جنازة ملكة بريطانيا السابقة إليزابيث الثانية ستكون إحدى أهم الجنازات والفعاليات الرسمية التي يشهدها القرن الحادي والعشرون والتي لن تُنسى في التاريخ، حيث يجتمع ملايين المعزين ليشهدوا الوداع الأخير لأطول فترة حكم في تاريخ المملكة المتحدة.
لطالما كانت الجنائز الملكية متورطة مع نتاج قرون طويلة من التقاليد والطقوس، وقد ساعدت الملكة الراحلة في التخطيط لكل التفاصيل الخاصة بجنازتها تقريباً قبل وفاتها في 8 سبتمبر/أيلول عام 2022.
إذ على مر القرون، تم الحفاظ على العادات والطقوس المُتبعة في جنازات الملوك والملكات البريطانيين السابقين، وتحديثها في بعض الأحيان، وقفاً لما تقتضيه الحاجة.
وقد نشر القصر الملكي تفاصيل ترتيب الجدول الزمني للجنازة. فيما يلي نستعرض عدداً من أبرز الفعاليات التي تمت من قبل في تاريخ بريطانيا في جنازات ملوكها، إضافة للمراسم التي من المقرر لها أن تحدث في توديع ودفن إليزابيث الثانية.
وبدءاً من كيف أغضب كلب أليف الملك القيصر، وصولاً إلى سبب قيام البحارة الملكيين في الجيش البريطاني بسحب نعش أحد حكام بريطانيا العظمى في الشوارع باستخدام الحبال، وغيرها من الأحداث التي غيرت وشكلت نمط توديع ملوك إحدى أكبر الممالك التي عرفها العالم حتى اليوم.
الكلاب تسرق الأضواء وتُغضب قيصر ألمانيا
كان للملكة الراحلة إليزابيث الثانية حب طويل ومعروف لفصيلة كلاب كورغيس التي امتلكت أكثر من 30 منها خلال فترة حكمها البالغة أكثر من 70 عاماً.
ومع ذلك، من غير الواضح ما إذا كانت أي من حيواناتها الأليفة ستلعب دوراً في جنازتها، لكن الملوك في الماضي أدرجوا كلابهم في احتفالات ومناسبات حياتهم المهمة.
على سبيل المثال، خطط الملك إدوارد السابع بعناية لجنازته قبل وفاته في عام 1910، وظهر في موكبه العسكري "قيصر"، كلبه المخلص الذي تبعه في كل مكان.
كان "قيصر"، الذي لُقب بـ"النتن" من قِبل رجال البلاط، غير مُدرك لأي شيء عندما توفي الملك وظل يتجول في الأروقة بحثاً عن سيده.
وفي يوم الجنازة، حقق شهرة واسعة؛ لأنه هرول خلف نعش الملك إلى جانب جندي رفيع المستوى، وخلف حصان الملك الذي لا يُركب بشكل رمزي ويسير خلف التابوت في الموكب.
وقد حصل "قيصر" على مثل هذا الموقع البارز لدرجة أنه تقدم على الملك الجديد، جورج الخامس، ورؤساء الدول الأجنبية الذين تبعوا النعش خلال الجنازة، وهو الفعل الذي أثار غضب القيصر فيلهلم الثاني، ملك ألمانيا.
وفي نهاية المطاف، تم تصميم تمثال حجري للكلب الصغير يوثق علاقته الوطيدة بالملك في قبر إدوارد السابع في كنيسة سانت جورج بقلعة وندسور التي تُدفن فيها إليزابيث الثانية أيضاً.
حيث تم تخليد "قيصر" بتمثال جسده، وهو يجلس ملتفاً عند قدمي سيده.
كسر العصا البيضاء إيذاناً بانتهاء حكم الملكة
سيشارك منصب اللورد تشامبرلين، أكبر مسؤول في الأسرة الملكية، في جنازة الملكة لأداء مهمة احتفالية يعود أصلها إلى قرون مضت.
إذ سيحمل بارون أندرو باركر، رئيس المخابرات السابق في MI5 البريطانية، والذي يحمل حالياً لقب اللورد تشامبرلين، عصا بيضاء ملكية تُعد أحد رموز دوره في الجنازة.
