أثار منشور متداول على فيسبوك، لأحد الأطباء، الجدل بين مستخدمي وسائل التواصل، بعد أن نفى المنشور وجود شيء اسمه "جرثومة المعدة"، مع التحذير بأن معظم حالات الأورام المتأخرة تُشخّص بذلك.
وجاء في نصّ المنشور المكتوب من قبل العميد السابق للمعهد القومي لأمراض الكبد والجهاز الهضمي وأستاذ الجراحة العامة وجراحة وزراعة الكبد د. محمد فتحي عبد الغفار: "مفيش جرثومة المعدة، معظم حالات الأورام المتأخرة بتجيلي بقالها شهور بتتعالج من جرثومة المعدة!!".
وتسبب ربط جرثومة المعدة بالأورام بحالة من الرعب والحيرة بين بعض المستخدمين، ولا سيما بين الأشخاص الذين تشخّصوا بالجرثومة ولديهم تاريخ في تلقي العلاج لأجلها.
فيما فتح المنشور نقاشاً آخر بين الأطباء وأصحاب التجارب كذلك، فقد اعتبر البعض أن هناك أطباء يستسهلون التشخيص بجرثومة المعدة ويتغافلون عن الأمراض الجدية الأخرى، كما يتسبب ظهور جرثومة المعدة في التحاليل إلى دفع بعض الأطباء لاعتماد التشخيص لفترات طويلة دون التفكير بإجراء التنظير الباطني على مرضاهم.
وسرد مستخدمون آخرون تجارب أليمة حصلت معهم ومع ذويهم، تأخر بها تشخيص الورم السرطاني بسبب التشخيص بجرثومة المعدة.
ما علاقة تشخيص جرثومة المعدة بالأورام؟
تواصلت "عربي بوست" مع الدكتور محمد فتحي عبد الغفار لتوضيح النقاط التي أُثير عليها الجدل، وتحدث الدكتور من واقع خبرته بهذا الأمر وتجربته مع المرضى أصحاب حالات الأورام الذين يُعاينون لديه.
وأوضح د. عبد الغفار أنه لا يقصد عدم وجود جرثومة معدة بالمطلق، بل يقصد المرضى الذين يأخذون علاجاً للجرثومة ولا يجدون تحسّناً في حالاتهم، وعندها يفترض على هذه الحالات البدء في البحث عن الأسباب الأخرى وراء الأمر.
ونوّه د. عبد الغفار أن الكثير من الناس مصابون بجرثومة المعدة ولا يُظهرون أيّة أعراض من الأساس.
واعتبر د. عبد الغفار أن المشكلة الكبرى التي تواجه هذه الحالات، هي حالة المرضى ممن نمت لديهم الأورام، لكن عند قيامهم بالتحليل الجرثومي ليأتي التحليل بنتيجة إيجابية، أي يتبين وجود الجرثومة لديهم، فيتابع المرضى في أخذ العلاج لجرثومة المعدة، ولا ينتبهون لوجود الورم لديهم.
وتحدث د. عبد الغفار عن حالات لمرضى أورام البنكرياس ممن عاينهم، وكان الورم قد تطوّر لديهم بينما هم منهمكون في علاج جرثومة المعدة لديهم لأشهر قبل أن يعرفوا بالورم.
ويرسل الدكتور رسالةً في منشوره للانتباه إلى احتمال وجود الأورام والتأخر باكتشافها بسبب التشخيص بالإصابة بجرثومة المعدة، وأنّ النقطة التي ينصح بها المرضى أن يبحثوا عن أسباب الأعراض التي لديهم إذا ما عالجوها ولم تُظهر أيّ تحسن.
جرثومة المعدة منتشرة للغاية
ليست جرثومة المعدة، أو بكتيريا الملوية البوابية بمسمّاها العلمي، موجودةً فحسب، بل هي العدوى البشرية الأكثر شيوعاً في العالم.
وتتراوح التقديرات للأشخاص المصابين بها بين 50% إلى 75% من سكان العالم، وتنتشر بكثافة خاصة في الدول النامية، إذ يُقدّر انتشارها بنسبة أكثر من 90% لدى البالغين في هذه البلدان، ويُعزى ذلك للظروف الاجتماعية والاقتصادية السيئة السائدة.
لا يعرف الكثيرون بإصابتهم بجرثومة المعدة؛ إذ إنها لا تسبب الأعراض المرضية لحاملها بالضرورة.
تشمل الأعراض المعروفة لجرثومة المعدة، عسراً في الهضم، وألماً في المعدة (خفيف أو حارق)، فقداناً للوزن غير مخطط له، الغثيان والقيء، الانتفاخ، التجشؤ، فقدان الشهية… وغير ذلك.
توجد طرق للوقاية من جرثومة المعدة أو على الأقل تخفيف احتمالات الإصابة بها، وتتضمن إجراءات النظافة المعروفة والحرص على شرب واستخدام المياه النظيفة والعناية الخاصة بغسيل اليدين.
بكتيريا الملوية البوابية من الحالات القابلة للعلاج، وعادةً ما يستغرق الأمر من أسبوع إلى أسبوعين من العلاج للتحسّن، وقد يختلف على حسب نوع العلاج المُعطى.
إلا أنّ دراسة وجدت أن هذه البكتيريا هي العامل الأكثر تسبباً بسرطان المعدة من بين العوامل الأخرى، وهو مرض نادر نسبياً مقارنةً بالأنواع الأخرى للسرطان.
لا يعني أن الإصابة بجرثومة المعدة ستقود إلى السرطان، لكن بقاء عدوى بكتريا الملوية البوابية لفترة طويلة دون علاج قد يؤدي لزيادة مخاطر الإصابة بها.