بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية، انقسمت أوروبا إلى مساحات سياسية متعددة ومتناحرة، ما تسبب في حرب مستمرة وبدء ما يُسمى بـ"العصور المظلمة".
وفي ظل النظام الإقطاعي في العصور الوسطى، أصبحت حياة الفلاحين صعبة للغاية ومضنية. وغالباً ما كان العمل يبدأ عند الفجر وينتهي عند غروب الشمس.
على الرغم من عدم وجود الطب الحديث أو التكنولوجيا أو العلوم التي نعرفها اليوم، إلا أن الفلاحين كانوا يمارسون العديد من أشكال وأنماط الترفيه والطقوس اليومية الغريبة، من بينها المصارعة، وعراك الديكة وغيرها.
ومع ذلك، في بعض الأحيان، كانت تلك الطقوس التي مارسوها خلال العصور المظلمة أكثر سوداوية وكآبة مما قد يتخيله معظم الناس.
موعد مع رجل من خلال مسابقات التفاح!
عبر تاريخ أوروبا القديم، كان التفاح يرمز دوماً إلى الرومانسية والخصوبة والتجديد والازدهار وكل ما هو متعلق بالحظ الجيد والرخاء.
وفي العصور الوسطى، كانت مسابقات التمايل على التفاح والتقاطع بالفم بينما الأيدي مقيدة خلف الظهر هي طريقة للتعارف بين الرجال والنساء غير المتزوجين في البلدات.
إذ كان يتم جمع أعداد من بقايا التفاح الفائضة من الحصاد ووضعها في دلاء كبيرة. ويكون على التفاح أسماء مختلفة لقرويين من الذكور.
ثم تحاول عذراوات القرية إخراج التفاح باستخدام أفواههن بالطريقة السالف ذكرها، ويكون لديهن 3 فرص للحصول على تفاحة للحصول على موعد مع رجل قروي.
حرق القطط خوفاً من الشيطان!
بينما كانت بعض الحضارات القديمة، مثل قدماء المصريين، يعبدون القطط كآلهة، فقد ربطها الأوروبيون في العصور الوسطى بالشيطان.
ووصل الأمر بتلك المخاوف إلى القانون الديني، عندما أصدر البابا غريغوري التاسع قراراً ثورياً بابوياً يُدعى "Vox in Rama" في 13 يونيو/حزيران عام 1233 ميلادياً، وفيه قال إن الشيطان يأخذ هيئة القطط في كثير من الأحيان، وإن عبدة الشياطين يمارسون سحرهم الأسود بتقبيل مؤخرات القطط للتقرُّب من الشيطان وامتلاك بعض من قدراته.
وحول القرار، يقول دوق مدينة يورك، إدوارد، بإحدى كتاباته في القرن الرابع عشر الميلادي: "القطط البرية الشائعة يعرفها كل صياد في إنجلترا، وزيفها وحقدها معروفان لنا جيداً. ولكنّ هناك شيئاً واحداً أجرؤ على قوله، وهو أنه إذا كان لدى أي وحش على الأرض بعض من روح الشيطان بداخله، فهو بلا شك القطة، سواء البرية أو التي يتم ترويضها".
كذلك فقد ارتفع رهاب القطط هذا خلال الطاعون الدبلي في منتصف القرن الرابع عشر؛ لأنه كان من الشائع أن القطط هي التي تنشر البكتيريا القاتلة وليس الفئران.
في هذه الأثناء، في عهد البابا إنوسنت الثامن في القرن الخامس عشر، تم حظر القطط تماماً تزامناً مع حملة الكنيسة على ما وصفتهم بـ"سحرة" أوروبا.
كما احتفل الدنماركيون في العصور الوسطى أيضاً بمهرجان يسمى Fastelavn، حيث حرق الفلاحون القطط السوداء. وكانوا أيضاً يضعون قطة داخل برميل ويعلقونها على شجرة ويضربونها حتى الموت.
"الرياضات" السادية في العصور المظلمة
لم يتمكن فلاحو العصور الوسطى من الصيد لأنه كان ممارسة محصورة لفئات راقية من المجتمع، وقد يؤدي إلى عقوبة السجن أو الإعدام العلني.
لكن كان لديهم هوايات أخرى ممتعة، وهي الرياضات الدموية القاسية.
على سبيل المثال كان اصطياد الدب رياضة دموية شائعة بشكل خاص، وكانت أكثر جذباً للمشاهدين من صراعات الديكة المشهورة.
وبحسب موقع History of Yesterday للتاريخ وقعت الفعاليات في مدن كان الفلاحون يمشون أميالاً لمشاهدة الحدث فيها. وفيها كان يتم ربط دب شرس بالسلاسل في حفرة ضحلة نسبياً، ثم يتم إطلاق سراح الكلاب على الدب ومشاهدة الصراع بينهما.
في كثير من الأحيان يقتل الدب الكلاب، ما يسعد الجماهير ويثير حماستهم بشكل أكبر.
كرة القدم الدموية وسقوط ضحايا!
