قصة الطبيب كارل تانزلر، ومريضته إيلينا دي هويوس، هي قصة هوس انتقلت إلى حد لا يمكن تصوّره. وهي تجعل رواية فيلم "فرانكشتاين" الشهيرة أقرب لحكاية مضحكة. فهذه ليست قصة عن المطاردة والقتل، أو الطموح المخيف للأطباء. إذ كان الشخص الذي تتم ملاحقته ميتاً بالفعل.
ما حقيقة القصة بالضبط؟
تبدأ قصتنا في المستشفى البحري، في كيويست بولاية فلوريدا الأمريكية. إذ كانت ماريا إيلينا ميلاغرو دي هويوس، البالغة من العمر 22 عاماً، تشعر بالمرض، فأخذتها عائلتها إلى المستشفى لإجراء بعض الفحوصات.
وهناك قابلت كارل تانزلر، المعروف أيضاً باسم الكونت كارل فون كوزيل، فني الأشعة.
تم تشخيص ما تعانيه إيلينا دي هويوس بمرض السل آنذاك، والذي كان فتاكاً في ذلك الوقت وقاتلاً دون أي علاج. وعلى الرغم من أنه لم يكن طبيباً في الواقع، فقد صمم تانزلر على إنقاذ إيلينا، ويبدو أنه قد انجذب لها.
تجربة كل الطرق لإنقاذ إيلينا
بموافقة عائلتها، جرب كارل علاجات مختلفة. تصف العديد من المصادر أنه استخدم جرعات وصبغات مختلفة لم يتم استخدامها في العلاج الطبي من قبل.
ووفقاً لموقع Horror Obsessed للروايات المرعبة المقتبسة عن قصص ووقائع حقيقية، قام تانزلر أيضاً بإدارة مستوى الألم لدى مريضته باستخدام جهاز يتضمن أقطاباً كهربائية. وكان يعتقد أن شحن إلكترونات الأكسجين لديها بأقطاب كهربائية يمكن أن يعالجها.
وبينما كان يحاول يائساً إنقاذ إيلينا، قالت معظم الروايات إن الطبيب أغدق على الفتاة بالهدايا وأخبرها أنه يحبها. ومع ذلك، أوضحت إيلينا أنها لا تبادله المشاعر، وأنها غير مهتمة.
موت محتوم يقابله هوس غريب
على الرغم من الجهود التي بذلها الطبيب كارل تانزلر، ماتت إيلينا دي هويوس في 25 أكتوبر/تشرين الأول عام 1931.
وقد أصرّ تانزلر على دفع ثمن جنازتها مع ضريح كبير. وافقت عائلتها ولكنهم لم يكونوا على علم بأن تانزلر لديه مفتاح الضريح. حيث واصل زياراته لإيلينا على مدى عامين متتاليين.
خلال هذه الفترة، تم فصل تانزلر من وظيفته في المستشفى لأسباب غير معروفة.
على مدار العامين التاليين، أصبح سلوك تانزلر مثيراً للريبة بين معارفه. فقد شوهد يشتري ملابس وعطور نسائية. ورآه جار له مع ما كان يبدو أنه دمية بالحجم الطبيعي عبر النافذة.
وبعد أن توقّف كارل عن زياراته المعتادة لقبر إيلينا، انتشرت الشائعات بأن الطبيب السابق كان يعيش مع جثتها.
سرقة الجثة والعيش معها
في عام 1940، وصلت هذه الشائعة إلى آذان فلورندا، شقيقة إيلينا، التي قررت بعد ذلك زيارة كارل تانزلر للتأكُّد. ما فاجأها أن الطبيب كشف بكل أريحية جثة إيلينا.
وفقاً لموقع All That's Interesting، اعتقدت فلورندا أن ما رأته كان تمثالاً مصنوعاً على شكل أختها. ومع ذلك، اكتشفت لاحقاً أنها كانت جثة شقيقتها بالفعل.
اعترف كارل للفتاة المصدومة بأنه اقتحم قبر إيلينا في أبريل/نيسان عام 1933، واستخدم عربة لنقل جثتها إلى منزله. على مدى السنوات السبع التالية، عملت الطبيب السابق بجد للحفاظ على جسدها بأفضل ما يمكن.
وقد كشف تشريح الجثة لاحقاً عن جميع التعديلات التي أجراها كارل.
تشكيل الجثمان لكي يبدو حياً وحقيقياً
للحفاظ على شكل هيكل إيلينا، استخدم كارل تانزلر علاقات المعاطف والأسلاك، وحشا جذعها بالخرق والقماش.
كما استخدم الجص لإعادة بناء وجهها الذي دهنه في الخاتم بشمع دفن الموتى. وقد استبدل عينيها بأخرى زجاجية.
وبعد تساقط شعرها، صنع تانزلر باروكة شعر مستعار، قام بتدبيسها على رأسها. والحقيقة أنه استخدم شعر إيلينا الحقيقي في تصميم الباروكة.
ولتغطية رائحة الجثة المتحللة، استخدم الكثير من العطور والزهور والمطهرات والمواد الحافظة.
وقد أبقى كارل دميته البشرية في سريره، في كامل ملابسها وحليها.
محاولات إعادة دميته البشرية للحياة من جديد
عندما خطف كارل تانزلر رفات إيلينا إلى المنزل، استخدم معملاً في إعادة ترميمها. وقد قام ببناء مركبة في هذا المختبر على شكل طائرة أطلق عليها اسم "منطاد إيلينا".
ووفقاً لـAll That's Interesting، كانت خطة الطبيب المهووس في النهاية هي استخدام الطائرة تلك لإعادة إيلينا دي هويوس إلى الحياة.
وقد اعتقد تانزلر أنه يمكن أن يطير بها عالياً في طبقة الستراتوسفير، لكي يتمكن الإشعاع القادم من الفضاء الخارجي من "اختراق أنسجتها وإعادة الحياة إلى جسدها الخامد".
التحقيق مع الطبيب وقصته قبل ارتكاب الجريمة
تم اعتبار الطبيب كارل تانزلر لائقاً وعاقلاً بشكل يؤهله للمثول أمام المحكمة بعد تقييم نفسي أجروه للرجل. وقد وُجهت إليه تهمة إتلاف قبر ونقل جثة دون إذن. ومع ذلك، تم إسقاط التهم بحُجة انتهاء الفترة بالتقادم.
بعد اعتقاله، كان رد فعل الجمهور متعاطفاً مع الطبيب كارل تانزلر، إذ نظروا إليه بشفقة باعتباره معتلاً نفسياً ووحيداً ويستحق التعاطف.
وقد تداولوا قصة كارل لمعرفة البُعد السيكولوجي لما قام به من بشاعات قد لا يستوعبها الكثير من الناس. ففي ناحية أبعد، وُلد تانزلر عام 1877 وعاش في النمسا حتى عام 1910، وأثناء وجوده في النمسا، درس الطقس والمناخ.
ثم في عام 1920، تزوج وأنجب طفلين. تخلى عن زوجته وأطفاله بعد انتقاله إلى الولايات المتحدة الأمريكية. ثم ذهب للعمل في المستشفى تحت اسم الكونت كارل فون كوسيل تانزلر.
ووفقاً لمصادر متعددة، زعم كارل أنه كان على اتصال بشبح أحد الأسلاف، الذي أظهر له رؤية لحبه الحقيقي الوحيد، والذي وصفه لاحقاً بأنه امرأة غريبة ذات شعر أسود، والتي زعم لاحقاً أنها إيلينا. وقد توفي تانزلر وحيداً بلا أسرة أو عائلة عام 1952.