غالباً ما توصف لوحة الموناليزا، التي رسمها ليوناردو دافنشي في أوائل القرن الـ16، بأنها أشهر لوحة في العالم. لكن على الرغم من كل ما نعرفه عن هذا العمل الفني، لا يزال هناك بعض الأسئلة العالقة.
لا شكَّ في أن السؤال الأشهر الذي يتداوله الناس عند الحديث عن لوحة الموناليزا، هو ما إذا كانت تبتسم أم لا.
لكن من شاهد اللوحة، وأمعن في تحليلها، سيجد سؤالاً آخر لا يقلّ أهمية عن موضوع الابتسامة، وهو: هل لدى الموناليزا حاجبان؟ لاسيما أن منطقة الجبهة تبدو خالية تماماً من الشعر، على نحوٍ غريب.
يقول موقع Fabulous Masterpieces إنه من المنطقي جداً أن يكون دافنشي رسم الموناليزا وفقاً لمعايير الجمال المعمول بها في إيطاليا بالقرن الـ16، عندما كانت المرأة تحلق حاجبيها.
ومن المحتمل أيضاً أن ليزا غيرارديني، التي يعتقد كثيرون أنها كانت نموذجاً لرسم اللوحة، كانت تفتقر إلى الحاجبين للسبب نفسه.
فيما يلي، نظرة على 5 أسرار أخرى غامضة، تُحيط بـ"لوحة الموناليزا":
ما الاسم الذي أطلقه دافنشي على لوحته؟
تحجب شهرة اسم الموناليزا حقيقة مهمة، وهي أنه لا يوجد دليلٌ على استخدام ليوناردو هذا الاسم عند إشارته إلى لوحته.
تتضمن كتابات المؤرخ الفني جورجيو فازاري واحدة من أقدم الروايات عن هذه اللوحة. ذكر فازاري في كتابه "Lives of the Artist" الذي يروي السير الذاتية لأهم الفنانين الإيطاليين، أنَّ "ليوناردو دافنشي بدأ رسم لوحة للسيدة ليزا ديل جوكوندو بناءً على طلبٍ من زوجها فرانشيسكو ديل جوكوندو".
لكن لم يرد في رواية فازاري أن دافنشي أطلق على لوحته اسم "الموناليزا"، بل استخدمه فقط لوصف اللوحة بوجهٍ عام، التي تصوّر وجه ليزا زوجة فرانشيسكو ديل جوكوندو.
و"مونا" (Mona) هي كلمة إيطالية كانت مستخدمة في ذلك الوقت للإشارة إلى "المرأة ذات المنزلة العالية"، وهي اختصارٌ لـMia donna وتعني "سيدتي"، أي إن كلمة "موناليزا" تعني "سيدتي ليزا".
لا توجد أيضاً إشارة مباشرة من ليوناردو دافنشي في ملاحظاته الخاصة إلى اسم اللوحة؛ لذا يبقى الاسم (إن وجد)، الذي كان سيُطلقه دافنشي بنفسه على هذا العمل، سراً غامضاً حتى الآن.
المناظر الطبيعية في خلفية الموناليزا
تظهر المرأة، موضوع لوحة الموناليزا، جالسة أمام منظر طبيعي من أشجار وممرات وقمم تلالٍ بعيدة. لكن لم يتضح بعدُ موقع هذا المكان، حتى إن هناك تكهنات حول ما إذا كان مكاناً خيالياً غير موجود على أرض الواقع.
لكن وفقاً لصحيفة The Guardian البريطانية، فإن المناظر الطبيعية المرسومة في خلفية اللوحة تشبه أماكن حقيقية موجودة بإيطاليا: أحدها في بلدة بوبيو شمالي إيطاليا، حيث يوجد بها جسرٌ مشابه للجسر المرسوم في اللوحة.
بينما أشار موقع BBC إلى أن المكان هو وادي نهر أرنو في إقليم توسكانا.
