هل تساءلت يوماً ماذا يحدث لأطفالك في المدرسة؟ فالأم أو الأب على الأرجح يريان أنهما يرسلان ملاكاً بريئاً مهندماً كل صباح إلى المدرسة، ثم ما يلبث أن يعود طفلاً متوحشاً، يبدو أنه يبالغ في رد فعله على كل شيء!.
تلك الحالة تُسمى "انهيار ضبط النفس المدرسي"، وهو انهيار الأطفال بعد المدرسة الذي يحدث بعد وضعهم في بيئة رسمية أو ملتزمة، يشعرون بعد الخروج منها بنوبات من الغضب أو الانهيارات بمجرد أن يكونوا مع أشخاص مألوفين يشعرون معهم بالأمان الكافي.
أسباب انهيار الأطفال بعد المدرسة
في المدرسة يفعل الأطفال ما يُطلب أو يُتوقع منهم، وهو أن يكونوا جيدين، وأن يحافظوا على "السلام العام".
وبعد أن يفعلوا ذلك طوال اليوم الدراسي الطويل، يصلون إلى النقطة التي لا يملكون فيها الطاقة للحفاظ على ضبط النفس هذا، فيبدو الأمر وكأنه فقاعة كبيرة يجب أن تنفجر.
وبالتالي فإن إدارة التحديات التي تحدث في المدرسة تقضي على طاقة الأطفال، خاصة أن الهدوء والدراسة والتزام الأدب وخفض الصوت وعدم الحركة بحرية، كل هذا يلتزم به الأطفال بدون وجود الأبوين والأشقاء المحبين في مكان قريب، وبالتالي يمكن أن يكون الأمر مرهقاً لهم.
هذه الأعراض تزيد وتنقص وفقاً لطبيعة كل طفل، ومستوى الأريحية التي تتيحها المدرسة، لكن الأمر يتفاقم خاصة إذا كان الأطفال ينتقلون إلى أيام الدراسة الكاملة بعد مراحل الحضانة.
الأبعاد النفسية لانهيار الأطفال ما بعد المدرسة
لكن انهيار الأطفال بعد المدرسة غالباً ما يكون أكثر من مجرد إرهاق، وذلك بفضل شيء يسميه علماء النفس بـ"الانفصال الدفاعي".
يوضح خبراء الصحة النفسية والسلوكيات بحسب موقع Today's Parent أن الأطفال في المدرسة يشعرون بالضغط والتوتر، وهم في أمس الحاجة لوالديهم، لكن بالطبع لا يكونون هناك معهم خلال تجربتهم الثرية.
لاحقاً يعودون إلى المنزل، ويواجهون الأب والأم لأول مرة بعد تجربتهم، وبالتالي سرعان ما يستوعبون التدفق المفاجئ للراحة من خلال موجة مد من الانفصال الدفاعي، حينها يصبحون غاضبين ويبدأون في دفع الأب أو الأم بعيداً.
يشبه الأمر عندما يجتمع أحد الوالدين بالطفل بعد أن يتوه في محل للبقالة مثلاً، حينها يحصل الوالد على بضع ثوان من الراحة أثناء احتضان طفله، ثم فجأة يبدأ الانفصال الدفاعي في الشخص بالغضب ويوجه اللوم إلى طفله ويقوم بتوبيخه على تحركه من مكانه.
حقيقة الشعور بالانفصال الدفاعي
توضح فانيسا لابوانت، الأخصائية النفسية أن الانفصال الدفاعي هذا هو الشكل المحبط والشخصي من الشعور بالحنين والافتقاد والشوق.
وتقول لابوانت: "إنه شيء لا شعوري، إنهم لا يعرفون حتى أنهم يفعلون ذلك، لكنه حقيقي للغاية".
فهم ينفصلون عنك بشكل دفاعي من خلال غضبهم منك، ودفعك بعيداً عنهم، وإبداء غضبهم وحتى كراهيتهم لك. وفي حين أنه غالباً ما يكون سلوكاً حاداً وغير مريح، يجب على الآباء محاولة النظر إلى أعراض الانفصال الدفاعي هذه على أنها هدية مجانية للتعبير عن الحب.
لا يمتلك أطفالنا الكلمات ليخبرونا بما يفكرون به ويشعرون به، كما لا يميزون بوعي بين مشاعرهم القوية، ولكن هذا السلوك يمكن أن يساعدنا في معرفة ما يحتاجون إليه بالضبط من خلال الهدوء والإنصات.
كيفية التعامل مع الطفل في تلك الحالة
عندما يكون الأبوان في المنزل وطفلهما يفزع ويُصاب بنوبات الغضب والصراخ والعصبية، يجب حينها توفير مساحة للانفجار والتحقق من مشاعر الطفل وتطمينه.
على سبيل المثال، عندما يصرخون ويرمون ألعابهم أو كتبهم في كل زاوية، ويفقدون أعصابهم بشكل عام، فقط اذهب إلى جانبه، وقل له "لقد كان يوماً طويلاً، أليس كذلك؟ لا بأس أنا هنا الآن".
إذ من الضروري أن يسمح الأبوان لطفلهما بإطلاق طاقته وعواطفه، ما دام لا يؤذي نفسه أو الآخرين.
وبالرغم من أن ذلك قد يبدو أمراً بسيطاً، فإن ترك انهيار الأطفال بعد المدرسة يحدث بكل أريحية قد يبدو وكأنه مهمة شاقة، بل مستحيلة أحياناً. لذلك حاول ألا يستفزك الطفل أو أن تأخذ الأمر على محمل شخصي.
التخلص من الطاقة الزائدة وتفريغ المشاعر بشكل صحي
توصي مجلة Mother للأمومة والصحة النفسية بمحاولة إيجاد طريقة لطفلك للتخلص من الضغط في نهاية اليوم، سواء أكان ذلك بركوب دراجة، أو اللعب بالكرة، أو الضحك وقص الحكايات، أو الاستماع إلى الموسيقى، أو ببساطة عدم القيام بأي شيء معاً والشعور بالألفة والتواصل.
يمكن أن يصبح هذا النشاط اليومي لتخفيف الضغط أحد الطقوس الضرورية والأساسية في إشعار الطفل بالاطمئنان والسكون والهدوء والراحة بعد يوم دراسي طويل.