قبل الحديث عن أغرب مكونات العطور، يجدر بالذكر أن المصادر التاريخية قد تختلف حول أول من استخدم العطور في التاريخ، فالبعض يعيدها إلى مصر القديمة بحسب علماء الآثار، والبعض يعيدها إلى اليونان القديمة، وربما حضارة بلاد ما بين النهرين، ورغم التقارب التاريخي بين الحضارات الثلاث إلا أن الجميع قد يتفق بلا جدال أن العطور ابتكرت بالأساس للاستمتاع بعبيرها، وتأثيرها المريح والطيب على المشاعر البشرية، ولكن ما قد لا يعرفه الكثيرون أن صنع عطر مميز بعينه يتطلب الكثير من الدقة والمعرفة في أصول هذه الصناعة.
وقد يتفاجأ البعض أيضاً أن هناك بعض المكونات التي تستخدم في صناعة العطور الثمينة قد تبتعد تماماً عن الروائح الرائعة الطيبة، التي عادة ما تقترن بزجاجات العطر، وإليك بعضاً من أغرب مكونات العطور غير المتوقعة التي تدخل في هذه الصناعة الشهيرة.
الكافيار.. من المائدة للعطر
اشتهر الكافيار بأنه من الأكلات باهظة الثمن التي عادة ما توجد على موائد الأثرياء، ولكن استطاع أحد أبرز مصممي الموضة والعطور، الفرنسي "ثيري موغلر"، تطوير تقنية جديدة للتقطير الجزيئي molecular distillation، والتي مكنته من استخلاص خامة لمادة أولية دخلت في تصميم أحد العطور التي ينتجها.
المادة المستخلصة من الكافيار ليست بالطبع هي المكون الأساسي للعطر، ولكنها أضافت للعطر عبيراً غنياً يوحي بالثراء والرفاهية، بحسب وصف من استخدموه.
ماذا عن فول الصويا الأخضر؟
الفول الأخضر من أبرز المقبلات في العديد من المطابخ العالمية، ويتم استخلاص نوتة (مصطلح في عالم العطور يشير إلى العبير الأساسي أو الأوليّ للمادة الخام) أساسية من فول الصويا الأخضر في صنع أول عطر نسائي في 2015 باسم B. Balenciaga Skin Balenciaga.
لاحقاً استخدم فول الصويا الأخضر في مجموعات كبيرة من العطور الثمينة، والتي تميزت باستخدام الأثرياء والمشاهير لها، وأصبحت ذائعة الصيت في المتاجر الكبرى.
أغرب مكونات العطور: البارود!
يقترن البارود عادة بالأسلحة النارية والطلقات والحروب، ولكن الأمر الآن يختلف، فالتكنولوجيا الحديثة مكّنت بعض صانعي العطور من استخدام الخلاصة العطرية للمادة المتفجرة، المكونة من الكبريت والفحم ونترات البوتاسيوم، في إضافة نوتة إلى أحد أنواع العطور النسائية: Flowerbomb Nectar Perfume.
الرائحة القوية "الدخانية" للبارود تعطي لمسة "رجالية" للعطر النسائي الذي استخدم البارود بنسبة ضئيلة لإضافة عبق خاص للعطر الثمين.
وشرائح لحم الخنزير أيضاً
مكون آخر غريب تم استخدامه في العطور، "البيكون" في الدول الغربية هو أحد مكونات الإفطار الشائعة، وعادة ما يستخلص من الأجزاء الدهنية من الحيوان -عادة الخنزير في بلاد الغرب- ويشتهر برائحته الدهنية القوية.
في عام 2010 استطاعت إحدى شركات التجميل أن تستخلص تقطيراً لمادة مستخلصة من شرائح البيكون ومزجها مع الملح وبعض الزيوت العطرية، ثم تقطير الخليط كله مرة أخرى، واستخدام جزء منه مع زيوت أخرى مستخلصة من الفواكه لصنع عطر Fargginay، الذي تناولته العديد من وسائل الإعلام الأمريكية بالسخرية، ولكنه لا يزال يباع بشكل رسمي حتى اللحظة.
تاريخ قديم لنبات الصبار
نبات صحرواي شهير باستخدامه في منتجات التجميل والمستحضرات الدوائية بجوار تاريخ استخدامه القديم في العديد من الحضارات، ولكن مذاقه المرّ يجعل له رائحة غير طيبة بالنسبة لعطر، ولكن الأمر يختلف عند التقطير وإضافة الخلاصة إلى زيوت أخرى.
زيت الصبار ليس فقط هو ما يتم استخلاصه من النبات الشوكي الشهير؛ لكن هناك أيضاً بعض شركات صنع العطور تستخدمه بشكل مقطر ونِسب دقيقة لمزجه مع العطور الرجالية والنسائية، والتي من أبرزها العطر الرجالي الثمين Xeryus Rouge Cologne من إنتاج شركة Givenchy الفرنسية المتخصصة في العطور.
رائحة جسد حيوان الزباد
حيوان الزباد أو قط الزباد Civet هو حيوان ليلي، ينتمي إلى ما يعرف باسم فصيلة (الروامس) الثديية، وعادة ما يعيش في آسيا الاستوائية وإفريقيا، وبشكل خاص في الغابات الاستوائية.
اشتهر قط الزباد بأن له رائحة جسد نفاذة، وعادة ما تكون عطرية على الإطلاق، ولكن بعض الباحثين استطاعوا استخلاص "مسك" خاص من غدة معينة من جسد الزبّاد، وتكون مسؤولة عن إنتاج رائحة جسده المميزة، وأطلقت شركة الموضة والعطور الشهيرة Calvin Klein عطراً رجالياً باسم Obsession Cologne يحتوي على عطر جسد حيوان الزبّاد. وبجوار استخدام عطره اشتهر الزباد أيضاً بأحد أشهر أنواع حبوب القهوة، وتعرف باسم كوبي لواك Kopi luwak، والتي يأكلها الزباد ولكنه لا يستطيع هضمها، ويتم استخلاصها من فضلاته لاحقاً، وتتميز بمذاق فريد وغني، ويصل سعر الكيلوغرام منها إلى 1200 دولار.