سادت حالة من الحزن بين نشطاء مناصرين لحماية السكان الأصليين لغابات الأمازون بعد وفاة رجل يُقال إنه كان آخر من تبقى من سلالة قبيلته من السكان الأصليين في منطقة الأمازون البرازيلية، وفق ما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، الأحد 28 أغسطس/آب 2022.
الصحيفة قالت إن الرجل كان مجهول الهوية ومائلاً إلى الغموض والعزلة ولا يُعرف إلا باسم Índio do Buraco، أي "رجل الحفرة المنتمي إلى السكان الأصليين"؛ لأنه قضى معظم حياته مختبئاً أو ملتجئاً إلى حفرة حفرها في الأرض، ومع ذلك فقد وُصف بأنه ذو شخصية آسرة ولافتة للأنظار.
مقاومة "رجل الحفرة" في الأمازون
تعرضت أرض رجل الحفرة لهجمات متعاقبة على مدى عقود وقُتل رفاقه وأهله، فمالَ إلى مقاومة كل محاولة للتواصل معه، ونصب الفخاخ وأطلق السهام على أي شخص اقترب منه في غابات الأمازون البرازيلية.
قالت سارة شنكر، الناشطة في منظمة Survival International الدولية المعنية بحقوق شعوب السكان الأصليين، إنه "بعد ما شهده من مذابح فظيعة لحقت بأهله وما أدركه من غزو لأراضيه في الأمازون، تمسَّك برفض أي تواصل مع الغرباء، وعدَّ ذلك أنجع وسيلة للبقاء على قيد الحياة".
أضافت شنكر: "لقد كان آخر من تبقى من قبيلته، ومن ثم تكون قبيلة أخرى قد انقرضت بوفاته، ولا نقول اختفت كما يزعم بعض الناس، فالانقراض عملية أقرب إلى التنظيم والإبادة الجماعية من مجرد الاختفاء".
لا يعرف المسؤولون سوى القليل عن الرجل، لكنه بما اتسم به من استقلال حازم وعزلة حزينة استدعى لنفسه هالة من الغموض الآسر، واستحوذ على انتباه النشطاء ووسائل الإعلام في جميع أنحاء البرازيل والعالم.
قال مارسيلو دوس سانتوس، المستكشف المتقاعد الذي كان يراقب رجل الحفرة ويرعاه عن بُعد لمصلحة مؤسسة Funai الوطنية للسكان الأصليين في البرازيل، إن رجل الحفرة "لم يكن يثق بأي أحد لما لقيَه من تجارب مؤلمة مع الناس من غير السكان الأصليين".
قال دوس سانتوس إنه ومسؤولين آخرين من منظمة Funai لطالما تركوا لرجل الحفرة هدايا من الأدوات والبذور والطعام، لكنه لم يقبلها قط.
قتلوا أفراد قبيلته بسُمّ الفئران
تقول مزاعم إن أصحاب مزارع مخالفين للقانون في الأمازون استدرجوا قبيلة "رجل الحفرة" في وقت ما من ثمانينيات القرن الماضي بهدايا من السكر، ثم أعطوهم سم الفئران الذي قتلهم وأهلك ماشيتهم.
اكتُشفت وفاة رجل الحفرة بعد أن وجد مسؤول في مؤسسة Funai جثمانه على أرجوحة شبكية في حالة تحلل. ويقول المسؤولون إنه غطى جسده بريش ذي ألوان زاهية استعداداً للموت، ويقدرون بأن الرجل كان يبلغ من العمر نحو 60 عاماً.
تشير تقديرات المنظمات المعنية بحقوق السكان الأصليين إلى أن عدد القبائل المتبقية يتراوح بين 235 إلى 300 قبيلة، وإن كان يصعب تحديد رقم دقيق لأن بعض القبائل ليس لها تواصل يذكر مع المستوطنين.
كما يُزعم أن ما لا يقل عن 30 قبيلة تعيش في مجاهل غابات الأمازون ولا يُعرف شيء عن أعداد أهلها ولا لغتهم ولا ثقافتهم.
قال مرصد حقوق الشعوب الأصلية المعزولة (OPI) إن مسؤولي مؤسسة Funai رأوا الرجل أول مرة في منتصف التسعينيات. وقد عثر نشطاء في محيطه على بقايا أراضٍ كانت مزروعة، ثم دمرها غزو مزارعي الماشية، وبقايا مساكن جرفتها الجرارات. ووجد النشطاء أيضاً حفرة كبيرة محفورة باليد.
لطالما كانت المنطقة الواقعة على طول حدود البرازيل مع بوليفيا عرضةً للهجوم، وما زالت، من أصحاب المزارع والمنقبين عن المعادن وقاطعي الأشجار الطامعين في مواردها الطبيعية الثمينة.
شيَّدت مؤسسة Funai سياجاً يحيط بالمنطقة التي كان الرجل يقيم فيها، ليتمكن من العيش دون معوقات، ثم أُعلنت المنطقة محمية رسمية في عام 1997.
يُذكر أن عدد القبائل التي تتعرض أراضيها للتهديد قد ارتفع منذ أن تولى الرئيس اليميني المتطرف، جايير بولسونارو، السلطة في عام 2018. وأشارت مجموعة Cimi الحقوقية إلى تزايد الحملات المسجلة على أراضي السكان الأصليين من 109 في عام 2018 إلى 305 حملة خلال العام الماضي.