بعد سنوات من الجدل، وتصدُّر عناوين الصحف في قضية نسب ونفقة أطفال الممثل المصري أحمد عز من الفنانة زينة، قررت محكمة مستأنف الأسرة بمدينة نصر، الثلاثاء 21 يونيو/حزيران، إلزام عز بنفقة بلغت نحو 42 ألف جنيه إسترليني للطفلين، في الدعوى التي أقامتها زينة ضده.
القضية أعادت الأذهان لقوانين النفقة المستحَقة للزوجة والمطلقة وأطفالها في مصر والدول العربية الأخرى، وما إن كانت مسنونة بالفعل باعتبارات العصر الحديث ومتطلباته، وإذا ما كانت منصفة للأسرة التي ينفصل فيها الطرفان.
نشطاء اعتبروا إنصاف المحكمة للممثلة المصرية زينة أتى بعد مماطلات طويلة، بسبب ضعف القوانين وعدم فاعليتها في إثبات حق الزوجة والأطفال بعد الطلاق، بينما رأى آخرون أنه لولا شهرة طرفي القضية لما أنصفت المحكمة الأطفال فعلاً.
فيما يلي نستعرض متى تستحق المرأة النفقة من زوجها أو طليقها، ونلقي نظرة على قوانين الأحوال الشخصية في بعض الدول العربية فيما يتعلق بهذا الخصوص.
حق النفقة للمرأة في مصر
صرّح محمود مصطفى، المحامى المختص بالشأن الأسرى، لصحيفة اليوم السابع المصرية، بأن قانون الأحوال الشخصية في البلاد يستوجب على الزوج دفع النفقة للمرأة من تاريخ العقد بينهما.
وفي حال الطلاق، يستلزم للزوج دفع مؤخر الصداق المثبت فى عقد الزواج أو بشهادة الشهود، ونفقة المتعة (التي تقدَّر بنفقة 24 شهراً من النفقة الشهرية). علاوة على نفقة العدة (والتي تقدَّر بنفقة 3 شهور من النفقة الشهرية)، والشبكة والمنقولات.
كما تشمل نفقة الأولاد في حضانة الأم المطلقة من زوجها: الغذاء والكسوة والمسكن ومصاريف العلاج، إضافة إلى مصروفات المرافق والتعليم وغير ذلك، بما يقضي به الشرع المأخوذ به في قوانين الدولة وفقاً للإسلام.
ونصَّت تعديلات المادة 16 في مشروع قانون الأحوال الشخصية المُعدل في مايو/أيار 2022، على تقدير نفقة الزوجة بحسب حال الزوج وقت استحقاقها (يسراً أو عسراً)، على ألا تقل "النفقة في حالة العسر عن 1500 جنيه، في مدة أقصاها ستين يوماً"، وهو المبلغ الذي يعادل 80 دولاراً أمريكياً تقريباً.
وعلى القاضي أن يقدِّر قيمة تلك المبالغ وفقاً للتحريات والدلائل التي تقدم من الزوج أو الزوجة، وإقرارات الذمة المالية المقدَّمة منهما للمحكمة.
أما بالنسبة لقيمة النفقة بناء على راتب الزوج، فإن 25% من دخله يجب أن يُخصَّص للزوجة أو المطلقة والأولاد. وفي حدود 40% من الراتب إذا كان هناك أكثر من طفل، بحسب موقع القانون للحقوق في الدستور المصري.
قانون النفقة في السعودية
أما عن قانون المملكة العربية السعودية، فإن نفقة الأولاد تكون حقاً للأبناء وللزوجة حتى تستطيع تربيتهم. سواء كان الزواج مستمراً أو حتى بعد الطلاق، أو حتى في حال الخُلع بقرار المحكمة.
وعليه فإن النفقة الشرعية واجبة على الأب، وحق لأبنائه في جميع الأحوال، سواء كان للذكور أو الإناث حتى يبرز سبب يُسقط النفقة عنهم.
ومع ذلك، فإن من بين "شروط إسقاط النفقة" بعض التعبيرات الفضفاضة التي يعتقد البعض أنه كثيراً ما يُساء استخدامها في بعض القوانين العربية استغلالاً للنصوص الدينية في هذا الشأن، لتسهيل تنصُّل الزوج من مسؤولياته تجاه أولاده وطليقته.
ومن بين تلك التعبيرات ضمن شروط إسقاط حق النفقة عن الزوج "ألا تكون الزوجة ناشزاً"، أي إنها "الزوجة التي لا تطيع زوجها دون سبب شرعي".
