في إحدى صور الملك تشارلز الثالث وزوجته كاميلا، ظهر الاثنان أمام لوحة لما يبدو أنه ملك عربي ومن حوله حاشيته، وقد تكهن البعض بأنها قد تكون لوحة تصور أحد الخلفاء في العصر العباسي، إلا أنها في الحقيقة لوحة زيتية تصور محمد علي باشا، حاكم مصر، يوم نفذ في المماليك ما عُرف لاحقاً بـ"مذبحة القلعة"، فما قصة هذه اللوحة؟ وما الذي ذهب بها إلى بريطانيا؟
لوحة مذبحة القلعة
تُظهر اللوحة محمد علي باشا وهو جالس مع مرافقيه في مكان يطل على القاهرة المغطاة بالدخان في تصوير لـ"مذبحة القلعة" التي نفذها محمد علي باشا في المماليك.
اللوحة موجودة في كلارنس هاوس وهو سكن ملكي في مدينة ويستمنستر، لندن، بجوار قصر سانت جيمس، وقد كان المقر الرسمي لتشارلز وزوجته قبل أن يصبح ملكاً، وفقاً لموقع the crown chronicles.
ومن الجدير بالذكر أن هذه اللوحة قد رسمها هوراس فيرنيت (1789-1863)، الرسام الفرنسي المتخصص بتصوير المعارك والموضوعات المستوحاة من الشرق، وقد أهداها نابليون الثالث إلى الملكة فيكتوريا، وقد كانت معروضة من قبل في صالون مارلبورو هاوس عام 1896.
أحداث "مذبحة القلعة"
وإذا كنت لا تعرف على وجه التحديد ما حل بالمماليك يوم "مذبحة القلعة" سنروي لك القصة باختصار:
كما يعلم معظمنا، فإن المماليك هم رقيق محاربون استقدمهم الخلفاء العباسيون من تركستان والقوقاز وغيرهما، وقد تمكنوا من التدرج في المناصب في الدولة إلى أن هيمنوا على مقاليد الحكم.
وعند سقوط الخلافة العباسية ووقوع بغداد بأيدي المغول الذين عاثوا فيها فساداً استطاع المماليك إنقاذ مصر والشام من مصير مشابه، واستطاع المملوكي سيف الدين قطز صد المغول في معركة عين جالوت عام 1260، وتعاقب المماليك على حكم مصر والشام والحجاز إلى أن قرر سلطان الدولة العثمانية سليم الأول ضم أراضي المماليك إلى دولته، فهزمهم في معركة مرج دابق عام 1516. مع ذلك بقي للمماليك سلطة في مصر حتى بعد قدوم العثمانيين، لكن هذا النفوذ اقتلع من جذوره في عهد حاكم مصر محمد علي باشا صاحب "مذبحة القلعة" التي وقعت عام 1811.
ففي ذلك الوقت كان المماليك مدعومين من قِبَل الإنجليز، بينما كان محمد علي باشا يدين بالولاء للدولة العثمانية، وكان هناك صراع على الحكم بين علي باشا والمماليك. وبعد عدة أحداث شعر فيها محمد علي بالتهديد قرر التخلص من المماليك إلى الأبد.
فقام بدعوتهم إلى حفل أقامه في قلعة صلاح الدين الأيوبي بالقاهرة، وذلك بمناسبة تولي ابنه محمد طوسون قيادة الجيش، وبعد أن انتهى الاحتفال استدرج المماليك ليتجمعوا في مكان واحد ثم أطلق عليهم الجنود الرصاص حتى امتلأ فناء القلعة بالجثث، ومن نجا منهم من الرصاص، ذُبِحَ على أيدي الجنود. ولم ينجُ من "مذبحة القلعة" سوى مملوك واحد يدعى "أمين بك" تمكن من الهرب إلى الشام.