بدأت القصة عندما اتجه شخصٌ يُدعى "موراكاوا" إلى مدينة لاس فيغاس الأمريكية، من أجل تأسيس شركةٍ للإصلاح والبناء، تمكّنه من ترميم العديد من كازينوهات المدينة.
في البداية كانت الأمور تسير على ما يرام، إذ اضطر موراكاوا إلى توظيف العديد من الأشخاص، لكي يتمكن من إنهاء الأشغال في الوقت المحدد. لكن مع الوقت أصبحت عروض الإصلاح أو البناء تخفّ.
من بين هؤلاء الأشخاص، الذين وظّفتهم الشركة في البداية، كان هناك "جيريمي"؛ صاحب الكثير من السوابق القضائية في قضايا تزوير ونصب.
صدفة أنتجت النصّابين.. موراكاو وجيريمي
سنة 2000 اتجه موراكاوا وعمّاله إلى أحد الكازينوهات في المدينة من أجل أشغال الترميم، وخلال عودتهم انتبه موراكاوا إلى لافتة إشهارية كبيرة لأحد الكازينوهات، تحمل قرص لعب كبيراً، ليتساءل: هل بالإمكان تزوير هذه الأقراص؟
ليجيبه جيريمي، الذي يعتبر ذا خبرة في التزوير، بأن لا شيء مستحيل، وأن بإمكانهم صناعتها. اتجها من بعدها إلى أحد كازينوهات المدينة، واشتريا بعض الأقراص، لمعرفة المادة المصنوعة منها.
خلال أسبوعٍ من الزمن حاول موراكاوا وعماله صناعة الأقراص، لكن من دون أي جدوى؛ ما دفع الكثير من العمال لترك الشركة بعدما شعروا أن صاحبها لا يفكر بالعمل، بل يركز على صناعة الأقراص. ولم يبقَ في النهاية إلا جيريمي وموراكاوا فقط.
لم تنجح كل المحاولات لصنع الأقراص؛ يجب أن تكون بالشكل نفسه والملمس نفسه، إضافةً إلى الوزن والصوت اللذين تملكهما الأقراص الأصلية. فخطر على بال موراكاوا فكرة شراء أقراص من فئة الدولار، وتحويلها إلى أقراص 100 دولار.
لكن قبل البدء في العملية كان يتعيّن عليهما التأكد من أن للقرصين المواصفات نفسها. فاتجه الصديقان إلى أقرب الكازينوهات، واشتريا قرصين: الأول من فئة دولار، والآخر من فئة 100 دولار، وعند وصولهما إلى الورشة لاحظا أن للقرصين نفس المواصفات لكن بألوان مختلفة.
من الفكرة إلى التنفيذ
بعد التأكد من تطابق القرصين كان يجب رؤية الأقراص تحت الضوء الأسود، وهو ضوء يسمح برؤية بعض أنواع الصباغة المخفية للتأكد من أن العملية ستكون آمنة. لكن بعد الاختبار، تبيّن أن للقرصين علامات مختلفة عند تعرضهما لهذا الضوء.
لم يكن هذا الخبر مزعجاً لجيريمي؛ ونظراً لخبرته السابقة في التزوير، كان يُدرك أنه توجد أنواع من الصباغة التي لا تظهر بالإضاءة العادية، فاستعان بها وحصل على العلامات نفسها الموجودة في الأقراص الحقيقية.
وحسب موقع "روتر"، صبغ الصديقان ثلاثة أقراص من فئة دولار، وحوّلاها إلى فئة 100 دولار، ثم توجّها إلى أحد الكازينوهات وحوّلاها إلى نقود. دخل جيريمي إلى الكازينو واتجه إلى المصرف مقدّماً الأقراص، لم يلاحظ الموظف أي علامةٍ للتزوير، فقدّم 300 دولار لجيريمي الذي أسرع إلى صديقه خارج الكازينو.
خلال بضعة أشهر فقط تمكن الصديقان من ربح أكثر من 600 ألف دولار، حسب فيديو نُشر على قناة "Wonder"، يقول موراكاوا إنه كان يتمكن من ربح أكثر من 15 ألف دولار يومياً، وكانت زوجته تشتري في بعض الأحيان ملابس بـ20 ألف دولار من دون الحاجة لاستخدامها.
اتفق الصديقان على ألا يُخبرا أحداً على سرّهما، حتى أقرب الناس إليهما. لكن بسبب إدمان جيريمي، باح بالسر إلى إحدى صديقاته وهو في حالة سكر، ما جعلها تهدّده بالشرطة في حال امتناعه عن تقديم المال لها.
نصب بالمليارات والحكم أشغال شاقة
في أحد الأيام سمع موراكاوا جرس الباب، ليُفاجأ برجلٍ يطلب منه كرة اللعب التي سقطت من ابنه في حديقة منزله. وعند التفاته، تبيّن أنه تابع للشرطة التي ألقت القبض عليه واصطحبته إلى المخفر بعد تفتيش منزله، والتأكد من أنه يزوّر الأقراص بموقف منزله.
حُكم عليه في الداية بدفع 5 مليارات دولار أمريكي غرامة، ليصل الخبر إلى أحد المساجين، الذي كان يُعتبر صاحب أكبر غرامة مالية في السجن. فطلب منه تعليمه كيفية تزوير الأقراص، حتى يصنّعها عند خروجه من السجن ويعطيه نصيبه من الأرباح.
استعان موراكاوا بأحد أفضل المحامين في المدينة، ما أسهم في تخفيف الغرامة من 5 مليارات دولار إلى 15 ألف دولار أمريكي. وخلال فترة السراح المؤقت، التقى موراكاوا بالسجين الذي كان هو الآخر في حالة سراح، وبدأ تعليمه كيفية تزوير الأقراص.
كانت الشرطة في تلك الأثناء تقوم بمراقبتهما، ثم ألقت القبض عليهما أثناء محاولة تزوير بعض الأقراص. وخلال المحاكمة تحجج محامي موراكاوا بأن الأقراص التي وُجدت في الموقف هي الأقراص الوحيدة التي يملكها موكله، ليحكم عليه بـ5 سنوات من الأعمال الإجبارية فقط.
ربح موراكاوا من عمليات النصب التي قام بها مليارات الدولارات؛ فأصبح الشخص الوحيد الذي اتُهم بعملية نصب من دون أن يخسر ثروته المالية، في حين حُكم على صديقه بـ10 سنوات بسبب سوابقه القضائية.