لكن بشكل عام، لم يفرض القانون السعودي نفقة محددة للأولاد، حيث تختلف النفقة الواجبة من شخص لآخر، وذلك وفق العديد من المعايير المتعلقة بالزوج ومدى غناه ودخله الشهري.
ويمكن أن يتم الأمر بالاتفاق على مبلغ محدد من النفقة بين الزوجين، أما إذا حصل خلاف بينهما، فيكون الأمر متروكاً للقاضي في تحديدها.
وتجدر الإشارة إلى أن النفقة بحسب العُرف حتى عام 2022 في السعودية تتراوح ما بين 1000 و1500 ريال سعودي تقريباً، بما يعادل 266 دولاراً و400 دولار أمريكي في الشهر.
ولا يعد هذا المبلغ ثابتاً، حيث يمكن أن يزيد أو ينقص حسب وضع الأب وإثباتات الحالة المادية المقدَّمة للمحكمة، بحسب موقع الصفوة للمحاماه والشؤون القانونية في السعودية.
قانون نفقة المرأة المطلقة في المغرب
ينص القانون المغربي على طرق حساب قيمة النفقة بعد الطلاق وفقاً لعدة أسس، أهمها المستوى المعيشي للطرفين قبل الطلاق.
وتُعد القاعدة الأساسية لتقدير قيمة النفقة بعد الطلاق في المغرب للزوجة هي: فترة الزواج وسبب الطلاق الذي فسخ عقد الزواج، كما يراعي القاضي قبل الحكم مستحقات الأبناء بعد الطلاق، وحساب متوسط الأسعار في الدولة وقت تناول القضية.
كما تشتمل النفقة على الغذاء والكسوة والعلاج، بجانب ضروريات التعليم الخاصة بالأبناء.
يحكم القاضي بتكاليف السكن على الزوج من الأجر الذي يقتضيه لضمانة استمرار دفع النفقة للزوجة، وكفالة مصاريفه الشخصية في إعالة نفسه.
ومع ذلك، لا تقبل المحكمة تقديم طلب زيادة في النفقة أو التخفيف منها قبل مضي عام على الحكم بها إلا في حالات استثنائية، وعادة ما تستهلك هذه القضايا من شهر فما فوق للبت في حُكمها وصدور قراراتها النهائية.
ويحق للمرأة، وفقاً لقانون الأحوال الشخصية في الدستور المغربي: حق مؤخر الصداق والنفقة، وحق أجرة الحضانة عند وجود أبناء غير بالغين في حضانتها، والتي عادة ما تكون بمبلغ زهيد لا يتجاوز 100-200 درهم مغربي، بما يعادل ما بين 10 إلى 20 دولاراً أمريكياً في الشهر، بحسب موقع Maroc Juridique لتوضيح مواد القانون في المغرب.
وعلاوة على ما سبق، حق نفقة الأولاد من الزوج يستمر حتى بلوغ الطفل سن الرشد (18 عاماً)، وحتى إنهاء دراسته الجامعية في سن 25 عاماً إذا كان طالباً محصّلاً لتعليمه العالي وفقاً للدستور المغربي.
نفقة الزوجة والمطلقة في الأردن
لطالما كانت قضية نفقة المرأة من زوجها، قبل الطلاق أو بعده، محل جدل في دولة الأردن. حيث انتقدت مؤسسات حقوقية عديدة أن نصوص القوانين التي تضمن هذا البند لا توفر "الحد الأدنى" لاحتياجات الفرد بما يتلاءم مع العصر الحديث ومقومات الحياة الأساسية.
إذ تشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن متوسط الحكم بنفقة الأولاد ارتفع بعد مطالبات من 78.4 دينار في 2020 إلى 81 ديناراً أردنياً تقريباً عام 2021، وهو ما يعادل 114 دولاراً أمريكياً، وهو المبلغ الذي ترى المنظمة أنه لا يرقى لتوفير متطلبات الإنسان وفقاً لأوضاع الدولة وكلفة المعيشة.
ودعت "تضامن" إلى إعادة النظر بالنفقة التي يُحكم بها للزوجة والأولاد، باعتبارها "لا تكفي الحد الأدنى المنصوص عليه في المادة 64 من قانون الأحوال الشخصية، كون معدل النفقة المحكوم بها يشمل القوت والكسوة والسكن والعلاج".
وتابعت الجمعية في تقرير لها صدر في فبراير/شباط عام 2021 أن متوسط النفقة التي تحكم بها المحاكم الشرعية لا يتناسب والظروف المعيشية والأوضاع الاقتصادية الحالية.
