تمر في رؤوسنا يومياً آلاف الأفكار العابرة، وفكرة واحدة منها قد تمر برأس إنسان فتغير حياته تماماً، سواء كان هذا الإنسان بالغاً عاقلاً أو في طور النمو، أو حتى الطفولة، وهذا ما قد يكون أمراً مثيراً للدهشة، فعادة أدمغة الأطفال تكون غير مكتملة النمو، ولكن ارتفاع نسب الذكاء أو معدل الابتكار قد يجعل الأمر أكثر بساطة على الصغار أن يخرجوا بأفكار إبداعية لاختراعات مفيدة.
وللتدليل على ما سبق سنجد أن هناك مجموعة من أصغر المخترعين في التاريخ الحديث ابتكروا أشياء لم يفكر فيها أحد من قبل، وقد لا تبدو مدهشة اليوم؛ إلا أنه عندما نتذكر أن هؤلاء الصغار عاشوا في أزمنة وحقب اختلفت عن زمننا المعاصر، وكانت الأشياء التي اخترعوها رائدة برغم بساطة بعضها؛ ندرك أن هؤلاء المبتكرين والمخترعين قدموا شيئاً عظيماً في التاريخ الحديث.
لويس برايل.. ثورة في عالم التواصل
العالم الحديث اليوم مدين للمخترع والمحاضر الفرنسي لويس برايل الذي طّور أشهر طريقة للقراءة للمكفوفين اليوم، والتي قدمها للعالم عام 1824 بعد أن درس لغة التواصل في أحد معاهد باريس لفاقدي البصر، وكانت طرق التواصل والتعليم آنذاك صعبة، وأكثر تعقيداً مما هي عليه الآن.
لويس الصغير بدأ تطوير طريقة النقاط البارزة للترميز للحروف وهو في سن الـ12 عاماً فقط، وكان واحداً من أبرز الطلاب هناك، واشتهر بذكائه المتقّد، بعدها تم اعتماد طريقة برايل في أكثر من مؤسسة في فرنسا، وبحلول القرن العشرين كانت الطريقة البارعة تنتشر في كل أنحاء أوروبا والعالم تدريجياً.
هوراشيو اكتشف العلكة في سن السادسة عشر
في أوائل ثلاثينات القرن العشرين كان الصبي الأمريكي "هوراشيو آدامز" يعمل في الورشة الملحقة بمنزل والده عندما لاحظ أن هناك وعاء مملوءاً بالصمغ الطبيعي الخام والذي يستخرج من النخيل الصحراوي المكسيكي، ولما كان الصبي ذو الخمسة عشر عاماً مغامراً وشغوفاً قام بآخر ما يمكن توقعه: أكل قطعة من الصمغ.
وبما أن الصمغ كان مستخرجاً لدناً طبيعياً لم تكن المخاطرة كبيرة، ولكن النتيجة كانت غير متوقعة؛ إذا كانت تلك البداية للاختراع الأشهر في تاريخ الحلوى: العلكة "اللبان"، والذي قام بتطويره هورايتو آدامز وأضاف إليه نكهات مختلفة كانت أولاها حلوى "عرق السوس" الأسود الشهيرة، ومن بعدها تطورت حلوى المضغ الشهيرة حتى صارت جزءاً من الثقافة الشعبية في كل بلاد العالم تقريباً.
أصغر مخترعين في التاريخ.. فيلو فارنزوورث
فيلو فارنزوورث كان طفلاً أمريكياً واسع الخيال، ولد عام 1906، وكان سابقاً عصره وزمنه بحسب وصف سيرته الذاتية، وفي سن 11 عاماً فقط جلس فارنزوورث يتخيل آلة يمكنها عرض الصور المتحركة في خياله، ولكن هذه الفكرة الشاطحة آنذاك لم تكن إلا البداية لشيء أكبر، شيء غيّر طبيعة عالم الترفيه للأبد.
فيلو فارنزوورث أول من نُسب إليه اختراع التلفاز بعد أن رسم مخطوطاً للتلفاز وهو في سن الحادية عشر، والذي بعدها استطاع والده أن يسوّقه لإحدى أكبر الشركات التكنولوجية آنذاك Bell Telephone Laboratorie التي أسسها المخترع غراهام بيل والتي قدمت للعالم أول تجربة لجهاز تلفاز ناجح عام 1927، وبعدها لم يعد عالم الترفيه كما كان.
بليز باسكال والحاسبة الميكانيكية
يدين علم الرياضيات والحسابات اليوم بالكثير لمبتكر أول آلة حاسبة ميكانيكية في العالم "بليز باسكال"، والذي طورها في سن 16 إلى 18 عاماً، ولد باسكال في 19 يونيو/حزيران 1623 في مدينة "كليرمون فيران" الفرنسية، وكان أبوه مُحاسب ضرائب- كانت تسمى آنذاك جامع ضرائب- وعالم رياضيات بارعاً، وقد استطاع أن يوجه اهتمام ابنه الصغير نحو عالم الحسابات والرياضيات.
وفي سن 16 عاماً، كان بليز يتخيل ماكينة تسهل إجراء العمليات الحسابية ليساعد والده في جمع الضرائب. فقام بتصميم الآلة الحاسبة المُبسطة والتي كانت تعمل بالتروس والرافعات المعدنية عام 1642، والتي تطورت لاحقاً للحاسبة متعددة العمليات الحسابية التي نعرفها اليوم.
فرانك إيبرسون.. مصاصة المثلجات اللذيذة
في صيف عام 1905 كان الصبي الأمريكي "فرانك إيبرسون" يساعد أحد أقاربه في محل المرطبات في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، وذات يوم كان الصبي يصنع خليط الماء مع مسحوق نكهة الفواكه والصودا والذي من المفترض أن يكون مشروباً غازياً يقدمه المتجر للزبائن؛ ولكنه غادر المتجر بنهاية اليوم وترك الخليط في المبّرد ونسي إطفاء الجهاز.
ولكنه عندما عاد صباحاً وتلقى التوبيخ من قريبه على إهماله؛ قرر أن يأكل الخليط الذي تجمد تماماً وأصبح قالباً كبيراً، ولكنه عندما أكله شعر بانتعاش كبير ومتعة لا تضاهيها متعة، وهنا جاءته الفكرة البسيطة العبقرية: صناعة مصاصات مثلجة من خليط العصائر؛ والتي تعرف اليوم باسم Popsicle أي مصاصة المثلجات.