عند زيارة ولاية أوريغون الأمريكية، عادة ما يجد الزوار العديد من الوجهات السياحية المعروفة والمطاعم التي يجب تجربتها، لكن بعض هؤلاء الزائرين يتوجهون لتلك الولاية طلباً لنوع آخر من المتعة المشوبة بالغموض والإثارة.
إذ تشتهر قطعة أرض محددة تسمَّى "دوامة أوريغون" (Oregon Vortex) بغرائبها وظواهرها غير الطبيعية التي يصعب تفسيرها.
ما هي قصة دوامة أوريغون ومنزلها الغامض؟
مزرعة دوامة أوريغون، التي يتوسطها "منزل الغموض" أو House of Mystery، يقعان في بلدة تلة الذهب في جنوب ولاية أوريغون، ويجتذبان عدداً كبيراً من المتفرجين الفضوليين كل عام، الذين يرغبون في تجربة الأحداث الغريبة التي تحدث في المنطقة ويرونها بأم أعينهم.
تأسست المزرعة لأول مرة في عام 1930 من قبل الجيولوجي ومهندس التعدين الأسكتلندي جون ليستر، الذي فتح المنطقة للزوار حتى وفاته في عام 1959، وهناك أجرى آلاف التجارب.
حيث تجذب تلك المنطقة الزوار بسبب عدم التزامها بالقواعد الأساسية للفيزياء، مثلاً يظهر أي شخص يقف داخل المنزل وكأن قامته معوجة بشكل غريب، أو قد يبدأ طول قامة الشخص أطول بكثير عندما يقف في نقطة معينة من المنزل.
وعندما يسير شخص داخل نصف قطر 165 قدماً من الدوامة نحو الشمال المغناطيسي، يبدو أن قامته تتقلص إلى ارتفاع أقصر، وعندما يمشي باتجاه الجنوب المغناطيسي، يبدو أنه يزداد طولاً.
كما تتدحرج الكرات لأعلى على أرضية المنزل المتهالك عند ركلها، متجاوزة بذلك قوانين الجاذبية المعهود دون تفسير.
ومع ذلك، طرح العديد من الأشخاص نظريات على مر السنين حول سبب حدوث أشياء غريبة في دوامة أوريغون، ولكنّ هناك الكثيرين أيضاً ممن يقولون إن الأمر كله مجرد وهم بصري وخدع يحيكها المشرفون على المزرعة لتعزيز حركة السياحة في المكان.
"أرض مُحرمة" تخاف الخيول من المرور عبرها
شعب "تاكلما" من السكان الأصليين للمنطقة كانت تسمى دوامة "الأرض المحرمة"، حيث كانت خيولهم ترفض دخول المنطقة الواقعة بحجم نصف ملعب كرة قدم.
نظرية ليستر حول تلك المزرعة الغامضة وأسباب الظواهر الغريبة فيها هي أنها تقع في مجال طاقة الكرة الأرضية. هذا المجال نصفه فوق الأرض ونصفه تحتها، وقطره أقل بقليل من 50 متراً، ما يتسبب في حدوث هذه الأشياء المنافية لقوانين الفيزياء المعهودة.
ومع ذلك يخبرنا التاريخ أن هذا المكان كان عبارة عن كوخ فحص تم بناؤه من قِبَل شركة Old Gray Eagle Mining Company للتعدين عام 1904، كانت مهمته وزن وقياس نقاء الذهب الذي كان عمال المناجم ينقبونه في مكان قريب.
في نهاية المطاف، يبدو أن الكوخ قد توقف عن وظيفته بسبب نوع من الاضطراب الجيولوجي، على الأرجح فيضان حدث عام 1910، حيث غرق في هبوط أرضي شوه بناء المنزل بصورة غريبة.
ووفقاً للمالكة الحالية للمزرعة "ماريا دي كوبر"، في تصريحها لموقع That Oregon Life للمنوعات، بعض الناس يزورون دوامة أوريغون للتخفيف من آلام الظهر؛ لأن الجاذبية في تلك المزرعة ليست كأي بقعة أخرى في العالم تقريباً، ما يخفف من حمل الجسم على نفسه، بحسب المالكة، التي أشارت أيضاً أن تلك الظواهر غير المفهومة دائماً ما تتضاعف عند اكتمال القمر.
ومع ذلك، وبغض النظر عن الكوخ المتهدم وسط المزرعة، لا توجد علامات مادية تشير إلى وجود أي شيء غريب في قطعة الأرض الصغيرة.
وقد أطلق عليها ليستر اسم "الدوامة" لمجرد اعتقاده أن الكرة غير المرئية المحيطة بالمنطقة تخلق "دوامة" من القوة غير القابلة للتفسير.
تفسيرات أكثر منطقية للظاهرة
قضى ليستر سنوات في إجراء آلاف التجارب في تلك المزرعة، وقام بتجميع أبحاثه في كتيب أطلق عليه اسم "Notes and Data".
في الكتاب أدرج العديد من النظريات التي كانت لديه حول أصول الدوامة: الذرات الملتوية، والمغناطيسات الكهربائية في باطن الأرض، وحتى الآلة العملاقة تحت الأرض التي خلفها الفضائيون في عصور ما قبل التاريخ.
لكن على مر السنين، حاول الكثير من الزوار المتشككين فهم الظواهر الغريبة التي تحدث في منزل الغموض ومزرعة دوامة أوريغون.
وبالفعل خلص البعض إلى عدة تفسيرات، مثلاً قد تبدو الكرات وكأنها تتدحرج صعوداً للأعلى لأن جدران وأرضية منزل الغموض مائلة بزوايا مختلفة.
وتعمل الخلفية المشوهة للبناء على تغيير منظور الزائرين لحركة الكرة، ولكن في الواقع تظل قوانين الجاذبية سليمة تماماً كما تحددها علوم الفيزياء، بحسب موقع All That's Interesting للمعرفة.
حقيقة أم خدعة موضوعة بعناية؟
على الرغم من سنوات بحث الفيزيائي وعالم الجيولوجيا ليستر، يبدو أنه ربما كان مدركاً تماماً للحقيقة وراء منزل الغموض ومزرعة الدوامة.
ووفقاً لموسوعة أوريغون، عندما افتُتحت "بقعة غامضة" مماثلة في سانتا كروز، بولاية كاليفورنيا عام 1939، رفع ليستر دعوى قضائية ضدهم بسبب انتهاكات حقوق النشر.
لكن سرعان ما سحب ليستر دعواه مخافة التحقيق في حقيقة مزرعته وكونها منافية للطبيعة فعلاً أم لا.
وبغض النظر عن الحقيقة وراء دوامة أوريغون، يجلب المكان، كل عام، آلاف الزوار الذين يرغبون في رؤية الظواهر الغريبة بأنفسهم، إذ إنه حتى وإن كان ميل المنزل المتهالك واعوجاجه سبباً في تفسير كل شيء، لماذا خافت خيول السكان الأصليين بالمنطقة من دخول هذا المكان؟
وبالنسبة للكثيرين من الناس، فإن الغموض الذي يحيط بالدوامة، سواء كانت علمية مفهومة أم خارقة للطبيعة، لا يزال مجرد لغز يثير الفضول والحماس.