تداولت الصحف العالمية أنباء نجاح تعويم السفينة "AFFINITY V" السنغافورية الناقلة للنفط التي جنحت لمدة قصيرة في قناة السويس المصرية؛ ما تسبب في توقف حركة الملاحة فيها بشكل وجيز.
وبحسب شبكة CNN الأمريكية، قالت هيئة قناة السويس إن عمليات قطر السفينة أعادت تعويم ناقلة نفط التي كانت عالقة لفترة وجيزة جنوب قناة السويس مساء الأربعاء، نتيجة لعطل فني أصابها في الدفة أثناء توجهها إلى ميناء ينبع على البحر الأحمر في السعودية.
وذلك قبل أن يتم تدارك المشكلة وتعود حركة المرور والملاحة بالقناة إلى طبيعتها.
ووقع الحادث في نفس الامتداد الجنوبي من القناة، حيث جنحت سفينة الشحن العملاقة "Evergreen"، لمدة 6 أيام في مارس/آذار عام 2021، مما أدى إلى تعطيل التجارة العالمية.
هذه الأعطال التي تسببت في وقف العمل والملاحة بالكامل في قناة السويس لم تكن هي الحوادث الوحيدة التي أوقفت حركة التجارة العالمية اليومية عبر القناة، إذ واجهت قناة السويس مناسبات مختلفة عطلتها كلياً عن العمل؛ سواء لأسباب سياسية أو مناخية أو بعد اندلاع حروب في المنطقة.
قناة السويس شريان حيوي للتجارة العالمية
قناة السويس هي ممر مائي مصري يربط بين أوروبا وآسيا، وهي مسؤولة عن تسهيل حوالي 12% من إجمالي التجارة العالمية، بحسب مجلة Quartz للأعمال والاقتصاد.
وتقدر مجلة Lloyd's List الاقتصادية للأعمال أن تعطُّل القناة يكلف 400 مليون دولار في الساعة الواحدة بسبب البضائع المتأخرة.
وهو ما يجعل أي عطل يوقف حركة الملاحة عبر قناة السويس بمثابة كارثة اقتصادية للعديد من الدول وليس مصر فحسب، بسبب أهمية العمليات التجارية التي تتم من خلالها على مدار الساعة.
ومع ذلك، فقد شهدت قناة السويس عوائق أسوأ من مجرد سفينة ضخمة تعلق في منتصف مجراها، ووصل ببعض تلك الأزمات أن عطلت سير العمل عبر المجرى المائي المهم لمدة سنوات متصلة.
وبحسب هيئة قناة السويس، وهي الجهة المصرية الرسمية التي تقوم بصيانة وتشغيل الممر المائي المهم، فقد أُغلقت قناة السويس 5 مرات على الأقل منذ افتتاحها للملاحة عام 1869.
بينما تشير الصحف المصرية إلى أن الإغلاقات التي شملت كافة الأسباب وصل إجمالي عددها منذ افتتاح القناة لـ10 مناسبات مختلفة.
- إذ تم إغلاق قناة السويس للمرة الأولى أمام حركة الملاحة العالمية في أعقاب ثورة عرابي عام 1882، نتيجة الأحداث التي شهدتها البلاد والمقاومة العرابية لمنع الاحتلال الإنجليزي لمصر، ودام الأمر لمدة يومين.
- أما المرة الثانية، التي تم فيها إغلاق قناة السويس أمام حركة الملاحة، فكانت عام 1885، عندما اصطدمت كراكة مع سفينة، ما تسبب في تعطيل الملاحة لمدة 11 يوماً كاملة.
- كما تم إغلاق القناة للمرة الثالثة، عام 1905، عندما اصطدمت سفينتان ببعضهما البعض في مجرى القناة، ما أدّى إلى اشتعال النار في إحداهما، وتسبّب في تعطيل الملاحة 10 أيام.
تعطيل القناة بسبب الحروب
علاوة على ما سبق، فقد تسببت الحروب العالمية في إغلاق القناة مرتين، الأولى كانت في العام 1915، حينما توقّفت الملاحة في القناة بسبب الحرب العالمية الأولى وغرق عدد من السفن في بورسعيد.
أما المرة الثانية بسبب الحرب فكانت أثناء الحرب العالمية الثانية لفترة بين 1940 وحتى 1942.
تلا ذلك في العام 1956 إغلاق جديد للقناة وقع بسبب العدوان الثلاثي على مصر الذي شنته كل من إسرائيل وبريطانيا وفرنسا.
بينما كانت أكبر فترة إغلاق شهدتها القناة هي الفترة التي أعقبت خسارة حرب يونيو/حزيران 1967، وامتدت حتى فترة ما بعد انتصار أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل في حرب 1973، وتحديداً في العام 1975.
وبسبب هذا الإغلاق اضطرت السفن حينئذٍ إلى المرور عبر طريق رأس الرجاء الصالح والالتفاف حول إفريقيا، حتى افتتحها الرئيس أنور السادات في 5 يونيو/حزيران عام 1975 بعد توقيع اتفاقية فض الاشتباك الثاني بين مصر وإسرائيل.
إغلاقات متفرقة بسبب الحوادث
شهد العقد الخامس من القرن الماضي أيضاً، بخلاف الحروب التي تسببت في تعطيل حركة الملاحة العالمية والتجارة عبر القناة، إغلاق القناة عام 1952 بسبب غرق إحدى السفن في مجراها.
ثم في عام 2006، استقر قارب آخر في الممر المائي. إذ تسببت العواصف الرملية والرياح العاتية في انجراف سفينة شحن حمولتها 93 ألف طن، بزاوية خاطئة، مما أدى إلى انسداد مؤقت في القناة.
ومع ذلك، تمكنت القاطرات من تحرير سفينة الشحن في غضون 8 ساعات. في ذلك الوقت، كان حوالي 8% من إجمالي التجارة العالمية يمر عبر قناة السويس فقط، وهو أقل بكثير من الحجم اليوم.
بعد واقعة التعطيل الأطول في تاريخ قناة السويس التي امتدت منذ حرب النكسة في 1967، وحتى وإعادة العمل في المجرى المائي المهم في 1975، كانت واقعة تعطيل القناة في مارس/آذار من العام 2021 الماضي، بسبب جنوح حاملة الحاويات العملاقة "Evergreen" الذي استمر ما يقرب من أسبوع حتى نجحت جهود تعويم السفينة، هي الأحدث والأكثر تكبيداً للاقتصاد المصري والدولي.
بعدها بنحو 6 أشهر فقط، جنحت ناقلة سائبة في قناة السويس يوم 9 سبتمبر/أيلول عام 2021، مما دفع السلطات إلى تعليق حركة المرور لفترة وجيزة في الممر المائي الدولي قبل إعادة تعويمها.
وقالت هيئة قناة السويس آنذاك إن انسداد القناة حدث في الامتداد الغربي، حيث علقت ناقلة البضائع السائبة المسجلة في بنما كورال كريستال 20 كيلومتراً شمال الإسماعيلية.
وقالت هيئة القناة إن الأمر استغرق 15 دقيقة حتى تصل زوارق القطر إلى السفينة لتحريرها والسماح للسفن المتجهة جنوباً العالقة خلفها باستئناف رحلتها.
بعدها كان آخر إغلاق لقناة السويس أمام حركة الملاحة الحادث الوجيز الواقع في 31 أغسطس/آب عام 2022 الجاري، حينما تعطلت السفينة "AFFINITY V" السنغافورية الناقلة للنفط في جنوب القناة.