ليس هناك شك في أن مسلسل "التاج"، أو "ذا كراون– The Crown" الذي يحكي قصة حياة ملكة بريطانيا السابقة إليزابيث الثانية، يُعد عملاً درامياً رائعاً فيه الكثير من التفاصيل التاريخية الواقعية التي شهدتها المملكة والعالم خلال العقود الماضية.
ومنذ وفاة إليزابيث الثانية، في سبتمبر/أيلول عام 2022، اجتذب مسلسل Netflix الناجح ملايين المشاهدين في جميع أنحاء العالم، ما ضاعف مشاهدات العمل بنسبة 8000%، وهي نسبة غير مسبوقة على الإطلاق في تاريخ المنصة.
فالمشاهدون توجهوا لمسلسل The Crown مفتونين بالحياة الدرامية للنظام الملكي البريطاني، إلا أن ما قد لا يعرفه البعض أن الحبكة الدرامية للعمل الناجح شملت الكثير من الروايات غير الحقيقية التي ابتكرها صناع المسلسل. نستعرض أبرزها والحقيقة وراءها في هذا التقرير.
ملاحظة مهمة: التفاصيل التالية فيها ذكر لكثير من الأحداث الواردة في المسلسل، وكشف لتطورها كما ورد في سياق القصة والوقائع التاريخية.
شخصية فينيسيا سكوت مساعدة تشرشل وتفاصيل موتها
في النصف الأول من المسلسل يستحوذ سحر تشرشل على مساعدته الشابة والشغوفة فينيسيا سكوت، التي أدت دورها الممثلة الأمريكية كيت فيليبس.
وكان يبدو أنها أثارت إعجاب رجل الدولة الأسطوري بعد قراءة سيرته الذاتية، واقتباسها لأشهر عباراته التي أثرت فيها ضمن سياق المسلسل.
وفي حين أن الاهتمام المتزايد لتشرشل بسكوت في الحلقة 4 من شأنه أن يجعلك تعتقد أنها هي وتشرشل، الذي لعب دوره الممثل جون ليثجو، سوف يقعان في الحب، لكن سرعان ما انقطعت الرواية لأن سكوت قُتلت في حادث حافلة خلال الضباب الدخاني العظيم، الذي اجتاح بريطانيا عام 1952.
وقد أدت وفاة سكوت في النهاية إلى دفع تشرشل لإعادة تقييم موقفه السابق بشأن الضباب الدخاني، وشحذ همته لإنقاذ لندن وتطمين المواطنين.
وبالرغم من أن الدور يبدو محورياً في تسلسل الأحداث الواردة في مسلسل The Crown، لكن يبدو أن شخصية تلك السكرتيرة الشابة كانت خيالية تماماً، بحسب Radio Times.
العلاقة بين الملكة إليزابيث وصديقها بورتشي
بينما كان الأمير فيليب، زوج إليزابيث الثانية، الذي لعب دوره الممثل الأمريكي مات سميث، مندمجاً في تعلُّم الطيران ومعاكسة النادلات في نوادي النبلاء، استمتعت إليزابيث بهوايتها المفضلة في تربية الخيول مع صديق طفولتها بورتشي، الملقب باللورد بورشيستر، والذي أصبح لاحقاً إيرل كارنارفون.
وفي مسلسل The Crown، كان يبدو أن إثارة إليزابيث الواضحة- وخجلها- حول بورتشي تؤدي إلى خلافات بينها وبين فيليب، الذي كان يشعر بالغيرة من علاقتهما.
وفي السياق قد يبدو أن إليزابيث أحبت صديقها، وكانت تتمنى الزواج منه، إلا أنه في الواقع اختارت الملكة السابقة فيليب، وكان هو الرجل الوحيد الذي أحبته على الإطلاق.
صحيح أن شخصية بورتشي حقيقية فعلاً، إذ كان صديقاً قريباً من الملكة منذ الطفولة، وتولى منصب مدير سباقاتها في عام 1969. وكانت هناك شائعات بأن بورتشي والملكة كانا على علاقة غرامية، لكن لم يكن هناك أبداً أي دليل حقيقي على الرومانسية.