وعند الدفن، سيكسر تشامبرلين عصاه فوق قبر الملكة للدلالة على انتهاء خدمته لها بصفتها صاحبة السيادة للمملكة.
وقد كانت آخر مرة تم فيها تنفيذ هذا التقليد في العام 1952، عندما قام اللورد تشامبرلين آنذاك، إيرل كلاريندون، فوق قبر الملك الراحل جورج السادس.
"الفأل السيئ" لسقوط تاج الدولة الإمبراطوري
أثناء موكب تشييع جورج الخامس عبر المملكة عام 1936، ارتطم أعلى صليب لتاج الإمبراطورية البريطانية، الذي كان موضوعاً على التابوت، وسقط على الأرض.
فاعتبره الملك الجديد، ابنه إدوارد الثامن، نذير شؤم.
وبالفعل، في غضون 12 شهراً من مراسم الجنازة، تنازل إدوارد الثامن عن العرش للزواج من المطلقة الأمريكية واليس سيمبسون، وهو الأمر الذي مهد الطريق لإليزابيث الثانية أن تصبح ملكة بعد أن تولى والدها الحكم حتى وفاته في 1952.
جنود البحارة الملكيون يسحبون عربة التابوت بالحبال
يُنقل نعش الملكة الراحلة حتى مكان دفنها الرسمي على عربة مدفعية تاريخية يبلغ عمرها 123 عاماً.
وعادة ما يسحب البحارة وأصحاب المناصب الملكية من الجنود البحرية، العربة المدفعية التي تحمل نعش الملك الراحل عبر الشوارع باستخدام الحبال. إذ لا تجرها الخيول ولكن وفقاً للتصنيفات والرُتب البحرية، نتيجة لحادث وقع قبل أكثر من قرن من الزمان.
ولأول مرة تم تبني هذه العادة فيها كانت عام 1901 في جنازة الملكة فيكتوريا، عندما انكسر قضيب عربة المدفعية عندما تم رفع نعشها عليه، لأن الملكة الكبرى كانت مفرطة في الوزن فوصل إجمالي وزن التابوت لما يقرب من نصف طن، وبناء عليه أصيب أحد الخيول بارتداد من الأحزمة التي تمزقت، مما تسبب في الذعر والهلع.
في تلك اللحظة تدخل حرس الشرف البحري وسحبوا عربة المدفعية إلى القلعة بالحبال، واعتُبر المشهد مدهشاً للغاية للجميع لدرجة أن التقليد بات مستخدماً في جنازة كل ملك بريطاني منذ ذلك الحين.
يقوم 98 بحاراً من البحرية الملكية بجر عربة المدفعية التاريخية، بينما يسير 40 بحاراً وراءهم ممسكين بحبال معقودة في النعش لكي يقوموا بدور المكابح في حال خروج العربة عن السيطرة
اختيار كنيسة ويستمنستر آبي
سيقود جنازة الملكة إليزابيث الثانية عميد ويستمنستر ورئيس أساقفة كانتربري في وستمنستر آبي.
ويُعد اختيار الموقع أمراً مهماً ومحورياً، حيث استضافت الكنيسة العديد من الجنازات الملكية الأخرى في الماضي بما في ذلك جنازات الأميرة ديانا في عام 1997 والملكة الأم في عام 2002.
ويعتقد الخبراء الملكيون أن اختيار الدير يمكن أن يكون بسبب مساحته الكبيرة، حيث تبلغ سعته 2000 شخص، على الرغم من أنه يمكنه استيعاب ما يصل إلى 8000.
كذلك يُعتقد أنه يمكن أن يكون اختياره باعتباره مكاناً أفضل لتجمع الحشود الكبيرة لتقديم احترامهم أمام المراسم، لأنه يقع في وسط العاصمة لندن.
وفي هذا الدير تمت العديد من الأحداث والمناسبات الأكثر أهمية في حياة الملكة، بدءاً من تتويجها الملكي، وحفل زفافها من الأمير فيليب.