سلَّمت إسبانيا الثلاثاء 2 أغسطس/آب 2022، إلى فرنسا جزيرة الفزان التي تتشارك الدولتان الأوروبيتان في ملكيتها منذ 360 عاماً؛ حيث ستقوم باريس بإدارتها لستة أشهر قبل أن تعود مجدداً لمدريد، فما قصة هذه الجزيرة المشتركة؟
صحيفة The Times البريطانية قالت في تقرير لها إن جزيرة الفزان غير المأهولة التي يبلغ طولها حوالي 200 متر، وهي أصغر أرض ذات ملكية مشتركة بين أكثر من دولة حول العالم، استضافت شخصيات ملكية وأيضاً الروائي الفرنسي فيكتور هوغو، لكنها تخلو من طائر الفزان.
نُظمت مراسم عسكرية الثلاثاء في الجزيرة التي تتخذ شكل المعين، والتي تقع على بعد 20 متراً من الشاطئ الفرنسي و 10 أمتار من الشاطئ الإسباني في نهر بيداسو، بين بلدة أونداي الفرنسية ومدينة إرون الإسبانية.
حسب الصحيفة البريطانية، سوف تظل ملكية الجزيرة فرنسية حتى شهر فبراير/شباط القادم، لكنها سوف تعود إلى إسبانيا مرة أخرى حتى أغسطس/آب الذي يليه، وهي فترات مشاركة ملكية الجزيرة القائمة منذ 360 عاماً، عندما صارت الجزيرة رمزاً للسلام بين البلدين.
توجد 8 أراضٍ ذات ملكية مشتركة لأكثر من دولة حول العالم، وتعد القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا)، هي الأكبر على الإطلاق؛ إذ تتشارك في ملكيتها 29 دولة. لكن جزيرة الفزان تحمل التاريخ الأكثر رومانسية.
جزيرة الفزان أو "المؤتمرات"
يطلق الفرنسيون على الجزيرة اسماً آخر أيضاً، وهو "جزيرة المؤتمرات"، وقد اختيرت لتكون أرضاً محايدة للتفاوض بين إسبانيا وفرنسا على اتفاقية سلام ثنائية خلال حرب الثلاثين عاماً التي مزقت أوروبا، عندما أُعلن عن وقف الأعمال العدائية في 1648.
بعد 11 عاماً و24 اجتماع قمة، وُقِّع أخيراً صلح البرانس هناك؛ حيث يوجد نصب تذكاري لهذه المناسبة.
للاحتفاء بهذه المناسبة، تزوَّج لويس الرابع عشر ملك فرنسا من ماريا تيريزا، ابنة فيليب الرابع ملك إسبانيا، على الجزيرة. وكُلّف رسام البلاط الإسباني دييغو بيلاثكيث بتنظيم مظاهر الاحتفال؛ حيث بنيت الجسور الخشبية لتيسير الوصول إلى الزوارق الملكية وعربات نقل الشخصيات الملكية إلى مراسم الزواج.
صدَّقت الزيجة الملكية على اتفاق السلام، وصارت جزيرة الفزان رمزاً لاستمرار الاتفاقية؛ حيث تؤول ملكية الجزيرة إلى إسبانيا من شهر فبراير/شباط حتى نهاية يوليو/تموز كل عام، ثم تنقل الملكية إلى فرنسا سنوياً في شهر أغسطس/آب وحتى نهاية شهر يناير/كانون الثاني.
أشار خوسيه أنطونيو سانتانو، عمدة مدينة إرون الإسبانية، بصورة أكثر ابتذالاً إلى العواقب العملية لنقل ملكية الجزيرة سنوياً بقوله إن مدينته توفر أموال قص الحشائش.
قال سانتانو مازحاً: "إننا ننظف الشجيرات الصغيرة بين شهري فبراير/شباط وأغسطس/آب. وبالطبع، لدى الفرنسيين الخريف والشتاء لقص الحشائش". "لديهم حظ أكبر وعمل أقل"، وإن كانت عوامل التعرية تعني أن مساحة الجزيرة تتآكل.
اشتكى فيكتور هوغو، مؤلف رواية البؤساء، خلال زيارة له عام 1843 من عدم وجود أي من طيور الفزان. ففي واقع الأمر سجل الرومان الجزيرة باسم "بوسوا"، التي تعني الممر باللغة الباسكية. ترجم الفرنسيون الكلمة إلى "بايزانس"، التي حُرّفت في نهاية المطاف إلى "فيزان" أو "الفزان".