حملها بالجيب.
وفي أوائل القرن العشرين قرر صاحبنا الألماني ويلسدورف تصميم ساعة يد دقيقة للغاية بحيث يمكنها منافسة ساعات الجيب، حيث كانت ساعات اليد منتشرة آنذاك لكنها ليست دقيقة مثل ساعات الجيب، لذلك كانت تستخدم كنوع من الإكسسوار وكانت شائعة أكثر في أوساط النساء.
كما لم تكن ساعات اليد المنتشرة قادرة على مقاومة الأحوال الجوية السيئة فكانت تتعرض للعطل بسرعة، ومن الناحية المجتمعية لم يكن من المقبول أن يرتدي الرجال ساعات اليد في معاصمهم باعتبارها نوعاً من الإكسسوار وكانوا يفضلون حمل ساعات الجيب عوضاً عن ذلك.
كان ويلسدورف مدركاً لكل ذلك وأراد تصميم ساعات معصم تتغلب على كل تلك العواقب. وبحلول عام 1908، اختار اسم رولكس لعلامته التجارية.
بناء سمعة ساعات رولكس.. التسويق كلمة السر
استطاع ويلسدورف تصميم ساعات دقيقة للغاية حتى إن ساعاته حصلت على الشهادة السويسرية لدقة الكرونومتر في عام 1910.
ولم يكن ويلسدورف موهوباً بالابتكار والتصاميم فحسب، بل كان بارعاً أيضاً في مجال التسويق واستطاع الترويج بذكاء لعلامته التجارية، وقد ساهمت استراتيجياته التسويقية في بناء سمعة العلامة التجارية التي احتفظت بها إلى يومنا هذا.
وقد حرص ويلسدورف، في جميع حملاته التسويقية، تأكيد أن الجودة هي رقم 1 بالنسبة لشركته، التي ما لبثت أن أصبحت رائدة في عالم صناعة الساعات.
رولكس مقاومة للماء
في عام 1920، انفصل ويلسدورف عن شريكه ديفيس بعد أن انتقل إلى سويسرا، وشرع من هناك في تطوير علامته التجارية من خلال زيادة جودة ساعاته وإضافة خاصية لم تعرفها ساعات اليد من قبل ألا وهي مقاومة المياه.
ونجح ويلسدورف بالفعل في صناعة ساعة مقاومة للماء عام 1927، كما اعتمد حيلة ترويجية بارعة للإعلان عن ابتكاره، فقدم تصميمه الجديد للسبّاحة البريطانية الشهيرة آنذاك مرسيديس جليتسه، وطلب منها أن ترتدي الساعة خلال إحدى المنافسات، وبالفعل ثبت أن تصميم ويلسدورف الجديد لا يتأثر بالماء.
نجح الإعلان الترويجي لساعات رولكس الجديدة بشكل مبهر وباتت الساعة المفضلة في أوساط الرياضيين والمشاهير، وبقيت شركة رولكس متربعة على عرش صناعة الساعات، ليس بسبب جودتها وتصاميمها المبتكرة فحسب، لكن بفضل مواكبتها الدائمة للموضة أيضاً، مما جعلها المفضلة لدى الجميع، وفقاً لما ورد في موقع howstuffworks .
هل ساعات رولكس هي الأغلى في العالم؟
بعيداً عن ساعة بول نيومان التي بيعت بسعر خيالي، وعلى الرغم من أن ساعات رولكس اليوم باهظة الثمن للغاية فإنها ليست الأغلى سعراً على الرغم من أنها أكثر شهرة وعراقة من غيرها.
ففي مزاد للساعات حدث عام 2019، بيعت بعض ساعات رولكس بسعر وصل إلى 27500 دولار، لكن في المزاد نفسه كذلك بلغت قيمة ساعة Patek Philippe نحو 68750 دولاراً.
رولكس اليوم "مؤسسة خيرية"!
من المثير للدهشة أن شركة الساعات الفاخرة رولكس، التي تبيع ساعتها بأسعار تبدأ بـ4 أرقام كأقل تقدير، لا تعتبر شركة هادفة للربح، بل تصنف على أنها مؤسسة خيرية، وفقاً لما ورد في موقع bobswatches.
شركة Rolex SA اليوم مملوكة بالكامل لمؤسسة Hans Wilsdorf Foundation. وتعترف الحكومة السويسرية بهذه المؤسسة باعتبارها مؤسسة خيرية، وبالتالي فهي معفاة بشكل كامل من الضرائب.
ولا تفصح الشركة عن أرباحها، التي يقال إنها لا تقل عن 4 مليارات دولار. ووفقاً للشركة فإن الأرباح تذهب لتغطية الرواتب ونفقات التشغيل وتكاليف التصنيع، ويصرف كذلك جزء منها إلى عدد غير معروف من المؤسسات الخيرية.