حذر خبراء من مواجهة أوروبا لـ"وباء بمرض السرطان"، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لتعزيز العلاج والبحوث، وذلك بعد تفويت تشخيص نحو مليون حالة أثناء جائحة فيروس كورونا التي أثرت على قدرات النظام الصحي، وأصابته بحالة من الاستنزاف، ما أثر على قطاعات صحية أخرى.
صحيفة The Guardian البريطانية، قالت، الثلاثاء، 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، إن تأثير جائحة كورونا والتركيز عليها، كشف عن "أوجه الضعف" في الأنظمة الصحية المعنية بعلاج أمراض السرطان، وفي مجال الأبحاث عن هذا المرض في القارة الأوروبية.
نقلت الصحيفة عن خبراء الرعاية الصحية والبحوث، قولهم إن هنالك مشكلات إذا لم تُعالج بوصفها ضرورة ملحة، فسوف تتسبب في انتكاسة النتائج التي توصلوا إليها، على صعيد علاجات أمراض السرطان وبحوثها، ما قد يعيدهم قرابة عقد من الزمان إلى الوراء.
جمع تقرير بعنوان "مواجهة تحديات بحوث السرطان في أوروبا: لجنة أورام في مجلة ذا لانست"، مجموعة واسعة من خبراء المرضى والخبراء العلميين وخبراء الرعاية الصحية، ممن لديهم معرفة تفصيلية بالسرطان حول أوروبا.
الخبراء قالوا إن إحدى العواقب غير المقصودة للجائحة، تمثلت في الآثار السلبية على الخدمات المقدمة لمرضى السرطان، أو على بحوث أمراض السرطان، وعلى مرضى السرطان.
كتب الخبراء في التقرير المنشور في مجلة The Lancet: "للتأكيد على حجم هذه المشكلة، نُقدّر أن نحو مليون إصابة بالسرطان حول أوروبا لم تُشخَّص خلال جائحة كوفيد-19".
أضافوا في هذا الصدد: "توجد أدلة ناشئة تقول إن نسبة أكبر من المرضى شُخِّصت إصابتهم بمراحل متأخرة من السرطان، مقارنة بالمعدلات قبل الجائحة، نتيجة للتأخيرات الكبيرة في تشخيص السرطان وعلاجه. هذا التحول في مراحل السرطان سوف يواصل الضغط على أنظمة معالجة السرطان في أوروبا لسنوات قادمة".
كذلك توقع الخبراء أن "هذه المشكلات سوف تتسبب، في نهاية المطاف، في تعريض المرضى للخطر، وتسهم في تدنى جودة الحياة بالنسبة لعديد من مرضى السرطان الأوروبيين".
تقرير الخبراء حلل البيانات ووجد أن الأطباء شهدوا انخفاض أعداد مرضى السرطان في السنة الأولى للجائحة بـمليون ونصف المليون مريض، إذ إن مريضاً من بين كل مريضين بالسرطان لم يخضع للعمليات الجراحية أو يتلقى العلاج الكيميائي في الوقت المناسب.
لم يُجري 100 مليون فحص، وتشير التقديرات إلى أن نحو مليون مواطن أوروبي كانوا مصابين بالسرطان دون تشخيص نتيجة لهذا التراكم.
من جانبه، قال البروفيسور مارك لولر، الأستاذ بجامعة الملكة في بلفاست، ورئيس اللجنة والمؤلف الرئيسي فيها: "إننا في سباق مع الوقت للعثور على هذه السرطانات غير المعروفة".
أضاف لولر: "بالإضافة إلى ذلك، لقد شهدنا أثراً سلبياً على بحوث السرطان، حيث أُغلقت المعامل وتأجلت التجارب السريرية أو أُلغيت في الموجة الأولى من الجائحة، إننا قلقون من أن تكون أوروبا متجهة نحو وباء سرطان في العقد القادم، إذا لم تُوضع أنظمة الرعاية الصحية لمواجهة السرطان وبحوث السرطان، أولويةً بصورةٍ عاجلة".
يقول تقرير الخبراء أيضاً، إن الهجوم الروسي ضد أوكرانيا يمثل تحدياً هائلاً آخر أمام بحوث السرطان في أوروبا؛ نظراً لأن روسيا وأوكرانيا تعدان من أكبر المساهمين في البحوث السريرية السرطانية في العالم.
تنبأت اللجنة كذلك بأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) سوف يحمل أثراً سلبياً على بحوث السرطان في أوروبا.
يجادل التقرير أيضاً بأن جهود الوقاية من السرطان وبحوث السرطان، على وجه التحديد، لم تحصل على التمويل الذي تستحقه، ويوضح أن زيادة التركيز على الوقاية من السرطان يمكن أن يقلل عدد الأشخاص الذين يصابون بالسرطان، ومن ثم يسمح بزيادة الموارد المتاحة للأشخاص الذين يحتاجون إلى العلاج.
بدورها، قالت آنا شموتز، الباحثة لدى الوكالة الدولية لبحوث السرطان (CIRC): "تشير التقديرات إلى أن 40% من الإصابات بالسرطان في أوروبا يمكن الوقاية منها إذا حسَّنت استراتيجياتُ الوقاية الأساسية استفادتَها من استيعابنا لعوامل خطر الإصابة بالسرطان".