لماذا وُصفت الموناليزا بـ"العمل غير المُكتمل"؟
ثمة اختلاف بين الوصف المذكور من جانب فازاري في كتابه وشكل اللوحة كما تبدو لنا اليوم، ومن هنا ظهر لغز آخر حول هذه اللوحة المميزة.
ولعلّ أغرب ما قاله فازاري حول الموناليزا هو أن "دافنشي ترك هذا العمل الفني غير مُكتمل بعد العمل عليه لمدة 4 سنوات".
ومع ذلك، لا تبدو لوحة الموناليزا في متحف اللوفر غير مكتملة، سواء من ناحية تفاصيل المنظر الطبيعي أو صورة المرأة نفسها.
ثمة احتمال بأن فنانين آخرين قد ساهموا بوقتٍ لاحق في استكمال بعض العناصر الناقصة، حتى وصلت اللوحة إلى شكلها الحالي. ومع ذلك، لا يبدو على الأرجح أن بلاط الملك الفرنسي -الذي حصل على اللوحة- يتدخَّل في عمل فنانٍ مهم.
حواف الأعمدة في الموناليزا
إحدى أكثر السمات الغريبة في اللوحة أنها تبيّن حافة قواعد الأعمدة على كلا الجانبين، لكنها لا تُظهر الأعمدة بأكملها.
قاد ذلك إلى استنتاجٍ مفاده أن اللوحة مقطوعة وضاع بعض أجزائها، مثلما حدث مع بعض اللوحات الشهيرة الأخرى، مثل لوحة "The Night Watch" للرسام الهولندي رامبرانت فان راين؛ والتي تعرّضت للقصّ في القرن الـ18، من أجل تسهيل عرضها في المتحف.
في أوائل تسعينيات القرن الماضي، فحص أستاذ ومؤرخ الفن فرانك زولنر لوحة الموناليزا من دون الإطار الخاص بها، وخلص إلى أنها كاملة ولم تُقتطع أجزاءٌ منها.
رسم ليوناردو دافنشي اللوحة على الخشب وليس القماش، وهو ما سهَّل معرفة عدم حدوث تعديلات على اللوحة الأصلية، بمجرد إزالة الإطار الخاص بها.
يبقى سبب اختياره لإظهار حواف الأعمدة فقط، بدلاً من تضمينها كاملة أو استبعادها تماماً، لغزاً عالقاً من دون حلّ. ولربما يصحّ هنا الاستعانة بالمثل الشعبي "يحقّ للرسام ما لا يحقّ لغيره".
هل توجد أكثر من نسخة لـ"الموناليزا"؟
تُشير واحدة من أكثر النظريات انتشاراً حول الموناليزا إلى أن ليوناردو دافنشي ربما رسم أكثر من نسخة للوحة.
تُعرف اللوحة أيضاً باسمها الإيطالي La Gioconda، ومعناه "المرأة المبتسمة". وبحسب موقع Telegraph البريطاني، فقد كتب الرسّام الإيطالي جيوفاني باولو لومازو، في أواخر القرن الـ16، أن "أجمل وأهم لوحتين رسمهما دافنشي هما الموناليزا وجوكوندا".
يوضح ذلك أن اللوحتين كان يُشار إليهما خلال تلك الفترة، باعتبارهما لوحتين مختلفتين، وليسا اسمين مختلفين للعمل الفني نفسه.
أيَّدت صورة مشهورة رسمها الفنان الإيطالي رفائيلو سانزيو، خلال زيارة لأستوديو ليوناردو دافنشي، احتمالية وجود نسخة أخرى مختلفة من اللوحة نفسها.
لكن صورة رافائيلو سانزيو تختلف في بعض النواحي عن لوحة الموناليزا، المعروضة في متحف اللوفر، ويظهر فيها بوضوحٍ عامودين كاملين في الخلفية.ووفقاً لموقع Mental Floss، فقد خلص أستاذ ومؤرخ الفن فرانك زولنر -بعد فحصه لسلامة لوحة اللوفر في التسعينيات- إلى أن دافنشي ربما يكون قد رسم لوحة موناليزا ثانية، تظهر فيها الأعمدة كاملة.