من المقرر أن يتم نقل حجر رمزي قديم من قلعة إدنبرة باسكتلندا إلى العاصمة لندن، إذ يُعد الحجر الذي يُسمى بحجر القدر، رمزاً أساسياً سيُستخدم في مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث الجديد، خلفاً لإليزابيث الثانية.
حجر أسطوري بأبعاد تاريخية
كانت بداية ارتباط الملكية البريطانية بهذا الحجر، عندما استولى الملك إدوارد الأول (1239 – 1307) عليه بعدما كان يُستخدم في تنصيب الملوك الاسكتلنديين لقرون متعاقبة، وقام بوضعه ضمن عرش كنيسة ويستمنستر عام 1296.
ومنذ هذا الوقت ارتبط بتتويج الملوك، وصار حجراً أساسيا في العروش الرسمية بالمملكة، قبل أن يُعاد مجدداً إلى اسكتلندا عام 1996.
وبعد أن جلست الملكة إليزابيث الثانية فوق الحجر، عندما تُوجت رسمياً ملكة لبريطانيا ودول الكومنولث عام 1953، سيُتوج نجلها تشارلز الثالث أيضاً باستخدام الحجر ضمن المراسم، كما هو متبع في تاريخ المملكة.
إذن، من أين نشأ هذا الحجر السحري الأسطوري، ولماذا تم تكريمه من قبل الملوك القدامى ويراعي حاكم بريطانيا الجديد استخدامه في مراسم التتويج؟
حقيقة حجر القدر وصراع الملوك عليه
الحجر المعني ليس منحوتاً بشكل مزخرف، وليس مصنوعاً من أحجار كريمة نفيسة، بل هو مجرد كتلة مستطيلة بسيطة من الحجر الرملي الزهري، يبلغ طولها حوالي 650 ملم، وعرضها 400 ملم، مع وجود علامات إزميل واضحة على الجزء العلوي المسطح.
ووفقاً للمؤرخين في موقع قلعة إدنبرة للتاريخ، فإن حجر القدر هو "رمز قديم" و"كائن مقدس" تم استخدامه لقرون في تنصيب ملوك اسكتلندا.
ولكن في عام 1296، تم الاستيلاء على الحجر من اسكتلندا من قبل ملك إنجلترا، إدوارد الأول.
بعد أن سرقه إدوارد الأول في أوائل القرن الـ13، ظل حجر القدر في كنيسة وستمنستر آبي في العاصمة البريطانية لندن، إلى أن سرقه 4 طلاب اسكتلنديين في أعياد الميلاد نهاية عام 1950. وبعد 3 أشهر، تم العثور على الحجر على بُعد أكثر من 500 ميل، في المذبح العالي من دير أربروث باسكتلندا.
آنذاك، أُعيد حجر القدر إلى العرش في وستمنستر آبي، ولكن بعد 4 عقود تمت إعادته رسمياً إلى اسكتلندا، حيث تم الاحتفاظ به في غرفة التاج في قلعة إدنبرة هناك.
ثم في عام 2020، أعلن الوزير الأول الاسكتلندي، نيكولا ستورجون، عن خطط لنقل الحجر إلى مدينة بيرث الاسكتلندية، على ضفاف نهر الراي.
أساطير عديدة حول قدسية حجر القدر الأسطوري
تعود إحدى الأساطير إلى العصور التوراتية، التي تذكر بحسب موقع Historic UK للتاريخ، أنه الحجر نفسه الذي استخدمه نبي الله يعقوب كوسادة في بيت إيل.
ووفقاً للأسطورة اليهودية كذلك، فقد أصبح الحجر قاعدة تابوت الهيكل.
يُعتقد أنه قد تم إحضار الحجر لأول مرة من سوريا إلى مصر من قبل المحارب جاثيلوس الإغريقي، الذي فر بعد ذلك إلى إسبانيا بعد هزيمته من قِبَل الجيش الفرعوني في مصر، بعدما تحالف مع النبي موسى وبني إسرائيل.
وفقاً لبعض الأساطير الاسكتلندية، فإن الحجر قد تم إحضاره إلى اسكتلندا عبر مصر وإسبانيا وأيرلندا إما من قبل النبي إرميا، أو ابنة فرعون "سكوتا" التي تزوجت من المحارب الإغريقي جاثيلوس، بحلول عام 700 قبل الميلاد.
وتنص هذه الرواية على أنه في الواقع حجر يعقوب التوراتي من سفر التكوين، الذي كان وفقًا للعهد القديم في الدين اليهودي هو ما استخدمه النبي يعقوب وسادة عندما رأى رؤيته الشهيرة عن وجود دَرَج يؤدي إلى الجنة، والذي أصبح معروفاً في التوراة بسلم يعقوب، وفقاً لموقع ويلز الرسمي.
ومن ثم تم الاستيلاء عليه من قبل الاسكتلنديين السلتك، الذين قاموا بغزو اسكتلندا واحتلالها. وفي حوالي عام 840 ميلادياً، تم تغليف الحجر وأُضيف في مقعد كرسي التتويج الملكي.
وكان جون دي باليول آخر ملوك اسكتلندا الذين توجوا فوق الحجر عام 1292، قبل أن يغزو إدوارد الأول ملك إنجلترا اسكتلندا عام 1296 وينقل الحجر (وغيره من الرموز الاسكتلندية) إلى لندن.
وهناك، في وستمنستر آبي عام 1307، بُني له عرش خاص، يُدعى كرسي التتويج ليكون رمزاً لتتويج ملوك إنجلترا بصفتهم ملوك اسكتلندا أيضاً.
أسباب عودة الحجر الأسطوري الوشيكة للندن
وبعد أن أُعيد حجر القدر بشكل رسمي إلى اسكتلندا قبل ربع قرن، في عيد القديس أندرو في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1996، إلى قلعة إدنبرة، فإنه سيعود الآن لفترة وجيزة إلى لندن لتتويج الملك تشارلز الثالث، تمشياً مع اتفاق رسمي مُبرم منذ عقود مع شعب اسكتلندا.
إذ كانت آخر مرة استخدم فيها حجر القدر لمثل هذه الوظيفة في عام 1953، لتتويج والدة الملك الجديد، التي توفيت يوم الخميس، 8 سبتمبر/أيلول عام 2022، في بالمورال باسكتلندا.
وأكدت هيئة البيئة التاريخية في اسكتلندا أن الحجر التاريخي سيقطع مسافة 500 ميل متجهًا جنوبًا للمرة الثالثة في تاريخه. وقال متحدث إن حجر القدر سيذهب إلى الدير استعداداً للتتويج ثم يُعاد إلى اسكتلندا، حيث يتم عرضه عادة في غرفة التاج بالقلعة ، إلى جانب أشياء تاريخية أخرى.
وفي عام 2020، أعلن الوزير الأول في اسكتلندا، نيكولا ستورجيون، عن خطط لنقل الحجر الرملي الخشن ذي اللون الوردي، والمعروف أيضاً باسم حجر السكون، إلى مدينة بيرث، حيث تم تركيبه لأول مرة في الدير هناك حوالي عام 841 ميلادياً.