مشيرة إلى أن "النساء والأطفال بشكل خاص يعانون خلال الرحلة الطويلة الممتدة من إقامة الدعوى الى إثبات دخل الزوج، وانتهاء بتحصيل النفقة هذا من جهة، كما يعانون من ضعف المبالغ المحكوم بها وعدم تناسبها وكفايتها لتلبية الاحتياجات المعيشية الأساسية من مأكل وملبس وتعليم وصحة من جهة أخرى".
وبشكل عام، يلفت موقع المحامون العرب الأردني للحقوق والقضايا إلى أن نفقة الطفل واجبة على الأب بحسب قانون الأحوال الشخصية الأردني، بحيث يكون مقدارها وفقاً لحالة الأب المادية.
بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يتّفق الزوجان بينهما بالتراضي على مبلغ معين من المال، وذلك بغضّ النظر عن المقدار.
أما في حال الخلاف عليه وحدوث نزاع بينهما، فالقاضي هو من يقرر مقدار النفقة. بالإضافة إلى ذلك فإن نفقة الطفل تشمل أن يقوم الأب بتأمين مسكن وكسوة له، وتأمين كافة احتياجاته.
وهي واجبة حتى يبلغ الأولاد الذكور السن الذي يعتبرون فيه عاقلين ولديهم القدرة على الكسب. أما بالنسبة للإناث فتكون إلى حين زواجهن.
نفقة المرأة المطلقة وأولادها في الإمارات
وفقاً لقانون الأحوال الشخصية الإماراتي، فقد تختلف نفقات المرأة المطلقة والطفل من 1500 درهم إلى 3000 درهم فما فوق. ويتم تحديد هذه المبالغ من قبل المحكمة، مع مراعاة الدخل الشهري للزوج.
ويحق للمرأة الإماراتية بعد الطلاق أن تحصل على نفقة المتعة والمهر ومؤخر الصداق.
ومع ذلك، لا يمكن تحديد نفقة الطلاق، سواء بالنسبة للمطلقة الوافدة أو المطلقة المواطنة، بشكل دقيق، نظراً لأن الوضع الاجتماعي والحالة المادية مثل الراتب أو الممتلكات التي تحقق دخلاً شهرياً أو سنوياٌ للزوج، تلعب دوراً كبيراً في تحديد مستحقات الزوجة، ويجب أن يقدرها القاضي حسب السلطة التقديرية المخولة إليه، واستناداً للتحقيقات وشهادات الشهود.
ويشير موقع UAE 29 الإماراتي، إلى أنه بحسب قانون الطلاق في الإمارات، فإن نسبة نفقة الزوجة المطلقة والأبناء في حضانتها من أرباح الزوج الشهرية يجب ألا تتعدى 60% من صافي مدخول الزوج الشهري بعد اقتطاع الضرائب والديون الشهرية عليه، إذا وُجدت.
وتقدَّر نسبة النفقة المقتطعة من الدخل الشهري للزوج بحساب بعض التكاليف والإسكان والخدمات والتعليم. أما إذا كان الزوج يستطيع توفير السكن المناسب لإعالة الزوجة والأبناء، فيمكنه عندئذٍ تقليل نسبة النفقة بشكل كبير.
كما لا تستفيد الزوجة من المبلغ المخصص للسكن إذا كان لديها منزل يفي بالمتطلبات الكافية لاحتضان الأبناء.
وبحسب معدلات الرواتب الأكثر شيوعاً ومتوسط الدخل الشهري في الإمارات العربية المتحدة، فمن حق الزوجة المطلقة (مواطنة كانت أم وافدة) أن تحصل شهرياً من إجمالي دخل الزوج على ما يلي:
- إذا كان صافي دخله 5000 درهم إماراتي أو أقل: مصاريف المطلقة ستكون من 700 إلى 1000 درهم إماراتي.
- إذا كان صافي دخل الزوج بين 10.000 و20.000 درهم: ستكون مصروفات طليقته ونفقة الأبناء من 1200 إلى 1500 درهم.
- إذا كان الدخل الصافي للرجل بين 30.000 و50.000 درهم: ستكون مصروفات المرأة المطلقة من 2000 إلى 3000 درهم.
- أما إذا كان الراتب الصافي 60 ألف درهم إماراتي فأكثر: فنفقة المطلقة ستكون 5000 درهم إماراتي فأكثر، وذلك بحسب موقع جذور الإماراتي للأعمال.
جدير بالذكر أن الدولار الأمريكي يعادل 3.67 درهم إماراتي.