في فكرة مشجّعة لأولئك الذين قد يكون حس الدعابة لديهم أكثر جاذبية من مظهرهم الجسدي، يتضح أن النساء ينجذبن للرجل خفيف الظل بشكل مثبت علمياً.
الأمر ببساطة أن أبحاث علم الاجتماع وعلم النفس كشفت أن المرأة إذا قابلت شخصاً يمكنها أن تضحك معه، وتشعر بالكوميديا المتبادلة والمفهومة فيما بينهما، فقد يعني ذلك أن علاقتهما المستقبلية ستكون ممتعة ومليئة بالبهجة والمودة والترابط.
ولكن دعونا نسأل: إلى أي مدى تُعدّ تلك الفكرة واقعية؟ ولماذا تنجذب النساء للرجل خفيف الظل فعلاً؟
الرجل المرح وجاذبيته التي لا تُقاوَم!
"الرجل الذي يتمتع بروح الدعابة وخفة الظل يُعدّ جذاباً بشكل لا يمكن مقاومته بالنسبة للنساء"، هذا ما توصّلت إليه الأبحاث والدراسات العلمية.
ووفقاً لبحث متخصص، فيما يتعلق بالجاذبية بين الجنسين، فإن النساء ينجذبن بشكل فطري للرجال الذين يمكنهم إضحاكهن. ما يجعلنا ننسى المظهر المنحوت أو الذكاء العالي، فهناك أكثر من مجرد تقدير لنكتة جيدة يلقيها الرجل المرح على مسامع امرأة يودّ أن يثير إعجابها.
ومع ذلك، لم يكن العكس صحيحاً بالنسبة للنساء اللائي حاولن أن يكنّ كوميديات، فقد كانت محاولاتهن في إضحاك الذكور سبباً في فقدان اهتمام الرجال، ودافعاً لعدم شعورهم بالانجذاب لهن.
تلك النتائج توصّلت إليها الدراسة التي حملت عنوان "الانتقاء الجنسي والفكاهة: قضية للحميمية والمرح"، ونُشرت في مجلة علم النفس التطوري، عام 2015.
التشارك في حسّ الدعابة يعزز العلاقة بين الطرفين
بعد دراسة عدد من الشباب والفتيات في برنامج للمواعدة العمياء، أو ما يُعرف باسم Blind Dates، وفيه يتعرف الشاب على الفتاة لأول مرة في لحظة الالتقاء الأولى، وجد الباحثون أن الرجال والنساء الذين ضحكوا في نفس الوقت كانوا على الأرجح منجذبين عاطفياً لبعضهم البعض.
وقد أجرى العلماء سلسلة من الاختبارات على المجموعة لفحص دور الدعابة في بناء العلاقات العاطفية باستخدام الطلاب كمواد اختبار.
وعلى الرغم من أن النتائج لم تذكر أن أحد الجنسين حاول أن يكون أكثر مرحاً من الآخر، فإنها أشارت إلى أنه كلما حاول الرجل أن يكون مضحكاً أكثر، وضحكت المرأة على دعاباته أكثر، زاد احتمال اهتمام المرأة عاطفياً.
ومع ذلك، لم يكن هذا هو الحال بالنسبة للمرأة التي حاولت أن تكون مضحكة.
التأثير الجسدي للضحك ودوره في بناء العلاقات
عندما تضحك المرأة أو الرجل على حدٍّ سواء، يكون للجسد رد فعل قوي. إذ تتمدد عضلات الوجه والجسم، ويرتفع نبض وضغط الدم في البداية، ثم ينخفض بعد ذلك إلى ما دون المعدل الطبيعي، مما يسمح للأوعية الدموية بالتوسع أكثر، ويتدفق الدم بسهولة أكبر.
ونظراً لأن الأوعية الدموية تتوسع بسبب الضحك، فإن تدفق الأكسجين إلى الأعضاء يكون أكثر كفاءة أثناء الضحك، بحسب مجلة Science Alert العلمية.
كما أن اللهاث والتنفُّس السريع عند الضحك يجعلان الشخص يستنشق مزيد من الهواء، وبالتالي الحصول على مزيد من الأكسجين في الدم، وهذا يعزز الغذاء الذي تحصل عليه الأنسجة المختلفة في الجسم.
كذلك يتأثر الدماغ أيضاً، إذ ينتج عن الضحك بيتا إندورفين، وهو ناقل عصبي ينتج في الغدة النخامية، ويخمد الألم في الجسم.
أما فيما يتعلق بمعالجة الدعابة في العقل، فإن الجانب الأيسر من الدماغ هو المسؤول عن فهم الكلمات وهيكل النكتة أو الدعابة المسموعة، بينما الجانب الأيمن، وخاصة الفص الأمامي من الدماغ، يعالج المشاعر، ويتم تشغيله عندما تصادف شيئاً مضحكاً.
وبالتالي، عندما يتم التعرف على شيء مضحك، فإن المنطقة الحركية في الدماغ تنتج رد الفعل الجسدي للضحك والصوت الذي يأتي معه.
وفقاً للراحل الدكتور ويليام فراي، الذي كان باحثاً رائداً في علم نفس الضحك، فإن الضحك يعادل "الركض الداخلي"، وهو أمر صحي للغاية.
إذ تساوي دقيقة واحدة من الضحك قرابة 10 دقائق على آلة الجري. الأمر الذي يساعد في تخفيف التوتر والضغط والغضب.
ولكن هل يمكن الوقوع في حب من يجعلك تضحك فقط؟
في حين أن هذا ليس مفهوماً مثبتاً علمياً بشكل دقيق، فإن رد الفعل الجسدي هو علامة على السبب الكامن وراء حدوث الضحك.
والفوائد الإيجابية للضحك وما يصاحبها هو استجابة أجسامنا لما يفعله لنا الشخص الآخر، إما شخصياً أو في مناسبات اجتماعية. وإذا كانت هرمونات التخلص من التوتر موجودة عندما أعبّر عن تعاطفي مع أحبائي، فإن هذا التعبير عن العاطفة لا يزال مهماً للغاية.
وخلصت الدراسة السالف ذكرها إلى أن العملية البيولوجية هي طريقة أجسامنا لإخبارنا بالاستمرار في فعل الشيء المحبب والممتع والمقبول بالنسبة لنا.
أما فيما يتعلق بمشاركة روح الدعابة مع شخص آخر، فإن الأبحاث حول الدعابة تُظهر أن الناس يفضلون بشكل كبير الأشخاص الذين يشاركونهم روح الدعابة، وأن روح المرح ودوافع الضحك لدى الشخص تشبه ما يفكر فيه ويشعر به في الواقع.
لذلك عندما يضحك شخصان على نفس الشيء، فإنهما يقولان بشكل أساسي" أشاركك وجهة نظرك، وقيمك ومعارفك، وأنا بالتأكيد أشاركك ما تعتقد أنه مسلٍّ ومضحك".
ليتضح ختاماً أن المزاح الفكاهي الذي يحدث في تفاعل بين الرجل والمرأة، ما هو إلا علامة على الانفتاح على كلام الشخص الآخر، وأن الشخص يريد استمرار المحادثة ويشعر بالاهتمام بالطرف الآخر.