وكما جاء في المسلسل، تزوج بورتشي من شابة إنجليزية أمريكية تُدعى جان مارغريت والوب، وأنجب منها ثلاثة أطفال هم هنري وكارولين وجورج. وقد ظل بورتشي وإليزابيث مقربين حتى وفاته عام 2001.
رفض فيليب أن ينحني لزوجته أثناء تتويجها
يُعتقد أن تلك الرواية خاطئة على أكثر الترجيحات. ففي مسلسل The Crown، بينما يرفض فيليب التقاليد المتعلقة بقضايا الأسرة مثل الأسماء العائلية لأطفاله وتعليمهم، لكنه كان متفهماً لأهمية الركوع أمام إليزابيث في يوم تتويجها.
وقد قال الخبير كريستوفر ويلسون لصحيفة Daily Mail البريطانية "أشك في أن الأمير فيليب تحدث بهذه الكلمات إلى زوجته كما جاء في المسلسل، لأنه جاء من منزل ملكي مارس الكثير من طقوسه وبروتوكولاته، واستمدها من العائلة المالكة البريطانية".
لذلك فقد كان الأمير فيليب "يعرف جيداً ما هو متوقع منه في العلن وضمن طقوس التتويج والتعامل مع زوجته، باعتبارها ملكة بريطانيا الجديدة آنذاك، وقد كان مستعداً لمواكبة ذلك".
غيرة الملكة من جاكلين كينيدي
يشير المسلسل إلى أن إليزابيث الثانية شعرت بالغيرة من جاكلين كينيدي، عندما زارتها هي وزوجها الرئيس كينيدي عام 1961.
كما كان المسلسل يُظهر العلاقة بين الزوجين قبل الخلاف بشأن التعليقات الأمريكية في إحدى الحفلات، التي ادعت كينيدي في وقت لاحق أنها قالتها تحت تأثير "مواد مخدرة" في ذلك الوقت.
وبحسب صحيفة Scottish Daily Express الاسكتلندية، كانت مناسبة العشاء غير ناجحة فعلاً، لكن غيرة الملكة واعتراف السيدة كينيدي بالمخدرات والإساءة كلها كانت من نسج خيال صُناع المسلسل.
كذلك قيل أيضاً إن العرض قد أساء بشكل كبير لآراء الرئيس الأمريكي التالي لكينيدي، ليندون جونسون، تجاه الملكة، على عكس ما حدث في الواقع.
بالإضافة إلى مأدبة عشاء حضرتها الأميرة مارغريت معه في واشنطن في حلقة لاحقة، والتي جاء فيها سلوك الأميرة غير مهذب على عكس الحقيقة، وفقاً للصحيفة الاسكتلندية.
كارثة أبرفان بتفاصيلها الواردة في مسلسل The Crown
ربما جاء التغيير الصارخ عن الواقع في الجزء الثالث من السلسلة الذي استعرض فترة كارثة أبرفان في عام 1966، وهو الانهيار الجبلي الذي تسبب في موت 144 أغلبهم من الأطفال في قرية بمدينة ويلز.
ويُظهر مسلسل The Crown الملكة في البداية وهي ترفض زيارة أبرفان، وتتعنت في الاستجابة لوزير حكومتها عندما نصحها بضرورة زيارة القرية ومواساة أهلها.
وبينما انتظرت الملكة 8 أيام كاملة لزيارة القرية، وهو أمر يُعتقد أنه من بين المواقف الأشد أسفاً في مسيرتها، فقد أثنى سكان أبرفان على الملكة لاستجابتها.
وقد حرصت إليزابيث الثانية على تعزيز علاقة وثيقة مع قرية أبرفان خلال حياتها وفترة حُكمها الطويلة، ولم يتم استنكار جهودها من أهل القرية كما جاء في المسلسل.
علاوة على ذلك، يصور العرض أيضاً الأمير فيليب وهو يحضر الجنازات ويبكي الأطفال الضحايا، وهي أسطورة أخرى اختلقها صناع العمل لزيادة الواقع الدرامي للمسلسل.