فقد تجاوزت الألعاب الدموية هذا المدى، من خلال مباريات الكرة الوحشية التي كان معتاداً وقوع ضحايا فيها.
على عكس كرة القدم الحديثة التي نعرفها اليوم، كانت كرة القدم في العصور الوسطى أكثر عنفاً، على غرار لعبة الركبي للكرة في بريطانيا اليوم.
ويتشارك في اللعبة مئات الأشخاص، عادة من قريتين متنافستين. ثم ينقسم المشاركون إلى فريقين.
كان اللاعبون يركلون الكرة بهمجية ويتعثرون ويقاتلون بعضهم من أجل الكرة دون أية قوانين تُذكر لإدارة اللعب.
وكانت مواقع تسديد "الأهداف" متباعدة بحوالي ميلين إلى 3 أميال عن بعضها؛ ما أدى إلى مباريات طويلة عنيفة أدت إلى العديد من الوفيات في نهاية المطاف.
الطلاق بعد معركة على البقاء بين الزوجين
تم توثيق الممارسة الغريبة للطلاق في العصور الوسطى عن طريق القتال بين الزوجين لأول مرة من قبل الألماني المدير للمبارزات هانز تالهوفر.
ففي مخطوطة Fetch Buch أو "كتاب المبارزة" الذي كتبه عام 1467، تضمنت إجراءات الطلاق مباريات إراقة دماء بين الزوجين.
ووفقاً للتعليمات، يتم وضع الزوج حتى وسطه في حفرة عرضها 3 أقدام محفورة في الأرض، مع تقييد إحدى يديه خلف ظهره. كان من المفترض أن تكون المرأة مسلحة بـ3 صخور، وزن كل منها ما بين 1 و5 أرطال (أقل من كيلوغرام للحجر)، وكل واحدة ملفوفة بقطعة قماش.
"لم يستطع الرجل ترك جحره لكن المرأة كانت حرة في الركض حول حافة الحفرة. إذا لمس الرجل حافة الحفرة بيده أو بذراعه، فعليه أن يسلم إحدى هراواته إلى القضاة". أما إذا ضربته المرأة بحجر وهو يفعل ذلك، فإنه يصادر إحدى حجارتها، وفقاً للمخطوطة.
وقد سُجلت حالات الطلاق الأولى عن طريق القتال في ألمانيا في العصور الوسطى، والتي أصبحت نادرة الحدوث لاحقاً بعد أوائل القرن الثالث عشر.
مقاضاة الحيوانات ومحاكمتها
على الرغم من أن الحيوانات لم يكن لديها فكرة عما يحدث، إلا أنها كانت تتعرض للمحاكمات القضائية خلال العصور الوسطى في أوروبا.
ووفقاً للمؤرخ إدوارد ب. إيفانز الذي وثق في كتابه الصادر عام 1906 بعنوان "العقوبة الجنائية ومقاضاة الحيوانات"، فقد كان يتم محاكمة حتى الفئران الجامحة، وتوجيه "خطاب نصيحة ودية لحملها على ترك أي منزل، حيث كان يُعتبر وجودها فيه أمراً غير مرغوب فيه".
وكانت إحدى أكثر حالات مقاضاة الحيوانات شهرة وتوثيقاً في هذا الصدد هي وفاة صبي يبلغ من العمر 5 سنوات عام 1457 في مدينة سافيني، بفرنسا.
إذ شهد القرويون خنزيراً كبيراً و6 من الخنازير الصغيرة يهاجمون الطفل بشكل قاتل أدى إلى وفاته في نهاية المطاف، ما أدى إلى إجراء محاكمة كاملة بحضور المدعين العامين لـ8 من الشهود وقاضٍ، بالإضافة لمحامي دفاع عن الخنزير البالغ.
وفي تلك القضية، حكمت المحكمة أن الخنزير هاجم الطفل المتوفى. وتم تبرئة الخنازير الصغيرة بسبب صغر سنها. ثم في النهاية، تم شنق الخنزير من رجليه الخلفيتين على شجرة حتى الموت.
في حين أن محاكمة الحيوانات في العصور الوسطى قد تبدو متطرفة اليوم، فقد هيمنت ذات مرة على ساعات لا حصر لها من مواعيد المحاكم.
إذ لم يكن الأمر يتطلب سوى تقديم شكاوى جنائية ضد حيوانات مثل الماعز والخيول والكلاب لهذه الإجراءات، وذبحها أو شنقها بسبب سوء سلوكها المزعوم.
وبحسب موقع All That's Interesting للمنوعات والمعرفة، كان السبب وراء هذا الحدث مشابهاً لمفهوم حرق القطط في العصور الوسطى. إذ اعتقد المسيحيون الأوروبيون في العصور الوسطى أن الله قد منحهم السيادة على الأرض، وأنهم كانوا مسؤولين عن ضمان تسلسل هرمي صارم للقوانين المتعلقة بالسلوكيات الأرضية.
لحسن الحظ، لم يعد أي من تلك الطقوس والممارسات الغريبة يحدث في يومنا الحالي.